لم يعد الأطباء ينصحون بإجراء الفحوصات الذاتية لسرطان الثدي؛ إليك ما يجب معرفته
كان يُنصح بإجراء الفحص الذاتي للثدي بوصفه جزءًا من روتين المسح لسرطان الثدي، فلماذا تغيرت الممارسات السريرية، وما البديل الذي يُوصي به الخبراء؟
منذ نحو 4 سنوات، لاحظت سيدة أمريكية تدعى بيكا براون بعمر 41 عامًا كتلة بحجم حبة العنب في جانب الثدي في أثناء استعدادها للنوم. تبين بعد الفحص والمتابعة أنها كتلة سرطانية سريعة الانتشار، لكن اكتشافها المبكر للورم يعني استجابة أفضل للعلاج، وفي النهاية شُفيت براون من المرض.
قالت براون ناصحة: «حتى إن كان ما تجدنه صغيرًا، يجب السعي من أجل استقصائه، ومن المهم لكل امرأة معرفة الحدود الطبيعية لثدييها، وذلك لتتمكن من ملاحظة أي تبدل غير عادي قد يحدث».
اعتاد الخبراء أن يوصوا الناس المعرضين لخطورة الإصابة بسرطان الثدي بفحصه ذاتيًا، ويتطلب ذلك فحص الثديين بالرؤية واللمس بانتظام بحثًا عن أي تغيير ملحوظ. وشجعت حملات التوعية بسرطان الثدي على القيام بهذه الفحوص التي تتبع اجراءات محددة.
ما الجديد إذن؟ وهل ما زال الفحص الذاتي لسرطان الثدي واجبًا؟ يدعو الأطباء حاليًا إلى شيء أقل تنظيمًا من الفحوص الذاتية للثدي، ويُسمى بالوعي الذاتي بالثدي، ويعني التحقق من الانسجام والتناغم في مظهر الثدي وملمسه، وذلك عوضًا عن بالفحص الذاتي المنهجي.
اكتشفت كثير من النساء إصابتهن بسرطان الثدي بأنفسهن، إذ اكتُشِفت قرابة 25% من الأورام بالفحص الذاتي الدقيق، و 18% منها بالصدفة، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Women’s Health عام 2011.
لكن لم يعد يُوصى بالفحص الذاتي للثدي بالنسبة للنساء المعرضات لخطر الإصابة بسرطان الثدي بأسباب لا ترتبط بالجينات أو القصة العائلية.
اتخذ خبراء رائدون في هذا المجال القرار، ومنهم فرقة العمل الوقائية التابعة للولايات المتحدة، والجمعية الأمريكية للسرطان، والكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء.
وجدت الأبحاث أن الفحوصات الذاتية للثدي أدت إلى زيادة معدل فحص السرطان بواسطة التصوير أو الخزعات، والحصول على نتائج إيجابية كاذبة، ما يعني أن الفحوص أشارت إلى إصابتهم بالسرطان دون وجوده في الواقع.
في نفس الوقت، لم تترافق الزيادة في الاختبارات مع زيادة في التشخيص المبكر أو انخفاض في وفيات السرطان، وذلك تبعًا لدراسة نُشرت في مجلة Journal of the National Cancer Institute، إذ تعود هذه الفوائد إلى طرق المسح الأخرى وأهمها الماموغرام، والهدف من أي وسيلة فحص هو اكتشاف علامات السرطان باكرًا، وتنبيه الشخص من أجل متابعة الاستقصاء، إذ قد يُوضع تشخيص منهجي فيما بعد.
في ضوء هذه الاكتشافات، غيَّر الخبراء من توصياتهم، فالآن يشجعون المريضات على الانتباه فقط للمظهر وللشعور المعتاد بالثديين.
قالت الدكتورة ماري جيميجناني بوصفها استشارية جراحة سرطان الثدي في NYU Langone Health:
«خلافًا للفحوص الذاتية، هذه ليست فحوصًا منهجية لنسيج الثدي، إنها ليست فعلًا وإنما شعورًا، تعرف معظم النساء أجسامهن أفضل من أي طبيب آخر، ويجب الإبلاغ عن أي تغيير يحدث».
مع ذلك، على المستوى الفردي، يناقش بعض الأطباء في أن أي شكل من أشكال الفحص الذاتي -سواء أكان فحصًا ذاتيًا رسميًا أو محض وعي ذاتي- له فوائد تفوق مخاطر الإيجابيات الكاذبة والاختبارات غير الضرورية.
