سوريا: الشرع يتعهد بمحاسبة كل "من تورط في دماء المدنيين"
٩ مارس ٢٠٢٥تعهّد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الأحد (التاسع من مارس/ آذار 2025) بمحاسبة كل من "تورط في دماء المدنيين"، بعد اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد في غرب البلاد، قتل خلالها أكثر من ألف شخص بينهم مئات المدنيين العلويين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال الشرع في كلمة مقتضبة مساء اليوم الأحد " نؤكد أننا سنحاسب بكل حزم ودون تهاون كل من تورط في دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة، ولن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين، سيواجه العدالة عاجلا غير آجل".
اقرأ أيضا: الصفدي: أمن سوريا واستقرارها هو أمن واستقرار لنا جميعا
وأضاف الشرع: "اليوم ونحن نقف في هذه اللحظة الحاسمة، نجد أنفسنا أمام خطر جديد، يتمثل في محاولات فلول النظام السابق ومن وراءهم من الجهات الخارجية، خلق فتنة جديدة، وجر بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها، ولعل ما يحدث في بعض مناطق الساحل هو المثال الأوضح على هذه المحاولات، وليست هي الأولى بل حدث مثلها قبل شهر ونصف وأخمدناها بفضل الله".
ونددت الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم أخرى بما حدث في الساحل السوري، داعية السلطات السورية الى وضع حد لها.
كذلك، دانت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا في بيان ما وصفته بـ"الجرائم المرتكبة" بحقّ السكان في غرب البلاد.
وأورد البيان: "إنَّنا في الإدارة الذاتية الديموقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، نُدين بشدة الجرائم المُرتكبة بحق أهلنا في الساحل، ونؤكد أنَّ هذه الممارسات تُعيدنا إلى حقبة سوداء لا يريد الشعب السوري تكرارها"، مطالبة "بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم".
حصيلة جديدة
وفي حصيلة جديدة الأحد، أورد المرصد السوري أن "830 مدنيا علويا قُتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة" منذ الخميس. وبذلك، تبلغ الحصيلة الإجمالية 1311 قتيلا على الأقل، بينهم 231 عنصرا من قوات الأمن و250 من المسلحين الموالين للأسد. وأضاف رامي عبد الرحمن مدير المرصد أن المدنيين بينهم نساء وأطفال.
وكان الشرع قد قال في كلمة ألقاها صباح الأحد في أحد مساجد دمشق إن "ما يحصل في البلد هو تحديات متوقعة". وأضاف بالقول: "يجب أن نحافظ على الوحدة الوطنية، على السلم الأهلي قدر المستطاع"، مؤكدا أن السوريين قادرون على "أن نعيش سوية بهذا البلد".
لكن الباحث في مؤسسة "سنتشوري انترناشونال" آرون لوند يرى أن "المسلحين العلويين لا يشكلون تهديدا لسلطة الشرع، لكنهم يمثلون تحديا محليا خطيرا"، مبديا خشيته من أن يطلق التصعيد الأخير "العنان لتوترات من شأنها أن تزعزع الاستقرار بشكل كبير".
وأضاف "يشعر الطرفان بأنهما يتعرضان لهجوم، وكلاهما تعرض لفظائع مروعة على يد الآخر"، في وقت لا تملك حكومة الشرع للتعامل مع المسلحين العلويين، إلا "سلطة القمع، وجزء كبير من هذه السلطة يتكون من متشددين جهاديين يعتبرون العلويين أعداء الله".
تشكيل لجنة تحقيقية وأخرى "للسلم الأهلي"
وأعلنت الرئاسة السورية في وقت سابق تشكيل لجنة "مستقلة" بهدف التحقيق بالأحداث التي وقعت في غرب البلاد، لافتة إلى أنها تتألف من سبعة أشخاص. بدورها أعلنت وزارة الداخلية الأحد إرسال تعزيزات إضافية إلى منطقة القدموس بريف طرطوس، بهدف ضبط الأمن وتعزيز الاستقرار وإعادة الهدوء إلى المنطقة.
وفي وقت لاحق أصدرت الرئاسة السورية قرارا بتشكل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي، بعضوية حسن صوفان وأنس عيروط وخالد الأحمد، مهمتها "التواصل المباشر مع الأهالي في الساحل السوري للاستماع إليهم".
كما كُلفت اللجنة بـ "تقديم الدعم اللازم لأهلنا في الساحل السوري بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم". ومن مهام اللجنة أيضا "العمل على تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة".
من جهتها، أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلا عن مصدر في وزارة الدفاع قوله "تجري الآن اشتباكات عنيفة بمحيط قرية تعنيتا بريف طرطوس، حيث فر إليها العديد من مجرمي الحرب التابعين لنظام الأسد البائد ومجموعات من الفلول المسلحة التي تحميهم".
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالا انتقامية بينها مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تُدرجها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها. وأفاد سكّان في المنطقة الساحلية بغرب سوريا حيث تتركز الأقلية العلوية، بعمليات قتل طالت مدنيين.
اجتماع لمجلس الأمن
وفي تطور لاحق قال دبلوماسيون اليوم الأحد إن كلا من الولايات المتحدة وروسيا طلبتا من مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع مغلق غدا الاثنين لبحث تصاعد العنف في سوريا.
يُذكر أن الإطاحة بالأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أنهت حكم عائلته سوريا لعقود بقبضة من حديد وبعد حرب أهلية دمرت البلاد بدأت كانتفاضة سلمية في 2011.
وأصبحت الحرب مسرحا لصراعات بالوكالة بين مجموعة من الفصائل المسلحة ذات الولاءات والأجندات المختلفة إذ تلقى بعضها دعما من دول غربية ودول عربية ومن تركيا، في حين دعمت روسيا وإيران وفصائل موالية لطهران الأسد. وتسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف ونزوح ملايين السوريين.
ومنذ الإطاحة بالأسد اشتبكت فصائل مدعومة من تركيا مع القوات الكردية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق سوريا.
ع.غ/ أ.ح (أ ف ب، رويترز، د ب أ)