ثمة اتجاه متصاعد في عدد كبير من الدول لدمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الموانئ، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة المهمات المتكررة، ومعالجة كميات كبيرة من البيانات وتبسيطها من خلال خوارزمياته لتوفير تحليلات تنبئية تساعد على تحديد الأحداث المستقبلية، مثل اتجاهات السوق.

كثيراً ما اشتهر قطاع الشحن البحري بمقاومته التغيير ونهجه المحافظ تجاه التقنيات الناشئة الغريبة عن الممارسات الاعتيادية لعمليات الموانئ، لكن الإمكانات الحالية للتكنولوجيا والحلول القائمة على البيانات تحدث تحولاً في المفاهيم تجاه التغيير التكنولوجي في عالم الشحن، ويتميز هذا التحول بزيادة التقبل للتطبيقات التكنولوجية، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً وترابطاً للقطاع بأكمله في الأعوام المقبلة.

وها نحن نجد نفسنا أمام عصر تتنافس فيه الدول على بناء الموانئ الذكية، إذ إنه في ظل ظروف السوق الحالية التي تتميز بالعولمة المتزايدة والتجارة الدولية، ومع نمو السفن وتحرك البضائع بوتيرة غير مسبوقة، أصبح من واجب الصناعة الآن احتضان التطورات التكنولوجية أكثر من أي وقت مضى.

ثمة اتجاه متصاعد في عدد كبير من الدول لدمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الموانئ، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة المهمات المتكررة، ومعالجة كميات كبيرة من البيانات وتبسيطها من خلال خوارزمياته لتوفير تحليلات تنبئية تساعد على تحديد الأحداث المستقبلية، مثل اتجاهات السوق، ومن المزايا الرئيسة الأخرى للذكاء الاصطناعي قدرته على المساعدة في اتخاذ القرارات من خلال تزويد البشر بالرؤى والتوصيات.

ويمكن تطبيق هذه التقنيات في قطاع الموانئ بطرق عدة عبر تحسين عملية الشحن بأكملها، من إدارة الطلبات إلى إدارة الخدمات اللوجستية والمخزون، وعلى سبيل المثال، يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات وإدارة الأسطول من خلال توفير مسارات شحن أكثر كفاءة، ويتحقق ذلك من خلال تحليل بيانات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والطقس وحركة المرور، علاوة على ذلك يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير سفن ذاتية القيادة قادرة على الملاحة والرسو واتخاذ القرارات بنفسها.

من ناحية ثانية يفيد تطبيق إنترنت الأشياء الموانئ في الحد من الموارد والتدخل البشري، ويشير إنترنت الأشياء أساساً إلى شبكة من الأجهزة والأشياء وأجهزة الاستشعار المترابطة التي تجمع البيانات وتتبادلها عبر الإنترنت، مما يسمح لهذه الأجهزة بالتواصل وتبادل المعلومات مع بعضها بعضاً واتخاذ قرارات قائمة على البيانات من دون الحاجة إلى مراقبة بشرية، ويسهم هذا الأمر في الحد من الخطأ البشري، مما يمكّن الموانئ من تعزيز الكفاءة التشغيلية والإدارة، خصوصاً السلامة.

وهكذا يمكن تزويد السفن بأجهزة استشعار إنترنت الأشياء لمراقبة السفن وإدارة الأخطار، وفي هذه الحال تراقب أجهزة الاستشعار كثيراً من الجوانب التشغيلية، بما في ذلك أداء المحرك واستهلاك الوقود ودرجة الحرارة وسلامة الهيكل، من ثم تنقل البيانات المسترجعة إلى البر، وهذا ما يمكّن شركات الشحن من مراقبة حال أسطولها وإجراء الصيانة التنبئية عن بعد، ويقلل من فترات التوقف والكلف المالية، ويعزز الممارسات المستدامة.

ويسهل إنترنت الأشياء إدارة الموانئ بغية تحسين الكفاءة والحد من الازدحام وأوقات انتظار السفن، ويتحقق ذلك من خلال تتبع حركة السفن والحاويات وغيرها من الأصول في منطقة الميناء.

التوأم الرقمي هو تمثيل افتراضي لجسم أو نظام أو عملية، يستخدم بيانات آنية وتحليلات متقدمة لمحاكاة سلوكيات وخصائص الكيان المادي الأصلي، ويتيح هذا التقريب الافتراضي للمشغلين مراقبة الكيان المادي الأصلي واختباره وتحليله لتحسين أدائه، ولهذه التقنية القدرة على تحقيق فوائد جمة لقطاع الشحن.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على سبيل المثال، يمكّن إعداد التوأم الرقمي لسفينة أو معداتها شركات الشحن من جمع بيانات حول مؤشرات أداء مختلفة، مثل أداء المحرك واستهلاك الوقود وحال المعدات، وغيرها، ومن ثم يمكن لشركات الشحن تحليل هذه البيانات للتنبؤ باحتياجات الصيانة والإصلاحات، مما يؤدي إلى جدولة تشغيلية أكثر كفاءة، إضافة إلى ذلك تساعد البيانات المتعلقة بأنماط استهلاك الوقود على زيادة كفاءة استهلاك الوقود، وتقلل من الكلف والانبعاثات الضارة.

يعد الجيل الخامس (5G) من تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية أحدث وأكثر البنى التحتية للشبكات تطوراً، إذ يوفر سرعة بيانات محسنة من خلال العمل على موجات راديو عالية التردد وسعة وموثوقية عالية، من هنا أثبت الجيل الخامس فاعليته الكبيرة في قطاع الشحن البحري.

وبفضل سرعات البيانات العالية تتمكن شركات الشحن من استرجاع البيانات الفورية اللازمة للمسائل الحساسة، مثل تتبع الشحنات وبيانات الخدمات اللوجستية، إضافة إلى ذلك تعزز سعة الجيل الخامس المتزايدة التطبيق الفعال لإنترنت الأشياء، إذ يمكن لشركات الشحن نشر شبكة واسعة من أجهزة الاستشعار والأجهزة المتصلة عبر سلسلة التوريد الخاصة بها بصورة موثوقة.

وتالياً، يعمل كل من شبكات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء لتحسين سلاسل التوريد، إذ يتاح تحسين عملية اتخاذ القرارات من خلال زيادة الرؤى حول مستويات المخزون وظروف الشحن وحال التسليم، مع تقليل تأخير الشحنات، بمعنى آخر لا يقتصر دور تقنية الجيل الخامس على تحسين عمليات الشحن فحسب، بل توفر أيضاً منصة مكملة للحلول الرقمية الأخرى.

في حين أن كثيراً من الموانئ تشهد تحولاً رقمياً ويمكن تصنيفها كمنافذ ذكية، إلا أن القليل منها نجح في الجمع بصورة متواصلة بين الأتمتة والذكاء الاصطناعي والاستدامة وتكامل البيانات في منظومة متكاملة فعالة، ويعتبر ميناء سنغافورة أذكى موانئ القارة الآسيوية، ويستخدم تتبعاً آنياً للسفن وتخصيصاً ديناميكياً للأرصفة لتحسين حركة السفن، وتساعد فيه التحليلات التنبئية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بتدفقات الحاويات وتجنب الاختناقات.

وفي القارة الأوروبية، يصنف ميناء روتردام في هولندا كأذكى ميناء في أوروبا، ومنذ تسعينيات القرن الماضي كان الميناء رائداً في التحول الرقمي في مجال لوجستيات الموانئ، واليوم، يستخدم الميناء منصة PortXchange، التي تمكّن العمليات المدعومة بالذكاء الاصطناعي واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، كذلك يتيح التوأم الرقمي للبنية التحتية للميناء بأكمله محاكاة سيناريوهات لوجستية معقدة، وتحسين تدفقات حركة المرور، وحتى الاستعداد للظواهر الجوية القاسية.

وتعكس مبادرة "الحاوية 42"، وهي حاوية لجمع البيانات تجوب العالم، طموح روتردام في الريادة في مجال البنية التحتية التجارية الذكية القائمة على البيانات.

ويقود ميناء لوس أنجليس في الولايات المتحدة المشهد المينائي الذكي في أميركا الشمالية، وتعد Port Optimizer™، وهي منصة لتبادل البيانات تجمع المعلومات من خطوط الشحن والمحطات والسكك الحديد وسائقي الشاحنات، عنصراً أساساً في استراتيجيته الرقمية، ولهذه المنصة دور بارز في توقع أحجام البضائع وإدارة تدفقات النقل بالشاحنات في الوقت الفعلي.

وقد اتخذ ميناء لوس أنجليس خطوات بيئية مهمة، إذ تنتشر شاحنات تعمل بالكهرباء والهيدروجين في جميع أنحاء المحطة، ويمكن للسفن توصيلها بشبكة الكهرباء البرية لتقليل الانبعاثات أثناء الرسو، في ما تراقب شبكة من أجهزة الاستشعار البيئي جودة الهواء ونشاط الميناء آنياً.

وعلى الضفة المقابلة يعد ميناء طنجة المتوسط في المغرب أذكى ميناء في أفريقيا، وقد برز كمركز لوجستي حيوي يربط بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، يعمل الميناء بنظام جمركي رقمي بالكامل، مما يتيح تجارة سلسلة عبر الحدود من دون الحاجة إلى إجراءات ورقية.

ومن خلال أنظمة البوابات والمحطات الذكية يضمن الميناء تدفقاً فعالاً لحركة المرور وإدارة فعالة للبضائع. وبفضل موقعه الاستراتيجي ونضجه الرقمي العالي يتصل الميناء بأكثر من 180 وجهة عالمية، وهذا ما يجعله بوابة حقيقية للتجارة من وإلى أفريقيا.

الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
الموانئ الذكية... ثورة في الشحن البحري وتبادل البضائع
أعلن في شمرا