قال الطبيب مهرا غولشان بوصفه نائب الرئيس الطبي الاستشاري للخدمات الجراحية في مستشفى Smilow Cancer وفي مركز yale للسرطان في نيو هافن في ولاية كونيتيكت:
«يرافق النتائج الإيجابية الكاذبة قلق وتوتر، فيفضل الناس أن يكونوا في أمان عوضًا عن الندم، وإن من الجيد تلقي مكالمة هاتفية تفيد بأن النتيجة حميدة».
إن معظم التغيرات التي تُكتشف بالفحوص الذاتية أو الوعي الذاتي ينتهي بها المطاف إلى أن تكون حميدة، ونظرًا لخبرة الطبيب مهرا في الممارسة، شُخص العديد من المرضى في عيادته بسرطانات معروفة كان قد فاتها التصوير الروتيني.
ممارسة الوعي الذاتي تعني الملاحظة المستمرة لمظهر الثديين وملمسهما، ربما في أثناء الاستحمام أو عند تبديل الملابس.
تشمل التغيرات التي يجب الانتباه إليها كتلًا على الثدي، وتصلب نسيج الثدي، وتغير لون الجلد، والتبدلات في العقد اللمفية التي قد تسبب تورمًا في الإبطين أو حول الترقوة، وأيضًا البحث عن انقلاب الحلمات أو إفرازات الحلمة.
إن عدم التناظر الحديث في الثديين في الشكل العام أو التغير الملحوظ في ثدي واحد بالنسبة للآخر، قد يستدعي متابعة الفحص.
يحذر الأطباء من أن يحل الوعي الذاتي بالثدي محل طرق الفحص الأخرى، مثل الماموجرام والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، إذ يجب أن يُطبَّق الوعي الذاتي بالثدي إلى جانب وسائل المسح الدورية الأخرى، وذلك من أجل إبلاغ الطبيب بسرعة بأي تغييرات تُكتشف.
توجد اختلافات طفيفة في عدد المرات التي تنصح بها مجموعات الأطباء المختلفة المرضى لإجراء المسح، إذ توصي فرقة العمل الوقائية التابعة للولايات المتحدة بأن تحصل الإناث اللاتي تتراوح أعمارهن بين 40 و 74 عامًا ممن لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي على إجراء الماموغرام كل عامين، وتوصي كلية أمراض النساء والتوليد الأمريكية بأن يبدأ الفحص من سن الأربعين ويتكرر كل عام إلى عامين حتى سن 75، وتقترح الجمعية الأمريكية للسرطان إجراء الماموغرام سنويًّا للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و 54 عامًا، وكل عامين بعد سن 55.
قد يستفيد بعض الأشخاص من البدء بالمسح في أعمار مبكرة أو من إجراء وسائل مسح عدة، وذلك تبعًا لقصصهم العائلية للسرطان وجيناتهم. إن وجود ثديين كثيفين وأم أو جدة مصابة بسرطان الثدي أو قصة عائلية لسرطان المبيض يضع الأنثى في فئة خطر أعلى، ما يتطلب مسحًا مبكرًا أو أكثر تكرارًا.
تُنصح صاحبات القصة العائلية القوية للسرطان باستشارة اختصاصي في الطب النسائي وإجراء استشارة وراثية لمعرفة مدى الخطورة بشكل أفضل.
قد يكشف الفحص الجيني التبدلات في جينات معينة مثل (BRCA1 و BRCA2) التي ترتبط بالخطورة المرتفعة لسرطان الثدي.
من المنطقي إعلام الطبيب بأي تغيرات تُكتشف في الثديين في أثناء وعي الثدي الذاتي، مهما كانت تبدو صغيرة، وذلك من أجل استبعاد السرطان أو الكشف عن المرض باكرًا.
تقول براون: «لا يكفي ملاحظة الكتلة فقط بل يجب فحصها واتخاذ الخطوات اللازمة».
اقرأ أيضًا:
ما هي أكثر الأماكن شيوعًا لتطور سرطان الثدي؟
تكشف الدراسة أن قوة حاسة الشم تغير طريقة التنفس
ترجمة: حيان الحكيم
تدقيق: نور حمود
مراجعة: محمد حسان عجك
المصدر