مرت 10 أعوام على اعتزال المطرب المغربي عبدالهادي بلخياط (مواليد 1940) الذي يعد رائداً للأغنية المغربية العصرية، لكن أغانيه لا تزال متداولة بصورة لافتة عبر الإذاعات ومنصات بث الأغاني. ويحاول المعجبون بفنه تخليد تراثه الفني عبر مواقع التواصل.

كان آخر صعود إلى خشبات المسارح للفنان المعروف عبدالهادي بلخياط عام 2015 في  مهرجان موازين، حين أدى عدداً من الأغاني الدينية، وهو الذي اشتهر على مدار ستة عقود بأغاني الوجدان والهم الإنساني. واصل بلخياط حياته بصمت وسكينة، بعيداً من كاميرات الصحافة رافضاً أن يغني من جديد، سواء في المهرجانات والتظاهرات الفنية أو في البرامج التلفزيونية، مفضلاً أن يقضي معظم وقته في خلوة روحية بضيعة فلاحية توجد في ضواحي الدار البيضاء.

كان الاعتزال الأول لعبدالهادي بلخياط عام 2012، حين اختار طريق التدين، وتحول من الغناء إلى الأذان وترتيل القرآن، لكنه عاد بعد ثلاثة أعوام من ذلك ليقدم سهرة كبيرة في مهرجان موازين كانت بمثابة توديع لمحبيه الذين استمتعوا على مدار عقود بأغانيه الخالدة. غنى رائد الأغنية المغربية العصرية في تلك السهرة أغاني دينية مثل "المنفرجة"، "يا قاطعين الجيال زايرين سيدنا النبي"، و"سيد الناس" و"يا من إلى رحمته المفر".

تقدير الأجيال

على رغم اعتزاله لا تزال أغانيه تملأ بيوت المغاربة، سواء عبر الإذاعات الوطنية أو منصات تحميل الأغاني بصورتها المرئية والمسموعة. فعلى رغم تقلبات الأذواق وهيمنة الأغاني الخفيفة والشبابية وجنوح كثير من المستمعين إلى الأغاني القادمة من خارج البلاد، لا تزال القطع الفنية التي قدمها عبدالهادي بلخياط قريبة من المستمعين، ولا تزال صورة الفنان تحظى لدى جميع الأجيال بكثير من التقدير.

thumbnail_بلخياط في شبابه.jpg

أما الذين استمعوا إلى أغنيته الأولى "يا حبيب القلب"، في مطلع الستينيات، فإنهم يعودون لذلك الزمن من باب النوستالجيا والأسف على ما عرفته الأغنية المغربية من تحولات جعلت تلك التجربة الهائلة التي كانت تحمل عنوان "الأغنية العصرية" تتراجع تدريجاً، وتترك الواجهة لأنماط أخرى رآها البعض دخيلة على الحياة الفنية المغربية، واعتبرها آخرون انتقالاً طبيعياً لأذواق الغالبية.

وإن كانت أسماء عديدة من جيل الأغنية العصرية قد توارت، مادياً أو معنوياً، ودخلت عالم النسيان، فإن أغاني عبدالهادي بلخياط لا تزال حاضرة بقوة في الحياة العامة لدى المغاربة. وفضلاً عن القنوات الإعلامية الرسمية، يكفي الدخول إلى المنصات الخاصة ببث الأغاني وإلى صفحات مواقع التواصل، لمعرفة ذلك الجهد الذي يمارسه المعجبون من أجل تخليد تراث هذا الرمز الفني الكبير. أما الفرق الغنائية التي تنشط في الفنادق والمطاعم والأعراس المغربية فإنها تجد في ريبرتوار عبدالهادي بلخياط الرافد والملاذ، لذلك تعيد باستمرار، في المناسبات والسهرات، تقديم أغانيه الشهيرة": ما تقش بي"، "في قلبي جرح قديم"، "أنت واحد ما منك زوج"، "يا بنت الناس"، "قطار الحياة"، "شوفوا الهوى ما يدير بي"، "كاس البلار"، "لا تقوليش إنساني"، "البوهالي"، "الصنارة".

نمط مغربي متفرد

تفرد عبدالهادي بلخياط في تقديم الأغاني المكتوبة بالعربية الفصحى لشعراء مغاربة وعرب معروفين من بينهم نزار قباني الذي غنى له "الهاتف" و"طوق الياسمين"، وعبدالرفيع الجواهري الذي غنى له رائعة "القمر الأحمر" و"رموش" و"ميعاد"، ومصطفى عبدالرحمن الذي غنى له "الأمس القريب" و"الشاطئ". كما غنى قصائد عديدة بالفصحى مثل "سمعت عينيك لفاروق شوشة، و"عرين الأسد" لوجيه فهمي صلاح" و"بسمة الأمل" لمحمود العراقي، و"تعالي" لمحمود حسن إسماعيل و"حسبتك" لإدريس الجاي، و"غني لي الليلة" لعلي فهمي خشيم، و"شارد في الليل" لحسين السيد. أما النصوص المغربية فقد كتبها شعراء وزجالون حظوا بشهرة واسعة في هذا النمط الإبداعي مثل أحمد الطيب لعلج وعلي الحداني وحسن المفتي وفتح الله المغاري وحمادي التونسي، وغيرهم.

وقد تعامل بلخياط مع كبار الملحنين المغاربة، أولئك الذين صنعوا مجد الأغنية العصرية، حيث سعوا إلى خلق نمط مغربي متفرد، يتقاطع مع ثقافة الطرب المشرقي، ويحافظ في الآن ذاته على الخصوصية المغربية عبر استلهام الموروث الفني المحلي، ومن أبرز هؤلاء الملحنين: عبدالسلام عامر وأحمد البيضاوي وعبدالنبي الجيراري وعبدالقادر الراشدي ومحمد بن عبدالسلام وعبدالرحيم السقاط وعبدالقادر وهبي وأحمد العلوي وحسن القدميري وعبدالله عصامي وعبدالعاطي أمنا.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولد عبدالهادي بلخياط سنة 1940 في مدينة فاس، وانتقل منذ طفولته للعيش في مدينة الدار البيضاء. ترك المدرسة مبكراً، واشتغل مع والده في ورشة للنجارة. قرر في شبابه أن يطرق باب الإذاعة بالدار البيضاء، ويسمع لجنة الأغاني صوته. ومنذ الستينيات وهو يقف في الصف الأول للغناء المغربي الطربي رفقة عبدالوهاب الدكالي والراحلة نعيمة سميح والراحل محمد الحياني.

اختار في بداياته أن يتجه إلى القاهرة ويقدم بعض الأغاني باللهجة المصرية، وقد شارك خلال السبعينيات في بعض الأفلام الاستعراضية والغنائية في القاهرة وبيروت، مثل "سكوت. اتجاه ممنوع"، و"الدنيا نغم" و"أين تخبئون الشمس" و"دنيا غرامي".

في آخر مشواره الفني كان بلخياط يعتب على الأجيال الجديدة اهتمامها بالصورة بدل الصوت في الأغاني التي تبث على الفضائيات، كما اعتبر أن الأنماط الغنائية الجديدة الرائجة هي بمثابة احتيال على أذواق الناس وعلى جيوبهم أيضاً.

اللافت أن الملك الراحل الحسن الثاني كان معجباً كبيراً بعبدالهادي بلخياط، وكان تعامله معه يخرج عن ذلك الطابع الرسمي الذي يسم علاقة ملك بمواطن. فقد كان محبوباً لديه ومقرباً منه، بل إنه هدده بالسجن حين اقترح عليه محمد عبدالوهاب الإقامة الدائمة في مصر قائلاً له: "إذا كان عبدالوهاب في مصر، فهناك في المقابل عبدالهادي في المغرب".

أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أغاني عبدالهادي بلخياط تروج على رغم اعتزاله قبل 10 أعوام
أعلن في شمرا