احتل الألبوم قائمة أكثر 10 ألبومات على مستوى العالم عبر منصة "سبوتيفاي" العالمية، وسيطر على المركز السابع وفق آخر تحديث للمنصة الشهيرة، بينما احتل المركز 79 عبر منصة "آي تيونز" "iTunes"، وفي ترتيب الاستماع بأميركا بحسب الموقع نفسه استقر بالمركز 155.
طرح المطرب المصري عمرو دياب ألبوم "ابتدينا" الذي يحمل الرقم 37 في مسيرته الغنائية التي تمتد من عام 1983 وحتى الآن أي نحو 42 عاماً، ومنذ صدور الألبوم لم تهدأ حال الجدل التي تجمع بين المدح والهجوم وبينهما النقد.
أرقام قياسية
تضمن ألبوم "ابتدينا" الذي طرح في الثالث من يوليو (تموز) الجاري 15 أغنية كتبها عدد كبير من الشعراء مثل تامر حسين وأيمن بهجت قمر وعزيز الشافعي وبهاء الدين محمد ومحمد القاياتي ومصطفى حدوتة وملاك عادل ومنة القيعي، ولحنها عمرو مصطفى ووليد سعد وعزيز الشافعي ومحمد يحيي وعمرو دياب نفسه.
وفاجأ دياب جمهوره بمشاركة ابنته جنا المعروفة بحبها للموسيقى ووراثة موهبة الفن عن والدها بأغنية بعنوان "خطفوني" جمعت بين المقاطع الغنائية باللغة الإنجليزية التي غنتها جنا، وبين الكلمات العربية التي غناها عمرو دياب. وحققت نجاحاً كبيراً منذ طرحها بسبب الدمج الذي حدث على أكثر من صعيد.
وكانت التجربة مغامرة خطرة، إذ لم يعتمد دياب تلك التوليفة متكاملة من قبل، لكن لتقديم ابنته ودمج الأجيال ومخاطبة شرائح الجيل الذي يتحدث بطريقة جنا وافق على التجربة وراهن بقوة، وجاء النجاح أكبر من توقعاته، فاحتلت الأغنية التي كتبها تامر حسين ولحنها عمرو مصطفى قمة منصات الاستماع وأصبحت في المرتبة الأولى على موقع "يوتيوب".
وحقق ألبوم "ابتدينا" على الموقع نفسه قرابة 50 مليون مشاهدة منذ طرحه دياب على حسابه في المنصة.
وعلى منصة "أنغامي"، حقق الألبوم 33 مليون استماع، وتربع على قائمة "الترند" منذ طرحه، وبذلك يصل رصيد عمرو دياب على المنصة إلى 2.7 مليار استماع لمجمل أعماله.
واحتل الألبوم قائمة أكثر 10 ألبومات على مستوى العالم عبر منصة "سبوتيفاي" العالمية، وسيطر على المركز السابع وفق آخر تحديث للمنصة الشهيرة، بينما احتل المركز 79 عبر منصة "آي تيونز" "iTunes"، وفي ترتيب الاستماع بأميركا بحسب الموقع نفسه استقر بالمركز 155.
وعلى الصعيد العربي تصدرت أغنية "ابتدينا" قوائم الأكثر استماعاً في 10 دول عربية، من بينها مصر والسعودية والإمارات ولبنان والمغرب.
مصالحات ومفاجآت
يبدو أن ألبوم "ابتدينا" كان يحمل في صناعته شعار "المصالحات والتجديدات"، وكان من أبرز مفاجآته أنه شهد مصالحة فنية بين عمرو دياب والملحن الشهير عمرو مصطفى الذي مر معه بمرحلة خلاف دامت أعواماً قطعت التواصل الفني بينهما، وتم التصالح أثناء أزمة عمرو مصطفى الصحية الأخيرة واكتشاف إصابته بمرض خطر ومساندة عمرو دياب له، وبعدها أعلن الثنائي استئناف تعاونهما الفني، وأسهم عمرو مصطفى في أغنيتين ضمن الألبوم الجديد، الأغنية الرئيسة "ابتدينا" و"خطفوني".
وبهاتين الأغنيتين يصل عدد الأغنيات التي تعاون فيها دياب مع مصطفى إلى 45 أغنية منذ بداية علاقتهما الفنية. ومن أبرز الأغنيات التي تعاونا فيها من قبل منذ عام 1999 "أعمل إيه" و"خليك فاكرني" و"أحبك أكرهك" و"العالم الله" و"أنا أكتر واحد بحبك" و"بتخبي ليه" و"هيعيش يفتكرني".
أما الشاعر تامر حسين الذي يعتبر من أكثر الشعراء الذين يفضل عمرو دياب العمل معهم واختيار كلماتهم، فيشارك في الألبوم بنصيب الأسد بنحو ثلث عدد أغنيات الألبوم بالكامل، وشارك في خمس أغنيات هي "خطفوني" و"ابتدينا" و"هتفتكرني" و"مليش بديل" و"يللا".
وتحدث دياب أن هناك كيمياء تجمع بينه وحسين، إذ يستطيع الأخير تقديم كلمات مناسبة لشخصية دياب ورغبته الدائمة في التحديث لملامسة الأجيال الجديدة.
ويعتبر معظم إنتاج عمرو دياب الحديث من تأليف تامر حسين، ووصل عدد الأغنيات إلى 75 أغنية، وهو رقم غير مسبوق بين مطرب وشاعر، وبذلك حققا رقماً قياسياً ونجاحاً مميزاً معاً. واحتلت أغنيات حسين حتى الآن في الألبوم قمة الاستماع مثل "خطفوني" و"ابتدينا".
وكتب تامر حسين أيضاً أغنية "يللا" التي استعان بها دياب لتكون الأغنية الرئيسة في حملته الدعائية لمصلحة شركة مشروبات غازية شهيرة، وشاركه في الأغنية ابنه عبدالله بمقاطع إنجليزية شارك في كتابتها، ليكرر دياب تجربة الغناء مع ابنه مثلما فعل مع جنا ابنته وبطريقة الدمج نفسها بين الكلمات العربية والإنجليزية للتقرب من أجيال وشرائح عمرية مختلفة.
ولم يخلُ تعاون تامر ودياب من الجانب الرومانسي الذي يفضله ملايين من عشاق دياب وجمهوره، فكتب له أبرز الأغنيات الرومانسية بالألبوم وهي "مليش بديل" و"دايماً فاكر".
وتوازنت الخلطة التي صنعها دياب وحسين بين الأغاني الشبابية السريعة والحماسية التي تناسب عشاق البهجة وبين الأغاني الطربية الهادئة التي لها باع كبير من نجومية دياب.
وربما كان تعاون دياب وحسين منذ عام 2009 بأغنية "وياه" سراً مهماً في نجاح دياب الذي يبحث عن التجدد والشغف، والأغنيات التي تتوافق معه وتلامس الأجيال الجديدة وكل الأذواق، وحقق مع تامر حسين تلك المعادلة، لذلك لم يفترفا على مدى 16 عاماً.
وحرص عمرو دياب على أن تكون للشاعر أيمن بهجت قمر أغنيات ضمن ألبومه الجديد، نظراً إلى ما يتمتع به قمر من أسلوب واقعي في أغنياته وكلمات من قلب الشارع تمس الناس بصورة كبيرة.
وكان التعاون بين الثنائي مميزاً في ثلاث أغنيات لكل منها حال ومفردات وطريقة، الأولى بعنوان "هلونهم"، وهي لون درامي وواقعي بعيد تماما من الرومانسية، وفيها تحدث قمر عن الخذلان والصدمة من الأشخاص الذين يمرون في حياتنا ويتركون أثراً لا ينسى.
كما كتب أيمن بهجت قمر لدياب أغنية بعنوان "إشارات" التي تتحدث عن بدايات الحب وما تحمله من علامات مختلفة، وجاءت الأغنية لتصنع نقلة نوعية في طريقة التناول والسرد واللحن أيضاً، وأخيراً استعان دياب بأغنية "يا خبر أبيض" وكانت التعاون الثالث بينه وقمر.
يحرص مهاجمو عمرو دياب على اتهامه في أعماله الأخيرة تحديداً بإهمال اللون الشرقي الفلكلور والـ"نوستالجيا"، والتركيز على الأغاني السريعة، بدليل صنع أغنيات استخدمت اللغة الأجنبية مع العربية يغنيها أبناؤه الذين ينتمون لهذه الشريحة التي تعد تلك الأغنيات محببة إليها.
لكن دياب فاجأ الجميع بتقديم أغنية استعانت بالتراث الصعيدي والآلات الموسيقية الشرقية والمزمار وهي أغنية "بابا"، وحملت كلماتها كذلك مفردات شعبية قريبة من الحارات والشوارع الشعبية والصعيدية المصرية، وكانت من أبرز أغنيات الألبوم التي أثبتت أن عمرو دياب لم يتجاهل أو يتمرد على الغناء المصري البسيط والفلكلوري، بل يهتم بتقديم كل الأنواع بنجاح كبير.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم الاختلاف النوعي في اللحن والكلمات والشريحة المستهدفة من أغنية "بابا"، احتلت الأغنية مراكز متقدمة جداً بين مراكز الاستماع عبر المنصات المختلفة. والأغنية كلمات ملاك عادل وتلحين محمد يحيي وتوزيع عادل حقي.
ويحترف عمرو دياب تقديم الأغنية الدرامية التي تحكي قصة مشوقة وليست مجرد كلمات رومانسية أو منظومة، وأبرز من تعاون معه في هذا الصدد الشاعر بهاء الدين محمد في أغنيات من قبل مثل "وهي عاملة إيه دلوقتي" و"قالتلي قول" و"أديني رجعت لك" و"قاللي الوداع" و"ضحكت".
وفي الألبوم الجديد شارك بهاء مع دياب في أغنية بعنوان "ارجعلها" من تلحين عمرو دياب، روت قصة درامية مؤثرة على لسان شخصية قد تبدو سامة، إذ تحث الكلمات أن يعود الرجل للمرأة بسرعة قبل أن تشعر بحب غيره أو تعرف قيمة نفسها وما تستحقه، وتدرك خطر علاقتها غير المتوازنة أو المتكافئة مع الرجل.
وأثارت الأغنية جدلاً بسبب جرأة دياب في تقديم خطاب قد يبدو غير رومانسي وعلى لسان شخصية غير محبة أو طبيعية أو كما يقولون "توكسيك"، لكن بصورة عامة أحدثت حالاً إيجابية لأن الكلمات مختلفة وغير مسبوقة بالنسبة إلى اختيارات عمرو دياب نفسه في مجملها طوال تاريخه.
وبحكم الخبرة التي تقترب من 45 عاماً، حرص دياب على وجود جرعة رومانسية ذات طراز مختلف وتتغنى في عشق الحبيبة لإحداث توازن منطقي مع باقي أغنيات الألبوم، فغنى دياب "ما تقلقش" من كلمات وألحان عزيز الشافعي الذي يتعاون معه مجدداً بالطريقة الشرقية الطربية نفسها التي اجتمعا عليها في الألبوم الماضي وقدما أغنية "إنت ما بتغيبش".
واقتنصت "ما تقلقش" نجاحاً كبيراً، واستطاعت رغم المنافسة أن تتصدر المقدمة على مستوى الأغنيات الرومانسية التي قدمت هذه الفترة بصورة عام، وعلى مستوى الطرب والمشاعر النبيلة والحب في أغنيات دياب.
وقدم دياب مع الشاعر أمير طعيمة أغنية بعنوان "حبيبتي ملاك"، وكتب له محمد القاياتي أغنية بعنوان "شايف قمر، أما الشاعرة منة القيعي فغنى من كلماتها "يا بخته" لتكون المرأة الوحيدة المشاركة بالألبوم.
وتعاون عمرو كذلك مع مصطفى حدوتة في أغنية "قفلتي اللعبة"، فتناول الحب بطريقة خفيفة وساخرة، ليكمل جرعة الرومانسية بكل أشكالها ومضامينها ورسائلها ضمن الألبوم.
ومع كل عمل تتجدد أسئلة جدلية في كيفية عبور نجومية المطرب عمرو دياب الزمن وتحوله منذ 40 عاماً إلى ظاهرة تتدفق ووصوله إلى كل الأجيال، واحتفاظه بلقب النجم الأول متجاوزاً المنافسين والمراحل العمرية والمعوقات واختلاف ذوق الجمهور ومشتتات السوق الغنائية.
ودائماً ما يقدم عمرو دياب قوالب موسيقية جديدة، فيستعين بآراء وأذواق بعيدة من شخصيته وينجح في أن يصيغها بالصورة التي يشعر أنها الأقرب لقلبه، ويستعين بفئات عمرية شبابية ليفهم ماذا يريد الجيل الجديد وما المستجدات؟ ولا ينسى أن يثقل عمله بتوقيع كبار العمالقة من صناع الموسيقى والشعراء ليحدث كل أنواع التوازن بطريقة السهل الممتنع.
ولأنه يقدم ما يعكس روحه الفنية المتجددة، فإنه يصل إلى الجميع، ومهما كان الاختلاف والجدال يبقى الاتفاق الوحيد أن عمرو دياب ظاهرة غنائية تجلت في الاستمرارية بنجاح.