ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

بدأت المدن في البلدان النامية – وبحلول أوائل الستينات من القرن العشرين- بالنمو وفق الشكل العالمي بعيداً عن الانتماء المكاني المحلي ،وانتشرت التصاميم المعمارية الدولية الحديثة بأشكالها وتصاميمها المكررة ، الأمر الذي أدى إلى إشكاليات هامة أثرت في الأما كن التي وجدت فيها وقدمت إشكالات مضافة كإشكالية الانفصال بين النماذج الغربية المقتبسة والقيم القومية ، وإشكالية تنامي ظاهرة عمارة العولمة التي تهتم فقط بإعلاء النواحي الشكلية. شكلت الإقليمية الحديثة في السنوات القليلة الماضية حلاً للنقاش المتزايد في الدول النامية حول حالة العمارة والعمران ، في محاولة من المعماريين والمخططين لتأمين الانتماء والمواءمة مع المكان وسعياً لمواجهة مفهوم اللامكان في العمارة الحديثة ، باستخدام المعطيات السياقية لإعطاء معنى وروح للمكان، وفق إعادة النظر في إمكانية الاستفادة من معطيات الموقع من مواد بناء وتقنيات ومناخ وطبيعة ، إضافة إلى الموروث الثقافي .
يتلخص هذا البحث في مجموعة نقاط أساسية تعريفية أولاً ، ثانياً العولمة بوصفها نتاج قوة ذاتية تحافظ على دائرة استمرارها كما يوجد في هذا البحث الجانب الشمولي للعولمة في العلاقات الاندماجية المعقدة بين البشر على المستوى الفردي والثقافي والمؤسسي الاجتماعي، كما ركزت على نقطتين هامتين الأولى أن حركة العولمة هي محاولة لجمع دول العالم ومناطقها المختلفة في كيان واحد وهذا ما عرف بالقرية الصغيرة، أما النقطة الثانية فحاولت فيها التركيز على أبعاد العولمة و وعينا بحدوثها لأن هذه الحركة تؤدي إلى انخراطنا في دولة أطلقوا عليها المجتمع العالمي.
لقد امتاز حضور المكان في "تيار الوعي" بمكانة مميزة، جعلته قادراً على عرض مشكلات الإنسان و إثارتها، على نحو دقيق و صريح، من زوايا متنوعة، لعلّ أولها: إبراز تلك العلاقة العاطفية، التي تربط الإنسان بالمكان، و أثر ذلك في تحويل علاقة الإنسان بالمكان، إلى علاقة تبادلية، جعلت الإدراك الحسي للمكان يغذي العاطفة، و بالعكس. و ضمن هذا الإطار، فقد كشفت تلك العلاقة التبادلية عن عمق الفجوة بين عالمين، لا ينتمي أحدهما إلى الأخر، و هما عالم الدّاخل، و عالم الخارج، موضحاً بذلك أزمة الذات في بحثها عن المكان الأليف، أو في رغبتها بالفرار من المكان المخيف نحو مكان آخر أكثر أمناً. و لأنّ الوعي في مستويات ما قبل الكلام، لا حواجز له، فقد رافقت أفكار الإنسان المضطربة، و ذهنه الوّقاد، بحثه الدائم عن المكان، و حلمه في تحقيق هاجس الانتماء.
سيدرس هذا البحث موقف لبيد من ثنائية الزمان و المكان ، و يربط رؤية الشاعر هذه الثنائية بحياته ، و ان كنا نعترف بأن الزمان و المكان لهما تأثير جدلي في الشعر عامة ، و في عصوره كافة ، و ذلك من خلال النظر إلى شعره نظرة تحليلية بعيدة عن المنهج التاريخي الذي يقدم لبيدا شاعرا و لا يقدمه مبدعاً .
ينشد هذا البحث دراسة الانتماء إلى المكان في مقدّمة القصيدة الأمويّة، و الانتماء علاقة تتّسّم بالتّداخل و الاندماج بين الشاعر و المكان، ما يدل على قوّة الحضور المكاني في ذات الشاعر على وفق أبعاده المختلفة. و قد تجلّت علاقة الانتماء إلى المكان في الشع ر الأمويّ في مظاهر مختلفة، و صور متعددة؛ منها مقدمات القصائد التي كانت في كثير من جوانبها تجسيدا لتجارب الشعراء، بما فيها من الأمل و البعد و الفراق و هاجس العودة...الخ؛ ذلك أن الانتماء إلى المكان ليس انتماء إلى مجال طبيعيّ و حسب، و لكنّه- أيضاً - انتماء إلى مجال اجتماعي؛ بما فيه من عادات و تقاليد، فالمكان و الأفراد الذين يتفاعلون معه، يمثّلون وحدة متكاملة، ينتمي إليها الشاعر، و يشعر في ظلّها بالألفة و الحماية و الأمان.
