ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يعدّ سعد الله ونوس من أبرز الباحثين عن أشكال فنية جديدة في المسرح العربي , و يتجلى ذلك من خلال بناء نصوصه المسرحية, التي تحمل مجموعة من المقومات الفنية الحديثة, فكما كان لأعماله المسرحية الأولى بناها الفنية التي كونتها و أعطتها أبعادها الفنية و الفكر ية, فإن نصوص التسعينيات أخذت لنفسها صبغتها المسرحية الجديدة فيالمبنى و المعنى معاً. و من المقومات الفنية التي شكّلت هذه المرحلة في كتابة النصّ المسرحي تقنية السرد, التي أدخلها ونوس بوصفها بنية رئيسة في أعماله المسرحية و منها مسرحية (يوم من زماننا)؛ إذ استخدم ونوس فيها تقنيات سردية متعددة أسهمت في إنتاج الدلالات و العلامات و حققت تكاملاً درامياً في بناء النصّ المسرحي.
لم يجد سعد الله ونوس حرجاً من التعبير عن النوازع و الأهواء الفردية, التي كان يعدّها أموراً برجوازية و بدأ يشعر بنوعٍ من الحرية التي آمن بها دائماً أنها الشرط الجوهري لتحقيق فعالية المسرح, و التي كان يفتقدها في إبداعاته السابقة, لأنه كان يفرض على نفسه نوعاً من الرقابة الذاتية, التي تحتّم عليه تجاوز كلّ ما هو ذاتي و فردي. لذلك نراه في مسرحية (طقوس الإشارات و التحولات) ينتقل من الحالة العامة إلى البنية الفردية ضمن سياق الجماعة؛ إذ يشير بقوة في هذا العمل إلى مفهوم الحرية الفردية من خلال التركيبة النفسية و تطويع الإرادة الكامنة في الذات الإنسانية. فيجعل الشخصيات تعبّر عن دواخلها بعيداً عن الوعظ الاجتماعي من خلال تحديد أفعالها الخارجية و الداخلية معاً, فقد تعامل ونوس بإتقان في رسم العلاقة التي تربط هذه الشخصيات بمحيطها الاجتماعي, موضحاً الانعكاسات التي طرأت على صفحة النفس الداخلية لكلّ شخصية, مع بناء الارتكاسات النفسية التي أسهمت في تحوّل كلّ شخصية من شخصيات المسرحية عبر مجموعة من الإشارات و الدلالات.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا