الخرف يتصدر اليوم قائمة المخاوف الصحية في بريطانيا متجاوزاً السرطان، مع ضغط متزايد على الحكومة لإعلان حالة طوارئ صحية وتوفير دعم مالي للمصابين وعائلاتهم. ورغم التقدم المستمر في علاج السرطان، يبقى الخرف بلا دواء شافٍ حتى الآن، فيما تُظهر الأبحاث والابتكارات الطبية مؤشرات أولية على إمكان إحداث اختراق في فهم المرض والسيطرة عليه.
أظهر بحث جديد في المملكة المتحدة أن الخرف أصبح أكثر المخاوف الصحية انتشاراً بين البريطانيين، متجاوزاً السرطان، فوفقاً لنتائج دراسة أجرتها مؤسسة "هوم إنستيد" Home Instead (التي تقدم خدمات رعاية منزلية لكبار السن)، بات نحو 31 في المئة من مقدمي الرعاية الأسرية يعتبرون الخرف مصدر القلق الأول لديهم، وهي زيادة مقدارها أربعة في المئة مقارنة بالعام الماضي، في حين تراجعت المخاوف من السرطان من 30 في المئة إلى 21 في المئة خلال الفترة نفسها.
وأجرت "هوم إنستيد" استطلاعاً شمل 4 آلاف شخص بينهم 1600 من مقدمي الرعاية الأسرية، على مدى عام كامل، ضمن دراسة ترصد توجهات البريطانيين تجاه الشيخوخة والرعاية الصحية.
وبحسب البحث فإن ما يقارب ثلثي المشاركين (63 في المئة) يطالبون الحكومة بإعلان الخرف حال طوارئ صحية وطنية، نظراً إلى تزايد العبء الذي يفرضه على الأسر، وأيضاً دعا نحو 90 في المئة من مقدمي الرعاية إلى تخصيص إعانة مالية خاصة لدعم رعاية المصابين بالخرف.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "هوم إنستيد"، مارتن جونز، "لقد تجاوز الخرف الآن السرطان ليصبح أكبر مخاوفنا الصحية للمستقبل، فعلى عكس السرطان، حين أسهمت عقود من الأبحاث في تغيير تصورات الناس وتحسين نتائج العلاج، يبدو الخرف تهديداً أعظم، فهو حال لا يُرى لها أي علاج في الأفق".
وعلى رغم أن السرطان لا يزال السبب الأول للوفيات في المملكة المتحدة، وأن ما يقارب بريطانياً واحداً من بين اثنين سيُشخص به خلال حياته، فإن العلماء يحققون تقدماً مستمراً في أساليب علاجه ورفع معدلات الشفاء منه.
وبحسب "مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة" Cancer Research UK فقد تضاعفت معدلات البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بالسرطان خلال الأعوام الـ 50 الماضية، وفي المقابل لا يزال الخرف بلا علاج ويُصاب به شخص واحد في المملكة المتحدة كل ثلاث دقائق، وفقاً لـ "جمعية ألزهايمر" Alzheimer’s Society.
وقال ديفيد توماس من "مؤسسة أبحاث ألزهايمر في المملكة المتحدة" Alzheimer’s Research UK لصحيفة "تليغراف"، "نحن عند نقطة تحول حاسمة في أبحاث الخرف، لكننا بحاجة إلى أن تبدي الحكومة طموحاً أكبر في مواجهة ما أصبح القاتل الأكبر في البلاد"، مضيفاً أن "تجارب فحوص الدم للكشف عن ألزهايمر تُجرى في أجزاء من هيئة الخدمات الصحية الوطنية، كما يجري تطوير عدد غير مسبوق من الأدوية الجديدة، وهذه الابتكارات قد تساعدنا في السيطرة على الخرف وتحقيق تقدم مماثل لما تحقق في أمراض أخرى مثل السكتة الدماغية والسرطان".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبما أن الخرف ينجم عن مجموعة من الأمراض المختلفة، ترى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS أن العثور على علاج واحد شامل أمر غير مرجح.
ويشير الموقع الإلكتروني للهيئة إلى أن "خطوات كبيرة تحققت في فهم كيفية تسبب أمراض مختلفة في إحداث تلف في الدماغ يؤدي إلى الخرف، ومع زيادة التمويل خلال الأعوام الأخيرة بات هناك عدد أكبر بكثير من الدراسات والأبحاث والتجارب السريرية قيد التنفيذ، وعلى رغم أن التوصل إلى علاج قاطع قد يستغرق أعواماً لكن التقدم العلمي الحالي يحمل آمالاً كبيرة".
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حصل دواء "دونانيماب" Donanemab الذي يستطيع إبطاء تدهور الذاكرة والقدرات الإدراكية لدى المرضى المصابين بألزهايمر في مراحله الباكرة على ترخيص في المملكة المتحدة، كعلاج متاح ضمن القطاع الخاص.
لكن "المعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية" NICE أصدر توجيهاته النهائية مؤكداً الإبقاء على توصيته السابقة بعدم توفير دواء "دونانيماب" ضمن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" لعدم مطابقته معايير الجدوى الاقتصادية المعتمدة.
© The Independent