ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يعدّ حق الدفاع من قبيل الحقوق الطبيعية، و من أهم ضمانات المحاكمة العادلة. و هو حق أصيل يحتل مكان الصدارة بين الحقوق الفردية العامة. فهو لم يتقرر لمصلحة الفرد فقط بل لمصلحة المجتمع أيضاً. فلا عدالة عندما لا يكون حق الدفاع كاملاً و حيث يتعذر التثبت من الحقيقة. و تفسير ذلك أن تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه لا يعني البتة تهيئة السبيل أمامه للإفلات من العقاب، و إنما يعني التأكيد على ركيزة أساسية للعدالة من شأنها بث الطمأنينة في نفوس الأفراد إلى حسن سير آلياتها في اضطلاعها برسالتها، و هذا من شأنه تبديد أي شكوك حول أية شبهة ظلم حينما يقول القضاء كلمته في إدانة المتهم، كما تمحى مظنة التهاون حين يقضي ببراءته. و لذا يكون البحث في حماية حق المتهم في الدفاع ليس ترفاً فكرياً، لكنه بحث في أدق و أعقد المسائل القانونية عموماً، و هو غوص في الأعماق، مع التمسك بالمشروعية وسط عقبات ليس من السهل تجاوزها. و في البناء على ما تقدم، نستطيع القول بأن ممارسة المتهم لحقه في الدفاع عن نفسه، تبقى قاصرة عن بلوغ غايتها ما لم تكن محصنة جزائياً. و تمكيناً لممارسة حق الدفاع و حمايته، عمد المشرع الجزائي إلى وضع جملة من القواعد الموضوعية التجريمية و المبرّرة، قاصداً من تكريسها أن يباشر هذا الحق بغير خوف أو وجل. فالمتهم هو أحوج المتقاضين إلى ممارسة حقه في الدفاع تحت مظلة الحماية الجنائية، و هذا يحميه من غدر دفاعه و يضمن حقوقه من الاستغلال لضعف موقفه، و قلة حيلته، و اشتداد الصراع في مواجهته. و للوقوف على أوجه هذه الحماية تطرقنا في مبحثين اثنين: الأول كرس لدراسة القواعد الموضوعية التجريمية، أما الثاني فقد خصص لدراسة القواعد الموضوعية المبرّرة. كل ذلك بهدف إظهار أوجه الحماية الجنائية لحق المتهم في الدفاع أمام القضاء.
أقرّ المشرع السوري حماية سرية المراسلات البريدية و الاتصالات السلكية و اللاسلكية كحق دستوري و قانوني للإنسان، يعرب بموجبه صراحةً عن نيته في حماية خصوصياته و أسراره المعبرة عن أفكاره و آرائه و حريته في التفكير و الاتصال و تبادل المعلومات، إلا أن هذا لا يعني أن حرية الفرد في هذه السرية مطلقة، بل ترد عليها بعض القيود التي تجيز التنصت و المساس بها تحقيقاً للعدالة و مصلحة المجتمع وفق ما قرره المشرع السوري في قانون أصول المحاكمات الجزائية، كما تدخل المشرع السوري لتكريس حمايتها تارةً في مواجهة الأفراد العاديين، أو في مواجهة من تسول له نفسه إفشائها من الموظفين العموميين تارةً أخرى، إلا أن المشرع السوري أغفل حماية الوسيلة المستحدثة في الاتصال و هي البريد الإلكتروني الذي تتعرض المراسلات الخاصة عبره لاعتداءات عديدة و التي تتطلب حماية فعّالة بتلافي الفراغ التشريعي.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا