يتناول البحث مفهوم الانحطاط في فلسفة نيتشه، في محاولة لإبراز دور هذا المفهوم في فلسفة التاريخ لديه أولاً، ثم استخدام نيتشه لهذا المفهوم في نقده للمسيحية ثانياً، و خصوصاً أن نيتشه يرى في المسيحية نفسها انحطاطاً منهجياً عندما تمكنت من تزييف القيم و محا
ربة كل طاقة إنسانية خلاّقه ، و استثمار القيم التي دعت إليها للوقوف ضد القوة و الارتقاء الطبيعيين، و أخيراً فإن البحث يتناول موقف نيتشه الداعي إلى إعادة كتابة التاريخ العام و التاريخ المسيحي الفعلي.
يلقي البحث الضوء على محاولة البابوية التحالف مع المغول و التي كانت تهدف إلى تحقيق غايتين أساسيتين هما: تطويق العالم الإسلامي، و نشر المسيحية بين المغول كسباً لهم من جهة، و اتقاءً لشرهم من جهة أخرى. ففي الوقت الذي يهاجم به المغول بغداد يقوم الصليبيون
بمهاجمة مصر، و في سبيل تحقيق ذلك، قامت البابوية بإرسال السفارات المتتالية، و التي بدأت بسفارة يوحنا الكاربيني، تلاها بعثة أندريه لونجو، ثم بعثة أنسليم أسيلين. كان مضمون الرسائل، التي حملتها هذه السفارات، يشير إلى الدعوة إلى اعتناق المسيحية، و إحلال السلام بين الأوروبيين و المغول. لكن رد المغول كان مخيباً للأمالهم؛ إذ طلبوا من البابا و ملوك أوروبا الحضور شخصياً، و تقديم فروض الطاعة و الولاء لهم.
و على الرغم من ذلك، لم يقتصر أمر هذه السفارات على السلطة الدينية (البابوية)، بل انتقل إلى السلطة السياسية فقد أبدى الملك لويس التاسع رغبة كبيرة في التحالف مع المغول، و يرسل سفاراته لهذه الغاية، و التي لم تأت بشي جديد سوى أنها أكدت للبابوية و لويس أن فكرة التحالف مع المغول، في تلك المرحلة، شيء مستحيل في ظل السياسة التي اتبعها المغول مع جميع سكان العالم؛ إما الخضوع و إما الحرب.