يقوم هذا البحث على دراسة العلاقة بين القياس و القاعدة النحوية؛ إذ يعد القياس أحد أصول النحو العربي و أركانه في مرحلة التقعيد و بناء الأحكام، و قد انقسم العلماء فيه بين مؤيد و رافض، و كان النحاة أكثر ميلاً إلى القياس من الرواة؛ لأن بحوثهم تقوم على الت
شابه الموجود بين الألفاظ و العبارات و الأساليب المستعملة في الكلام الذي رواه الرواة مما سمع عن العرب، فاتخذوا هذا التشابه أساساً بنوا عليه قواعد قياسهم و أصوله، و اهتموا به و عنوا بتبيان أركانه، و إيضاح أنواعه. و قد أدخل أصحاب القياس كثيراً من الكلمات الأجنبية التي عربت في أثناء الفتوحات الإسلامية، و اشتقوا من هذه الكلمات ألفاظاً جديدة على نحو ما يشتقون من الألفاظ العربية المشابهة تبعاً لما تسمح به قواعد القياس فيها. و قد بالغ بعض النحاة في قياسهم حتى غدا بعيداً عن واقع اللغة، و صار ضرباً من الأحاجي و الألغاز، مما أدى إلى النفور من القياس، تبعه نفور من النحو، إذ أصبح القياس هدفاً بذاته، فابتعد عن التقعيد الذي كان غايته الرئيسة، و صار يتجلى بتقعيد الكلام القائم على الفطرة.
لعل من أهم الأسباب التي دفعت المولدين لوضع الأشعار و دسها على الأئمة
نصرة رأي ذهب إليه، أو توجيه كلمة ما.
و قد جاء العلماء فاحتجوا ببعض هذه الأشعار ظنًا منهم أنها للعرب.
فإلى أي مدى احتج بعض النحاة بالشاهد المصنوع، و ما أثر ذلك في الانتصار
لرأي م
عين، أو دحض آخر لضعف في الشاهد.
و قد عالج البحث بعض الشواهد المصنوعة، وتناولها من جهتين. الأولى الأبيات
التي يمكن الاحتجاج بها، و الثانية الأبيات التي أسقط العلماء الاحتجاج بها.