ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

اهتم العرب بعلم القيافة, و قد ساعدهم على ذلك طبيعة بلادهم الرملية, التي جعلت منهم رجال متمرسين في تتبع أثار الأقدام على الرمال, سواء أكانت لأفراد قبائلهم, أو لحيواناتهم التي اعتمدوا عليها في قطع القفار, كالجمال و الأحصنة, و كذلك من أجل إلقاء القبض عل ى السراق و المجرمين ممن يفرون من وجه العدالة و يتجهون إلى الصحاري هرباً من العقوبات المفروضة عليهم, و عندما جاء الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام, عزز مكانة هذا العلم, و أخذ به و شجعه, لذلك عملوا به و أعطوه مكانة متميزة بين العلوم, و هذا ما دل على أن العرب أمة قادرة على تكييف الظروف التي عاشت فيها بما يخدم مصلحتها.
يتحدث هذا البحث عن العلاقات بين بيزنطة و الغساسنة منذ نزول الغساسنة في شمال غرب الجزيرة (بلاد الشام) قادمين من جنوب شبه الجزيرة، كما يوضح كيف استطاع الغساسنة إثبات قوتهم العسكرية السياسية منذ بداية القرن السادس الميلادي سنة 500م من خلال تحركهم ضد ا لقوات البيزنطية في المنطقة ما لبث الغساسنة أن تقربوا من بيزنطة فسلبوا قبيلة سليح حلفاء بيزنطة مكانتهم، فتحالفوا مع بيزنطة فأصبحوا عمال مخلصين لها، و خاصة في أربعينيات القرن السادس الميلادي حيث حاربوا بجانبها ضد الفرس و عمالهم ملوك الحيرة، و نتيجة لذلك امتد نفوذ الغساسنة على منطقة شمال غرب شبه الجزيرة العربية مع أجزاء من شمال البحر الأحمر، كما يركز البحث على تطور العلاقات بين بيزنطة و الغساسنة التي تحولت إلى عداء في نهاية القرن السادس الميلادي مما جعل بيزنطة تنهي دور الغساسنة السياسي بأسر ملوكهم ثم نفيهم، و هرب أمرائها الباقين.
يتحدث هذا البحث عن موقع جنوب شبه الجزيرة العربية في حقبة ماقبل الإسلام، و مكانتها لدى الدول المحيطة بها كما يرصد البحث الاضطرابات السياسية التي حدثت في جنوب شبه الجزيرة العربية خلال القرن السادس الميلادي و دور الدول المحيطة بها (بيزنطة – الأحباش – ال فرس) في تأجيج نار الحروب فيها . حيث أدى تدخل بيزنطة و الأحباش فيها إلى احتلالها عام 524م و إسقاط الدولة الحميرية، و فرض نظام سياسي و عسكري و أداري جديد لم يقبل به مجتمع جنوب شبه الجزيرة العربية الذين استنجدوا بالفرس فأدى تدخل الفرس عام 575م إلى طرد الأحباش من جنوب الجزيرة العربية فرض نظامهم السياسي الجديد حيث استمر الوضع على هذا الحال حتى مجيء الإسلام لهذه المنطقة .
عاش العرب في بيئة صحراوية, اعتمدوا فيها على الينابيع المتفجرة, و إن لم توجد احتاجوا إلى البحث عن الماء و الاستدلال عليه و من ثم استنباطه و هو ما عرف عندهم بعلم الريافة, و الذي هو نوع من الفراسة إذ احتاجوا إلى البحث عن بعض الأمارات للدلالة على وجود ال ماء, فعادة ما اعتمدوا على تحسس رطوبة التربة, أو شم رائحتها, و شم رائحة النباتات, و مراقبة الحيوانات للاستدلال على وجوده, و بعد اكتشافه طوروا أداوتهم و معداتهم من أجل الحفر و من ثم الاستجرار للاستفادة من هذه المياه المنحبسة داخل الأرض, و نجحوا في ذلك و حققوا تطوراً كبيراً في صنع الأدوات اللازمة للرفع, و من ثم شق قنوات الجر, و كذلك نجحوا في إقامة السدود لحبس الأمطار المتساقطة, فكان علم الريافة علم ذو أهمية كبيرة في حياتهم.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا