تعد الموازنة العامة للدولة الخطة المالية الأساسية التي تحدد أهداف الحكومة و سياستها و برامجها في
كيفية الاستغلال الأمثل للموارد و عملية توزيعها تبعاً للأولويات، و تنهض بدور رئيس فـي تكـوين
الناتج المحلي الإجمالي من خلال الإنفاق الحكومي، و من ثم تخل
ق دخلاً و طاقاتً إنتاجية جديدة فـي
البلاد. و قد تطور مفهوم الموازنة مع تطور مفهوم الدولة و وظائفها، و في سـورية بـرزت أهميـة
الموازنة منذ أن انتهجت الدولة عملية التخطيط من خلال الخطط الخمسـية للتنميـة الاقتصـادية
و الاجتماعية، و أصبح للدولة موازنة موحدة منذ عام ١٩٧٠.
تُعّد الموازنة العامة للدولة مرآة تعكس كافة أنشطة الدولة و مهامها في كافة
المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و العسكرية, و تعتبر الموازنة من
المسائل المهمة و الأساسية لكي تقوم الدولة بالوظائف الموكولة إليها و ادارة الاقتصاد
الو
طني و توجييه وفقاً لمخطط المرسومة.
فالموازنة خطة مالية تصدر سنوياً بصك تشريعي يحدد من خلالها نفقات و ايرادات
الدولة, و تؤدي خلالها الدولة دورها في القيام بوظائفها الإدارية و تنفيذ خططها الاقتصادية
و الاجتماعية.
و يمر إعداد الموازنة بعدة مراحل, يبدأ بقيام كل وزارة بإعداد مشروع موازنتها بما
ينسج مع الأهداف العامة لخطة الدولة الاقتصادية, و من ثم تقوم وزارة المالية بتحضير
مشروع الموازنة العامة للدولة بعد دراستها لمشروع موازنة كل وزارة على حدا, و تحاول
وزارة المالية إيجاد نوع من التوازن بين النفقات و الإيرادات, حتى تحصل على مصادقة
البرلمان على مشروع الموازنة.
يعدّ كل من مبدأ شمول الموازنة العامة للدولة و مبدأ شيوعها، من أهم المبادئ التي تقوم
عليها الموازنة العامة اليوم.
و لكل مبدأ منهما أحكامه، و مسوّغاته، و استثناءاته، و نطاق تطبيقه.
يلقي هذا البحث الضوء على مفهوم مبدأ الشمول و مبدأ الشيوع (عدم تخصيص
الإيرادات)
و أحكامهما من خلال بيان تعريفهما، و مسوّغاتهما، و استثناءاتهما، و نطاق تطبيقهما في
التشريع السوري.
يهدف هذا البحث إلى الإجابة عن السؤال الآتي: هل من الأفضل الإبقاء على مبدأ
شمول الموازنة العامة أم لابدّ من العودة إلى قاعدة "الناتج الصافي" كما كان عليه الحال
في السابق؟
يتألف هذا البحث من مقدمة و مبحثين، بالإضافة إلى خاتمة يُعرض من خلالها أهم
النتائج و المقترحات.