جاءت فكرة هذه الدراسة بوصفها مشروعًا بحثيًا علميًا متكاملا على قاعدة
أساسية قوامها : اثر الحرية في ابتكار حالة التوأمة الطبيعية بين الثقافتين الإبداعية
البصرية، و الإبداعية الفكرية من خلال علاقتهما بالمبدعين من فنانين و مثقفين
و علاقتهما بالبيئة و
الثقافة على قاعدة التواصل و الاتصال و ذلك في محاولة جادة
لاستعادة دور الدراسات الإبداعية باعتبارها أحد المحاور التي تلتقي عليها مؤتمرات
الحضارات و الثقافات لكي تعيد الاعتبار إلى لغة الفكر و الحوار الحر، و تعزز التمسك
بالقيم و الأخلاق و التراث. و ترفع راية الثقافة الإبداعية الحرة في محاولاتها الجادة
للكشف عن تنوع الاتجاهات المعاصرة التي تزاوج بين الأصالة و الحداثة، و المهنة
و الاحتراف، و الفن و الإبداع، و الجمال و الخير و الحرية....؟
مسألة التراث بين التأثر و التأثير أحد الموضوعات الهامة التي تشغل الباحثين المعاصرين
و المختصين و المهتمين، و لما كان التراث يشكل جانباً بارزاً و هاماً في كيان الفنون على العموم
و الأعمال الفنية التشكيلية على وجه الخصوص جاءت هذه الدراسة محددة الأهدا
ف واضحة
الدلالات بحيث استطاع الباحثان الوقوف على مفهوم التراث بين اللغة و الاصطلاح، بهدف
استعراض هذا المفهوم بشكل موسع بقصد استخلاص رأي و مفهوم معتدل يلائم الكثير من
المهتمين، ثم التعرض لمفاهيم ترتبط بشكل متلازم مع التراث و هي الأصالة و التأصيل،
و المعاصرة، ثم ربط هذا الاستعراض مع واقع بعض الفنانين المعاصرين الذين استفادوا من
التراث الشرقي بشكل عام و التراث العربي الإسلامي بشكل خاص و من هؤلاء الفنان هنري
ماتيس و الفنان بيكاسو، و الفنان بول كلي، و فازاريلي و غيرهم. أولئك الذين أخذوا من الفن
المصري القديم، و من موضوعات الفن الإسلامي و الخط العربي بعض أفكارهم في أعمالهم
الفنية، بحيث خلصت الدراسة إلى استنتاجات هامة أبرزها أن للتـراث العربي
و الإسلامي (الشرقي) دوراً و إسهاماً مقبولاً في تاريخ الحركة الفنية المعاصرة و في أعمال الفن
المعاصر مما ينفي الزعم القائل بوجود قطيعة ما بين التـراث و المعاصرة.