يحدد هذا البحث فرضه العلمي، و رؤيته النقدية، فيرى أن الشعراء لا يصورون العالم الخارجي كما هو، بل يصورون علاقتهم به، و موقفهم منه، و لذلك يضيفون إلى هذا العالم عناصر عاطفية و عقلية و خيالية و فنية. و يطبق هذه الرؤية لاختبار فرضه العلمي (عدم تصوير العا
لم الخارجي كما هو...) على موضوع "القطا" في نماذج من شعر صدر الإسلام و العصر الأموي، فيعرض هذه النماذج و يحللها في ثلاثة سياقات:
1- سياق الحب و الغزل. 2- سياق الرحلة. 3- سياق الصيد.
و قد أظهر البحث صحة فرضه العلمي المذكور، و تبين من تحليل النصوص
الشعرية أن الشعراء وظفوا "القطا" فنيًا للتعبير عن أحاسيسهم و مشاعرهم، و تصورهم للكون و نواميسه. و بذلك كانت طيور "القطا" التي أحسنوا تصوير أطراف واسعة من حياتها وسيلة فنية للتعبير عن ذواتهم و رؤاهم و تصوراتهم.
لم يعرف العرب قبل قيام دولة الإسلام التنظيم و الإدارة بمفهومها الصحيح، حيث أنّ
مجيء الرسول (صلى الله عليه و سلم) بالدين الجديد يعد اللبنة الأولى للنظام الإداري في الدولة العربية لكن هذا النظام كان بسيطاً و بدائياً و متناسب مع الدولة العربية الحديثة
الولادة، ثم أخذ بالتطور
زمن الخلفاء الراشدين بحسب مقتضيات المصلحة العامة للدولة، حتى بلغ أوج تطوره،
و ذروة ازدهاره في العصر الأموي، فعند انتقال السلطة للأمويين طوروا في هذا النظام بعد
أن احتكوا بالشعوب المتحضرة، و تأثروا بالنظم السياسية و الإدارية التي كانت سائدة عند
الروم و الفرس .
تُعنى هذه الدّراسة بالكشف عن مواطن تمركز المتلقّي المثاليّ في النّقائض الأمويّة الشّهيرة بين
الفرزدق و جرير و الأخطل، و قد اقتصرت على الحديث عن المتلقّي المثاليّ تماشياً مع
حجم البحث المسموح به، لاسيّما أنّ الحديث عن أيِّ نمط من أنماط المتلقِّي يحت
اج
إلى عشرين صفحة بين التنظير و التطبيق على أقلّ تقدير، لكنني وضعت فقرة
بعنوان: (المصطلحات العلمية والتعريفات الإجرائية)، وضّحتُ فيها أنماط المتلقّي
عامّة، و بيّنتْ هذه الدراسة في نتائجها أن تراثنا الشعريّ القديم غنيٌّ، حيويّ، ثرٌّ،
و قابلٌ لتطبيق المناهج النقدية الحديثة عليه.