ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

تقوم هذه الدراسة على رصد محاولةٍ قائمةٍ على المزج بين ثلاثةِ حقول معرفيةٍ هي: الفلسفة والتاريخ والأدب، تتجلّى هذه المحاولة في سيرةِ علمٍ هو تاريخ الأفكار، يعدّ هذا العلم تتويجاً لتطور الحقلين الأولين؛ فالفلسفة تطوّرت مباحثها من (ما وراء الطبيعة)، إلى (نظرية المعرفة)؛ كما نتجت عنها علومٌ أخرى كعلم الاجتماع، وعلم الأخلاق. أمّا التاريخ فقد حافظ على ثباتٍ نسبي من حيث موضوعه، في تدوين أفعال البشر وسيرهم، حتى ظهرت فلسفة التاريخ التي تدرس الدوافع المثالية والبنى العليا الكامنة وراء أفعال البشر. أمّا الحقل الثالث أي الأدب فقد بقي مختبَراً لكل تطوّرٍ، فهو مسرحٌ لاختبار تفرعات الفلسفة، وعلى وجه التحديد مناهج البحث المختلفة المتضمنة في حقل وهو أيضاً وثيقةٌ يعتمدها المؤرخون في دراساتهم وأعمالهم في سير الأمم وأفعالها. إنّ ما تحاولُ الدراسة تقديمه هو نوعٌ آخر من الفلسفة الأدبية، وهو إلى ذلك نوع آخر من المقاربة الموضوعية للأدب لا تجعل الموضوع الأدبي هدفها بقدر ما تجعل الأفكار- الوحدات المكونة لهذه الموضوع غايتها، وهي لذلك تدرس الأدب وعينها على الفكر في حركيته وتطوره وتغيره، تدرسه في أكثر مسارحه اشتمالاً على تنوعه أي في الأدب، وتقوم في سبيلها إلى ذلك بكتابة نوع آخر من التاريخ هو تاريخٌ فرديٌّ منفصل عن التاريخ بشكليه الثابتين: الماورائي (الإلهي)، والمادّي ( الأرضي)
تنهض هذه الدراسة باستجلاء ظاهرة أسلوبية تتمثل في ظاهرة الانزياح التركيبي، و ذلك من خلال نص شعري حديث، لأدونيس، و قد وقفت الدراسة على بعض مظاهر الانزياح التركيبي في القصيدة و هي: -1 التقديم و التأخير. -2 الحذف. -3 الالتفات. -4 الفصل. و قد خرجت الدراسة بنتيجة مؤداها، أن للانزياح التركيبي أثرًا مهمًا في الارتقاء بالقصيدة جماليًا، و الإسهام في تقديمها رؤية و تشكيلا، و إحداث تنوع دلالي كبير.
يشكل الكتاب المقدّس مرجعاً وافرًا لشعراء الحداثة الشعريّة و لاسيما مزاميره الّتي حاكت نزوعهم نحو الخلاص ، فكان لها أثرها في شعرهم . و نذكر من هؤلاء الشاعر المصري ( أمؿ دنقل ) ، و الشاعر الفلسطيني ( محمود درويش ) ، و شاعر بحثنا ( أدونيس ) الذي يشكّ ل المزمور في أغانيه ،البنية الأوليّة ، أو اللبنة و الركيزة في بداية كل مجموعة شعريّة، لتتضافر المزامير مشكلة جسد الشعريّة الأدونيسيّة الّتي يحمّلها أدونيس كل طقوس رفضه و تجاوزه ، هذا التجاوز الّذي ينطق به تراكم التّصورات السلوكيّة للإنسان ؛ فيكون المزموز هو التعبير عن رؤية تطوريّة للإنسان بكيّته (المعتقد و السلوك) .
النصّ بناء لا يمكن الولوج إلى فضاءاته المختلفة من دون الوقوف على عتباته فليس هناك من نص عار، بل لا بد من أن يكسوه عنوان، يعد المدخل الذي يسبق متن النص إذ لا تكتمل دلالته إلا به. إن الوقوف عند العتبات يتيح للقارئ أن يقف عند أفكار الكاتب، وكشف علاقة ا لعنوان بالمضمون يوصفه المفتاح التأويلي لفتح مغاليق النص, ولأنه يقع ضمن منظومة العتبات الموازية، فهو ليس داخل النص، او خارجه وانما في حالة تعالق معه. من هنا جائت هذه المقاربة تاكيدا على أهمية هذه العتبات في قراءة النصوص الشعرية بوصفها مدخلا شرطيا وضروريا لا بد من التوقف عنده لبناء الرؤيا المبدئية او الاولية لفهم النص. كيف وان كان المعني بالدراسة أدونيس في ديوانه أول الجسد أخر البحر، فعتبات أدونيس غنية تنفتح على قراءات مفتوحة. فهو شاعر يبدع في اختيار عتباته، بتطغى عليها الشعرية, كأنك تقف أمام نص شعري مصغر مكثف ينذر بالانفجار الأكبر لأكوان النص ومدلولاته.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا