هل ضمن إيزاكمان تعيينه لرئاسة "ناسا" رغم خطابه الضعيف أمام الكونغرس؟
قال رئيس لجنة الاستماع تيد كروز، وهو جمهوري عن ولاية تكساس، إنه يأمل فتح باب التصويت على تثبيت إيزاكمان بعد غد الإثنين، وأظهر الاستماع خلال جلسة الملياردير ورائد الأعمال المولع بالفضاء أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل أن وجهة الرجل في الفضاء الأميركي والعالمي ما زالت غامضة.
أخيراً، عقد مجلس الشيوخ الأميركي جلسة استماع لإعادة ترشيح جاريد إيزاكمان رئيساً للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء المعروفة اختصارا باسم "ناسا"، الأربعاء الماضي، إذ عقدت الجلسة تزامناً مع جلسة استماع ستيفن هاينز الذي ينظر في ترشيحه لمنصب مساعد وزير التجارة لشؤون الصناعة والتحليل. وقال رئيس لجنة الاستماع تيد كروز، وهو جمهوري عن ولاية تكساس، إنه يأمل فتح باب التصويت على تثبيت إيزاكمان بعد غد الإثنين، مما يضع إيزاكمان، وفق متخصصين في الفضاء الأميركي، على الطريق الصحيح لتولي زمام الأمور بشكل دائم في "ناسا" قبل انتهاء جلسات الكونغرس لقضاء العطلات.
رواد فضاء "ناسا" ريد وايزمان وفيكتور غلوفر وكريستينا كوتش في اختبار طاقم في مركز "كينيدي" للفضاء بولاية فلوريدا (ناسا)
لم يقدم إيزاكمان خطاباً قوياً أمام الكونغرس في جلسة استماع مجلس الشيوخ الأميركي، ذلك لأنه ضمن تأكيد تعيينه مديراً لـ"ناسا"، وقال متخصصون في هذا الشأن عقب الجلسة إن فرص إيزاكمان تبدو جيدة جداً، وكما ذكر سابقاً بدا أنه كان من المقرر تثبيته قبل أن يسحب ترمب ترشيحه في مايو (أيار) الماضي، لذلك يبدو أن هذا الدعم قد استمر لإيزاكمان، بل تعزز خلال الأشهر الستة الماضية، إذ أشار إيزاكمان في شهادته المكتوبة لجلسة الاستماع الأربعاء، إلى أن شون دافي نجم تلفزيون الواقع المدير الموقت السابق لـ"ناسا" ووزير النقل الحالي في إدارة ترمب أيده في قبول المنصب، كذلك وقع 36 رائد فضاء من "ناسا" خطاباً يدعم ترشيحه.
وبناء على ذلك فإنه وخلال أيام قليلة مقبلة وتحديداً بعد غدٍ، سيفتح باب التصويت في مجلس الشيوخ الأميركي على تثبيت جاريد إيزاكمان في منصب رئيس "ناسا" الجديد، وبات من شبه المؤكد أن يعين الملياردير الأميركي في هذا المنصب في ظل تعقيدات كثيرة، لدرجة أنه لا يحسد على تولي هذا المنصب، فـ"ناسا" منهكة، والفضاء الخاص، وهو منافس شرس له في برامج غزو الكواكب القريبة مثل القمر والمريخ، يقع تحت سيطرة شبه كاملة من قبل صديقه القديم إيلون ماسك.
