قبائل شرقي سوريا تتظاهر ضد سرقة النفط وبيعه لهم بأسعار عالية

سأل أحد مقدمي البرامج التلفزيونية ذات مرة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت، عن الآثار الهائلة للحصار الاقتصادي على العراق إبان حرب الخليج الثانية، فقال لها: "سيدة أولبرايت.. هل كان قتل نصف مليون طفل عراقي تحت الحصار يستحق ذلك؟ فأجابت: نعم.. يستحق ذلك".

بهذا المثال، وصف الخبير في العلاقات السياسية والاقتصادية بدر الوسوف، خلال حديث خاص لـ"سبوتنيك" السياسيات التي تتبعها الولايات المتحدة ضد الدول التي لا تتوافق معها، مشيرا إلى الهدف الأساسي لموجات العقوبات المتتالية على سوريا هو الإقباض على كامل الثروات النفطية التي تم اكتشافها وتلك التي يتوقع اكتشافها مستقبلا، تماما كما جرى عليه الأمر في العراق.

إجابة قصيرة

وأضاف: "إجابة أولبرايت القصيرة التي لا تتجاوز الثلاث الكلمات، كانت ربما من أفظع الإجابات في التاريخ، لكنها أيضاً من أكثرها صدقاً وتلخيصاً لأهداف وغايات الولايات المتحدة في استخدامها سياسة العقوبات ضد الدول والشعوب الأخرى، التي لا تسير في ظل مصالح واشنطن السياسية والاقتصادية، منذ اللحظة الأولى التي سطع فيها نجم واشنطن كقوة اقتصادية وحتى الآن".

وأشار الوسوف إلى أن هذا التصريح وردّات الفعل الكبيرة والمنددة التي تبعته حينها، قدمت درسا للمسؤولين الأمريكيين ما بعد مادلين كي يكونوا أكثر دبلوماسيةً وتلفيقاً وإخفاءً للحقيقة في أغراض الولايات المتحدة من استخدامها سلاح العقوبات على الدول الأخرى.

أزمة اقتصادية

على هذا المنوال، أشار الخبير في العلاقات السياسية خلال حديثه لـ "سبوتنيك" إلى أن تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جويل رايبورن الأخيرة، حول عقوبات إدارته على سوريا بمعرض رده على تصريحات خبيرة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إلينا دوشان، التي قالت إن "العقوبات تنتهك حقوق الشعب السوري وتزيد من تفاقم الوضع المتردي بالفعل خاصة خلال وباء (كوفيد 19)"، حيث حمل رايبورن المسؤولية الكاملة عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها سوريا، للسلطات السورية نفسها، والتي حسب تصريحه "دمرت مرافق البنية التحتية للاقتصاد السوري، متجاهلاً عن قصد تأثير العقوبات الهائل على المحاولات التي تقوم بها الحكومة السورية والشعب السوري معاً في إعادة إعمار وترميم وتشغيل هذه البنى التي تضررت نتيجة حرب مع مجاميع مسلحة دعمتها الولايات المتحدة نفسها، وحلفائها خلال فترات الحرب على سوريا".

ويضيف الوسوف بالقول "لا يقل تلفيقاً وتشويهاً للحقيقة كل التصريحات الأخرى التي تحدث فيها الأمريكيون عن تجنيب المواطنين السوريين هذه العقوبات، إذ إن أي شخصٍ عاقل يعلم تماماً أن هذه العقوبات ستصيب المواطن السوري العادي في الصميم وتؤثر بشكل مباشر على حياته وحاجياته الأساسية من الغذاء والدواء و غيرها".

قانون قيصر

وشدد على أن المشرع الأمريكي الذي رسم بنود قانون قيصر وما قبله، كان يعي تماماً أنها ستؤدي في النهاية إلى تأثيرات سلبية هائلة على حياة المواطن السوري العادي.

وفي هذه السياق، أكد الخبير في العلاقات السياسية والاقتصادية أنه يكفي الحديث عن العقوبات التي طالت قطاع الطاقة والنفط السوري، وتهديد الأمريكيين الدائم بمعاقبة كل من يساعد الحكومة السورية في تأمين مستلزمات الطاقة، هذا التهديد الذي يتقاطع مع سيطرة الولايات المتحدة على أكبر حقول النفط السوري بشكل مباشر من خلال جنودها وقواعدها، ويتقاطع أيضاً مع هجمات خلايا داعشية نائمة تستهدف الطرق الرئيسة في البلاد.

وأضاف الوسوف أن كل ذلك في النهاية سيؤدي إلى التأثير المباشر على لقمة عيش السوريين وحاجاتهم الأساسية، من خلال حرمان معاملهم ومزارعهم من الطاقة اللازمة لتشغيلها وإنتاجها، وحرمان منازلهم من الطاقة اللازمة لدفئها وحياتها، وهو ما حاول وزير الإدارة المحلية السوري، حسين مخلوف ومساعد وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، توضيحه خلال مؤتمر صحفي سوري روسي مشترك، عقد في دمشق في الـ 28 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث أكدا أن الأزمة الاقتصادية في البلاد وعدم قدرة الحكومة السورية على تزويد شعبها بكل ما هو ضروري للحياة هي نتيجة العقوبات الأمريكية.

جدوى العقوبات

وختم الخبير في العلاقات السياسية والاقتصادية حديثه لـ "سبوتنيك" بالقول "لو قُدر لنا اللقاء مع أحد المسؤولين الأمريكيين الكبار، وسؤالهم عن غرض وجدوى عقوباتهم على سوريا مع رجائنا منهم الإجابة بصدق، فربما كان جوابهم حينها، نعم يستحق ذلك، أو ربما اقتبسوا من كلام رئيسهم والوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية دونالد ترامب الذي قال: "ما يهمني في سوريا هو النفط، ولا شيء شخصي".

أعلن في شمرا