فرن خبز

24/01/2021 نبض السوق

لستُ أدري ولا أحد يدري على الأرجح ما هي المعضلة الشديدة التي تمنع ( السورية للمخابز ) من انتهاج سياسة تسويقية بسيطة جداً للخبز الذي تنتجه يومياً، ولا ما هي المعضلة الأشد في أن تحتكر عملية التسويق على كوى الأفران وهي عاجزة عن ذلك، إلاّ بتلك الطريقة المخزية التي تحصل اليوم، ونراها في كل صباحٍ وظهيرةٍ ومساء، والمتمثلة بالحفاظ على ذلك الازدحام المرعب على الأفران، وكأنها تُقدّم بذلك منجزاً حضارياً لا يمكن الاستغناء عنه .. ؟!!

من غير الممكن أن تعمد مراكز الإنتاج – لأي منتجٍ كان – على تسويق ما تنتجه عبر كوى تُفتح في أحد جدران المصانع، ويجتمع الناس على هذه الكوى لشراء المنتجات، فنحن في هذه الحالة نكون قد تعطلنا عن كل شيء، لأننا نحتاج بذلك – مثلاً – إلى ساعة أو ساعتين للحصول على كيلو دبس بندورة من أحد مصانع الكونسروة، وإلى ساعة أو ساعتين للحصول على كيلو طحينة من أحد مصانع الطحينة، وإلى ساعتين أو ثلاثة للحصول على ظرف سيتامول من تاميكو، وساعتين أو ثلاثة أخرى للحصول على صنف دواء آخر من أحد مصانع الدواء، ونحتاج إلى أربع أو خمس ساعات للسفر إلى حمص أو السويداء لنحصل على ليتر من الميماس أو الريان، كما أن علينا أن نرصد ساعاتٍ عديدة لنقصد أحد مصانع الاسمنت لنشتري كيساً أو كيسين أو حتى طناً من الاسمنت ..!

هكذا لا يستقيم الحال على الإطلاق، لأننا بذلك سنحتاج إلى أيامٍ وشهورٍ وسنين ولا نستطيع خلالها استحضار احتياجاتنا الأساسية، رغم أن عملية شرائها لا يحتاج إلى أكثر من دقائق، ومن أجل هذا كان من أبسط البديهيات قيام المصانع باتباع طرائق تسويقية تنقل منتجاتها إلى الأسواق، وإلى العديد من المحال في تلك الأسواق، تسهيلاً لوقت وجهد وتكاليف المستهلكين، وتحاشياً لجمهرتهم أمام المصانع ومراكز الإنتاج.
إن كل مخبز من المخابز الموجودة في سورية سواء كان للقطاع العام أم الخاص هو مصنعٌ بحدّ ذاته يقوم على صناعة الخبز، ولا ندري – حتى الآن – لماذا لا يُسوّق هذا المُنتج كغيره من المنتجات إلى الأسواق ..؟!

فما الذي يمنع من إيجاد طرائق تسويقية سليمة وحضارية يتم من خلالها نقل الخبز يومياً من مراكز صناعته وإنتاجه ( المخابز ) إلى الأسواق، وإلى مختلف البقاليات، كي يباع هناك حصراً وبكل سهولة وأريحيّة، لتنتهي هذه المهزلة، وهذا الذل المجاني اليومي للناس على أبواب ونوافذ المخابز ..؟!!
من غير المعقول الإبقاء على هذه الطريقة المتخلفة في بيع الخبز والإصرار عليها، فهي لا توزن لا بميزانٍ ولا بقبّان، وهي لا تُشكّل ضغطاً ومعاناة وضياعاً للوقت والجهد على المستهلكين فقط، وإنما على المخابز والعاملين فيها أيضاً، إلاّ إن كان هناك متعةً خفيّة عند السورية للمخابز بهذا الازدحام المتأزّم والملتهب إلى الحدود اللامعقولة يومياً، ولا تُفصح عنها، وهذا خطأ كبير، فعلى السورية للمخابز أن تكشف عن هذه المتعة علّنا نشاركها إيّاها، ونقتنع أنّ علينا بعد ذلك أن نُجلدَ يومياً أمام الأفران ونحن نبتسم ..!

علي جديد

خاص_سنسيريا

أعلن في شمرا