ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

قصدت هذه الدراسة إلى بيان فلسفة التعليل المتكئ على الانطباع في التفكير اللغوي، و بحث كيف يكون الانطباع و الذوق وسيلة من وسائل التعليل في عند اللغويين، فليس كل ما في اللغة رهين الأدلة اللغوية المتداولة في أصول النحو سماعاً و قياساً، بل ثمّة حيز للانطب اعات الذوقية، و مساحة للآراء الشخصية و الانطباعات الذاتية و لو لم تخضع هذه المساحة لبراهين العلم الموضوعية، و قد اتخذت الدراسة من بدر الدين العيني (855-762هـ = 1361 - 1451م ) نموذجاً لبيان هذه الفكرة من خلال كتابه "شرح المراح في التصريف". فسعت هذه الدراسة إلى تناول تعليل من نوع خاص سميناه "التعليل الانطباعي"، و هو جملة الانطباعات التي اتخذها اللغوي وسيلة تعليل في الاستدلال على مسألة لغوية تتقاطع مع ما تفضي إليه العلل و الأدلة اللغوية ، بوصفه تعليلاً مسانداً أو رديفاً لها. و "التعليل الانطباعي" هو من لدن وحدة الشخصية الإنسانية، إذ لا يمكن أن يتجرد الإنسان من ذوقه و انطباعاته في بحث مسألة من مسائل العلم، و إذا كان علم الصرف من العلوم القائمة على المنطق المجرد و القواعد الموضوعية المحكومة بأقيسة و موازيين، فإنَّ التعليل فيه لا يخلو من بث اللغوي بعض انطباعاته الذوقية في معالجة المسألة الصرفية. و هو ما نحاول تسويته و بيانه.
حاولت هذه الدراسة الوقوف على ظاهرة من ظواهر الأداء اللغوي هي: "الترنم"، إذ تتجلى في هذه الظاهرة كيفية أداء الّنص اللغوي و تنوع وسائلها اللغوية، التي قد تكون بإشباع حركة أو بإضافة لاحقة أو إبدال مدّ أو حذفه. و خلصت الدراسة إلى أنَّ الترنم هيئة مقصودة من الأداء الصوتي تغلب في الشعر، و تقوم على المدّ و الترجيع؛ لتحقيق التطريب من خلال المد بالحركات الطويلة أو الاستعانة بلاحقة غالباً ما تكون لاحقة التنوين. و ليس الترنم مقصوراً على تنوين الترنم، بل يتحقق في بعض أنواع التونين الأخرى. فالترنم بالنون جائز لا إشكال فيه و إن خالف رأي بعض النحويين، لما للنون من قيمة إيقاعية محببة، و غنّة ذات ترددات موسيقية متناسقة. كما خلصت الدراسة إلى أنَّ الترنم يختلف عن الإنشاد الذي لا يعدو رفع الصوت بالإلقاء من غير تغنٍ أو تطريب، و مظهره إبدال المدة نوناً أو إلزام آخر الكلم التسكين.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا