استخدم مصطلح الجليل بمعان متعددة، و طرق متباينة. لكنه في الفكر العربي الإسلامي، الذي ينتمي إليه المتنبي، ارتكز على نقطة جوهرية، هي الكمال. فالكمال هو الجوهر في الجلال. و من أهم صفاته العظمة و المجد.
و جاءت تجليات الجليل في شعر المتنبي، مماثلة لهذا ا
لفهم، و قد شملت الكثير من عناصر الوجود. لكن الصورة الأبرز و الأوضح كانت صورة الإنسان الجليل، و لهذا فقد اقتصرنا على دراسة الجليل الإنساني من خلال صورتين هما:
1- الذات الجليلة، و هي صورة المتنبي نفسه، الذي تجلى فيه الكمال بمستوياته، المادي و المعنوي و الروحاني.
2- البطل الجليل، و هي صورة سيف الدولة، المثل الأعلى للبطل العربي المنقذ.
و نظرًا لارتباط الجليل بالجميل عند المتنبي، فقد أوضحنا فهمه لهذا النوع من الجمال، فتبين أنه، من عالم النفس، أو الروح، أو العقل، لا من عالم المادة.
و تأكد لنا، في النهاية، أن المتنبي استند في فهمه للجليل على أساس فلسفي محكم، و لم ينطلق من رأي عارض، أو نظرة عابرة.
تشغل مشكلة النفس مكانة مهمة في الفكر الفلسفي لأنها صلة الوصل بين مبحثين رئيسيين في الفلسفة, هما مبحث المعرفة و مبحث الوجود, و قد لقيت اهتماماً كبيراً عبر تاريخ الفكر الإنساني, و ذهب الفلاسفة في تفسيرها اتجاهاتٍ مختلفةً و متباينةً.
و قد انعكست هذه ال
مواقف في آراء و نظريات المفكرين و الفلاسفة العرب, حيث عالجوا هذه المسألة معالجة عميقة و دقيقة, نابعة من طبيعة موقفهم المتردد بين الديني و العقلي؛ منهم فخر الدين الرازي الذي أفرد لهذه المشكلة مساحة واسعة في مؤلفاته.
و لنا هنا أن نتساءل عن حقيقة موقفه؟، و كيف استطاع أن يوفق بين نزعته الفلسفية العقلية و بين المفهوم الإسلامي للنفس, القائم على مسلمات النص؟