يعدّ حضور المكان في روائيّة عبد الرَّحمن منيف من السمات الأساسيّة للرواية العربيّة الحديثة . و لا نبالغ إذا قلنا : إنّ المكان تحوّل إلى شخصيّة رئيسة في أعماله الروائيّة ؛لأنّه يشكّل الفضاء الرئيس للمكونات الروائيّة كلّها ، و هو الحاضن للوجود الإنساني ، لأنّه يتمتع بقابليّة التحوّل و اختزال المفاهيم . إنّ جزءاً من المشكلة التي يطمح البحث إلى الكشف عنها يقوم على تبيان التصدّعات المكانيّة الكبرى الناجمة عن السلوك الإنساني الذي لا يعطي القضايا الأخلاقيّة و الإنسانيّة أهميّة في سبيل الوصول إلى غاياته الماديّة النفعيّة. إنّ التحولات الكبرى للمكان في رواية (مدن الملح) كان نتيجة فعل البشر المدمّر للطبيعة البكر (ظاهرها و باطنها) ، فلم يأل منيف جهداً في الكشف عن الآثار النفسيّة و الاجتماعيّة و السياسيّة و الاقتصاديّة ، التي تعرّض لها الإنسان في الجزيرة العربيّة ، و في الوقت نفسه نكتشف أيضاً أنّ المكان ترك تأثيرات في البشر ، فبدأ الإنسان يعش حالة من الاغتراب و الضياع و فقدان الهويّة نتيجة التحولات الكبرى التي تعرّض لها المكان.
يَبْقَى ضَبْطُ الْمَعْنَى وَ الْوُصُوْلُ إِلَيْهِ غاية كُلِّ بَاْحِثٍ فِي اللُّغَةِ، وَ مَاْ دَاْمَ الْمَعْنَى هُوَ نِتَاْج التَّرْكِيْبِ النَّحْوِيِّ فِيْ مَقَاْمٍ مُعَيَّنٍ، لَاْ بُدَّ لِذَلِكَ الْبَاْحِثِ أَلَّا يُقْصِيَ أَحَدَهُمَاْ عَلَى حِسَاْب ِ الْآخَرِ؛ أَيْ: تَدْخُلُ كُلٌّ مِنَ الْعَنَاْصِرِ النَّحْوِيَّةِ وَ الْعَنَاْصِرِ الدِّلَاْلِيَّةِ فِي عَلَاْقَةٍ جَدَلِيَّةٍ فِي تَفْسِيْرِ الْمَعْنَى. وَ مِنْ هُنَاْ تَنَاْوَلْتُ فِي هَذَا الْبَحْثِ مَفْهُوْمَ مُقْتَضَى الْحَاْلِ وَ الْمُصْطَلَحَاْتِ الْمُتَعَلِّقَة بِهِ، وَ بَيَاْنَ فَاْعِلِيَّتِهِ فِي الْحَقْلِ اللُّغَوِيِّ، وَ أَثَرَ الْعَاْمِلِ الدِّيْنِيِّ فِيْ لَفْتِ أَنْظَاْرِ الْعُلَمَاْءِ الْقُدَاْمَى إِلَى أَهَمِّيَّةِ كُلٍّ مِنَ الشَّكْلِ النَّحْوِيِّ وَ الْمَقَاْمِ الَّذِيْ أَنْتَجَهُ، وَ مَدَى اعْتِمَاْدِ عُلَمَاْئِنَا الْقُدَاْمَى عَلَيْهِمَاْ وَ هُمْ يُفَسِّرُوْنَ النُّصُوْصَ الْقُرْآنِيَّةَ وَ الشَّوَاْهِدَ الشِّعْرِيَّةَ وَ يَسْتَخْرِجُوْنَ الْقَواْعِدَ مِنْهَاْ.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا