ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

تُعد الأحزاب السياسية من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر على سير و حركة النظام السياسي و ضمان استمراره و استقراره، فهي تؤدي دوراً مهماً في تنشيط الحياة السياسية و صارت تُشكل ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية، فأداء الأحزاب ينعكس سل باً أو إيجاباً على نوعية الحياة السياسية و على مستوى التطور الديمقراطي و التحديث السياسي و فاعلية النظام السياسي الذي يُعدّ انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة. و للأحزاب السياسية دور مهم في صنع السياسة العامة و تأطيرها، حيث تُعد إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، و كذا إحدى قنوات الاتصال السياسي المنظّم في المجتمع، إذْ يعدّها علماء السياسة، الركيزة القوية و المنظمة للربط بين القمة و القاعدة و كمحطة اتصال لازمة بين المواطنين و السلطة. تحاول هذه الدراسة التعرّف على ماهية السياسة العامة التي هي في المقام الأول عملية سياسية تتميز بالصعوبة و التعقيد، و تختلف طبيعة و إجراءات و طرق صنعها من دولة إلى أخرى تبعاً للنظام السياسي و دور الأجهزة الحكومية و غير الحكومية، و منها الأحزاب السياسية. كما تتناول دور الأحزاب السياسية في صنع السياسة العامة في الدولة، تخطيطاً و تنفيذاً و تقييماً، من خلال الوقوف على دورها في رسم و تخطيط السياسة العامة للدولة، لاسيما من خلال وجودها و تمثيلها في السلطة التشريعية. و كذلك الوقوف على دور الأحزاب في تنفيذ السياسة العامة من خلال مشاركتها في السلطة التنفيذية و حجم هذه المشاركة. و أيضاً معرفة دور الأحزاب في عملية تقييم السياسة العامة، لأن التقييم الفعَّال و الموضوعي و الحقيقي يُعدّ أساس نجاح السياسة العامة في تحقيق أهدافها. و خلصت الدراسة إلى أنَّ الأحزاب قد تكون مخططاً و منفذاً و مقيماً للسياسة العامة إنْ وصلت إلى السلطة، و بالتالي ستقوم بتطبيق برامجها عن طريق القوانين التي ستسنها في (السلطة التشريعية) أو عن طريق تنفيذها للقوانين في (السلطة التنفيذية-الحكومة) أو عن طريق تواجدها في المعارضة، و هنا قد تقوم باستخدام وسائل و طرق عديدة للضغط و التأثير على السلطة.
إنَّ من سمات لبنان التاريخية، الحرية السياسة و الحيوية الزائدة، و هذا المدى المتنوع من القوى و الأحزاب و التنظيمات التي تتراوح من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، و قد سمح بذلك التنوع فرادة الوضع السياسي في لبنان إزاء محيطه العربي، من حيث الخصوصية الناتج ة عن البرلمانية و التنوع الطائفي و وجود الأقليات، و تنامي الميول الوسطية لدى القوى السياسية التي تشرعنت في الأحزاب خلال مراحل تاريخية محددة، فلكل كيان طائفي حزبه أو أحزابه، و هو متحصن بطائفته في وجه الحزب الأخر، و حتى في وجه الدولة أحياناً، فالطائفة تحد الطائفة و الحزب مقابل الحزب. تتناول هذه الدّراسة، و بشكلٍ مكثفٍ التّطور التَّاريخي للظَّاهرة الحزبيَّة في لبنان، و مراحل نشأتها خلال الحقب الأساسيَّة التي مرّ بها الكيان اللٌّبناني منذ العهد العثماني، إلى عهد الاحتلال الفرنسي، فمرحلة الاستقلال الوطني–ما قبل الحرب الأهلية و خلالها و ما بعدها- ثم تعرّجُ على الأنماط الأساسيَّة لهذه الأحزاب، لتنتقل إلى تناول أهم ملامح التَّجربة الحزبيَّة السّياسيَّة في لبنان. و تخلص إلى أنّ للنظام السّياسي تأثيرٌ كبيرٌ على الأحزاب، فكلُ نظامٍ ينتجُ أحزاباً على شاكلته. و النّظام اللّبناني باعتباره نظام الأفراد و العائلات و الطّوائف، و نظام الإقطاع التّقليدي و المالي، أنتج نظاماً حزبياً على شاكلته، وثيق الارتباط بالنسيج الطّائفي المتشظّي لهذا المجتمع، سواء لجهة قوانين الانتخاب المتتاليَّة، أو قانون الجمعيَّات و الأحزاب، أو قانون اللَّامركزية الإدارَّية، و كلها لا تساهم في توسيع مساحة العمل الحزبي، بل على العكس تساهم بإنتاج و إعادة إنتاج القوى التَّقليديَّة على حساب مؤسسات الدَّولة الحّديثة و منها الأحزاب.فالتفتيت السياسي يعجز عن احتكار المميزات و يحمل بذور الاختلاف إلى حده الأقصى، فيحول الأحزاب عن مهمة الناظم لنزاعات المجتمع و ضبط إيقاعها و يدفعها نحو الغلو في التمايز، و يأســر الحياة السياسية في حلبة عدم الاستقرار و التناحر.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا