تعددت الدراسات التي تناولت الجوانب البيئية والاجتماعية لنمط المباني ذات الأفنية الداخلية، من خلال دراسة وظائف الفناء الداخلي البيئية و النفعية و الاجتماعية و التشكيلية، إلا أن هذه الدراسات لم تتطرق إلى أهمية الفناء الداخلي في تحقيق سهولة التوجه الفرا
غي، من خلال دوره في سهولة الوصول إلى الحيز الفراغي المطلوب في المباني بشكل عام، و في المباني الجامعية بشكل خاص.
ينطلق البحث من الفرضية التالية تؤثر الخصائص الشكلية (المورفولوجية)، و التركيبية للفناء الداخلي (الوسطي) للمباني الجامعية على سهولة التوجه الفراغي لمستخدميها، و يهدف إلى تحديد هذه الخصائص التي تحقق سهولة الوصول إلى الهدف، و لغرض تحقيق هذا الهدف تم اتباع منهج التحليل المقارن بين مباني جامعية تشمل كليات نظرية و تطبيقية، حيث تم التوصل إلى توصيف خاص للخصائص الشكلية للفناء الداخلي في المباني الجامعية، و محددات تساعد المصمم في استخدام الفناء الداخلي في إيجاد تكوينات فراغية للمباني الجامعية تحقق سهولة التوجه الفراغي.
يتضمن هذا البحث بناء الإطار النظري للعلاقات الشكلية بين العناصر المكونة لمخططات الخانات، و اعتماداً على بعض الدراسات الحديثة في تشكيل تلك العلاقات، تُحدد علاقات شكلية معينة تتمثل بالعلاقة بين العناصر المتكررة و المنفردة
و التي يتكون منها الشكل النها
ئي للمبنى. و يعتمد المنهج العلمي التحليلي فضلاً عن التحليل الإحصائي بغرض الوصول إلى الخصائص المميزة لأبنية الخانات. و يتبين من النتائج العملية التي توصل إليها البحث أن أبنية الخانات تمتاز باشتراكها
بخصائص متشابهة على الرغم من اختلاف المرحلة الزمنية التي تم فيها إنجاز تلك الأبنية، و كذلك اختلاف الموقع الجغرافي لتلك الأبنية. يبين هذا الاستنتاج وجود رؤية موحدة و خلفية مشتركة للفكر المعماري مهما تغير الزمان و المكان. إن التناغم
الموحد في الفكر المعماري هو الذي يحدد هوية العمارة الإسلامية. و هذا بدوره يدلُّ على رصانة و اتساق هذه العمارة التي لم توّثق فلسفتها و لم تحمل أسماء المبدعين الذين أنجزوا هذه العمارة التي يشهد التاريخ بروعتها.