إيزاكمان ينظر بعين المساواة إلى كل من "بلو أوريجين" و"سبيس إكس" (بلو أوريجين)
يظل التحدي الأكبر أمام رائد الأعمال الطموح متمثلاً في قدرته على تطبيق نظرية ترمب في الفضاء الأميركي الحديث التي تهدف بكل وضوح إلى عسكرة الفضاء الحكومي لمنافسة الصين، وهذا يعني بالضرورة التخلي عن كثير من برامج "ناسا" العلمية وإنهاء آلاف الوظائف في الوكالة الحكومية. وبصورة عامة واعتماداً على بعض ما صرح به خلال الجلسة، يمكن القول إن إيزاكمان يحمل رؤية رومانسية أو ساذجة لمواجهة أو إدارة الصراع الشرس في الفضاء الأميركي والعالمي، فخطابه يدل على أنه سيعتمد مقاربة غريبة في تحديد علاقة "ناسا" الجديدة مع الفضاء الخاص الأميركي، فهو يرى أن على كل من ماسك وجيف بيزوس التعاون في هذا العمل، وهو أمر قد يكون من سابع المستحيلات، إذ قال الرجل في خطابه أمام الكونغرس "أفضل ما يمكن لـ’سبيس إكس‘ فعله هو أن تلحق بها ’بلو أوريجين‘، والعكس صحيح!".
في السياق وخلال الجلسة تحدث الملياردير ورائد الأعمال المولع بالفضاء أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل بمجلس الشيوخ في عدد من القضايا الخلافية الرئيسة، التي أظهر الاستماع له فيها أن وجهة نظر الرجل في الفضاء الأميركي والعالمي ما زالت غامضة. وتحت بند أخبار الفضاء جاء في مقالة على مواقع علمية أميركية بارزة بقلم إليزابيث هاول، تحت عنوان "على الولايات المتحدة أن تسبق الصين في رحلة استكشاف القمر"، يقول مرشح ترمب لمنصب رئيس "ناسا" جاريد إيزاكمان لمجلس الشيوخ "إذا ارتكبنا خطأً، فقد لا نلحق بالركب أبداً"، واستشهدت الكاتبة بما قاله إيزاكمان في خطابه "هذا ليس وقت التأخير، بل وقت العمل"، مؤكدة أن رائد الفضاء الخاص والملياردير أنهى لتوه محاولته الثانية لرئاسة "ناسا" بنجاح.
وأكد إيزاكمان في كلمته الافتتاحية على ضرورة الفوز في سباق الفضاء الجديد، وقال عن الصين "نحن في منافسة شرسة مع منافس لديه الإرادة والوسائل لتحدي الاستثنائية الأميركية في مجالات عدة، بما في ذلك في مجال الفضاء"، وأضاف وفقاً لمقالة هاول "هذا ليس وقت التأخير، بل وقت العمل، لأنه إذا تخلفنا عن الركب، وإذا ارتكبنا خطأً، فقد لا نلحق بالركب أبداً، وقد تغير العواقب ميزان القوى هنا على الأرض".
وأشاد الملياردير بإنفاق إدارة ترمب على رحلات الفضاء البشرية في مشروع قانون الإدارة "الكبير والجميل" الذي أقر في الرابع من يوليو (تموز) من العام الحالي.
وفي ما يتعلق بالعلوم، ذكر في بيانه الافتتاحي أن خطته هي "الاستخدام الأمثل لكل دولار مخصص" للبرامج المستقبلية على نطاق تلسكوب هابل الفضائي أو تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وخلال جلسة الاستماع سُئل عن التخفيض المقترح بنسبة 47 في المئة بموازنة "ناسا" العلمية لعام 2026، فقال الملياردير "إذا تم تأكيد تعييني فسأتفهم وضعنا المالي الحالي".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكتبت هاول في مقالتها حول ملابسات الترشيح ومجريات جلسة الاستماع "تغيرت الأحوال لمصلحة إيزاكمان عندما أعاد ترمب ترشيحه، في أعقاب تقارير إعلامية أشارت إلى وجود صراع على السلطة في إدارة ’ناسا‘، إذ أبدى إيزاكمان، مؤسس شركة Shift4 لمعالجة المدفوعات، حذراً في شأن التقلبات والمنعطفات في شهادته التي بثت مباشرة خلال جلسة الاستماع الأربعاء"، وقال للجنة "لا أريد حتى أن أتساءل عن سبب ترشيح الرئيس لي، ثم سحب ترشيحه، ثم إعادة ترشيحي، سوى أنني ممتن لهذه الفرصة في المقام الأول".
وفي معرض دفاعه عن نفسه أكد إيزاكمان أنه تبرع لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وقال إن صلته الوحيدة بإيلون ماسك، مؤسس شركة "سبيس إكس" ورئيسها التنفيذي، الذي شغل أيضاً منصباً موقتاً بارزاً يتعلق بخفض الكلف في إدارة ترمب، كانت صلة عمل وجاءت عبر مهمتي رواد الفضاء الخاصتين اللتين قام بهما بمساعدة "سبيس إكس"، واللتين انطلقتا عامي 2021 و2024، وأعلن إيزاكمان أن سباق "ناسا" مع الصين إلى القمر سيكون "شغله الشاغل" أثناء زعامته للوكالة، لكن "لعنة" صداقته مع إيلون ماسك تطارده حتى في ترشيحه الثاني، لذلك حذر متابعون من أن إعادة تعيينه ستعزز حقبة رجال الأعمال والارستقراط في الفضاء الأميركي.
ودعا إيزاكمان إلى توطيد العلاقة مع قطاع الصناعة حتى لا "نعتمد كلياً على دافعي الضرائب"، وبينما جادل بأنه "ليس هنا لتحقيق مكاسب شخصية، أو لتفضيل أو إثراء المتعاقدين"، أشار إلى زيادة الإنفاق على الدفع والطاقة النوويين المطورين من القطاع الخاص، إضافة إلى إقراره بضرورة الاعتماد على مركبات الإطلاق القابلة لإعادة الاستخدام، بوصفها عنصراً أساساً في نهج "ناسا" الجديد الهادف إلى الوصول إلى المريخ من خلال القمر.
وأكد أن هذا ليس وقت التأخير، بل وقت العمل، مما يعني أن إيزاكمان يعمل في الفضاء ولكن عينيه على موازين القوى على الأرض، لأنه قادم بالفعل ليطبق نظرية ترمب في الفضاء الأميركي، وهي نظرية تقوم على عسكرة قطاع الفضاء وتخفيض موازنة العلوم إلى أقصى درجة ممكنة في هذا الوقت من عمر الفضاء الأميركي.
ومن المواضيع المثيرة للجدل في شأن "ناسا" تحديداً طرح مرشح ترمب رأيه في نقاط كثيرة منها أنه "يقرأ التقارير الإخبارية التي يقرأها الآخرون نفسها، والمتعلقة تحديداً بتخفيض موازنة ’ناسا‘ للعلوم، التي كان من أهم عناوينها إغلاق مراكز علمية كبرى عريقة ومنها مركز غودارد"، وأضاف في هذا الخصوص "’غودارد‘ مهم جداً في قيادة الجهود العلمية لـ’ناسا‘، ولكن كما هي الحال مع التخفيضات المقترحة في تمويل العلوم، فإنني سأحتاج شخصياً إلى مزيد من الوقت لفهم ما يجري قبل اتخاذ أية قرارات"، وأضاف أنه سيخصص الموازنة وفقاً لتوجيهات الكونغرس، إذ لا تسن الموازنات التي يقترحها الرؤساء إلا بعد إقرارها من الكونغرس الأميركي.
وبالنسبة إلى "برنامج أرتيمس" لغزو القمر ومن ثم المريخ، تحدث إيزاكمان بحذر شديد عن الخصمين اللدودين بيزوس وماسك، مشيراً إلى أن شركة "بلو أوريجين" التابعة لجيف بيزوس فازت أيضاً بعقد هبوط رواد فضاء "أرتيمس"، وقال "أعتقد أن هذه المنافسة رائعة، أعتقد أن أفضل ما يمكن لـ’سبيس إكس‘ فعله هو أن تلحق بها ’بلو أوريجين‘، والعكس صحيح، وأضاف "ليس لدي اهتمام خاص بمزود من دون آخر، واهتمامي منصب على ضمان تحقيق الهدف".