مارسيل خليفة بمهرجان صيدا... انتصار على الموت في غزة ولبنان

المصدر : INDEPENDENT | الأثنين , 11 أب | : 172

اكتسبت حفلة خليفة في صيدا، كبرى مدن جنوب لبنان، دلالة رمزية، إذ تأتي بعد حرب بين إسرائيل و"حزب الله" دامت من سبتمبر إلى نوفمبر 2024، كان الجنوب مسرحاً رئيساً لها، بعد عام من المواجهات الحدودية بين الطرفين.

تخلى الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة في الحفلة التي أحياها، مساء أمس السبت، في مدينة صيدا الجنوبية وأرادها "انتصاراً على الموت"، عن الوشاح الأزرق الذي كان يطل به خلال الأعوام الأخيرة، وارتدى وفرقته ثيابا سوداء، موجهاً ببرنامجه تحيات إلى "أهل غزة" وضحايا انفجار مرفأ بيروت.

وبـ"نشيد الموتى"، استهل خليفة حفلته التي اختتم بها مهرجانات صيدا، على مسرح أقيم قرب القلعة الأثرية البحرية للمدينة، احتضن نحو 2200 شخص من كل الأعمار.

وبين هؤلاء نحو 20 شخصاً حضروا خصيصاً من غزة، فقد بعضهم أجزاء من أجسامهم أو باتوا مقعدين بفعل تعرضهم لإصابات خلال الحرب التي تخوضها إسرائيل منذ نحو عامين في القطاع الفلسطيني رداً على هجوم غير مسبوق شنته حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتأتي حفلة خليفة الذي ارتبط قسم كبير من أعماله بفلسطين واستندت إلى قصائد شعرائها وفي مقدمهم محمود درويش، في ظل إعلان إسرائيل نيتها احتلال القطاع بأكمله.

كذلك اكتسبت حفلة خليفة في صيدا، كبرى مدن جنوب لبنان، دلالة رمزية، إذ تأتي بعد حرب بين إسرائيل و"حزب الله" دامت من سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، كان الجنوب مسرحاً رئيساً لها، بعد عام من المواجهات الحدودية بين الطرفين.

وقال خليفة إن "الأغنية والموسيقى وسط هذا المشهد المرعب من الدمار والأنقاض والركام وبعد عشرات ألوف القتلى والجرحى واللاجئين هما الخلاص (...) على رغم الموت والحرب والوحشية والإبادة الروحية والجسدية" في غزة ولبنان.

ورأى أن "كل نوتة وكل أغنية وكل قصيدة هي اليوم شمس كبيرة تعيد إلينا الحب والكرامة والحرية، تعيدنا إلى الحياة، تنقذنا، وهي انتصار على الموت" وتظهر "أن ثمة أملاً بعد في هذا الزمن الاجرامي". وقال خليفة، "هذه الحفلة تحية لصيدا وأهلها في هذا الظرف الصعب (...) واخترنا المكان الذي نقدم فيه ما يحتاج إليه الناس، قليل من الأمل ولو كان الأمل مستحيلاً".

وفي ضوء قمر مكتمل وعلى وقع هدير أمواج البحر التي أحاطت من كل ميل بالمسرح، رافقت فرقة موسيقية ضمت 11 عازفاً وجوقة من ثمانية منشدين خليفة في أداء "نشيد الموتى"، قبل أن يقدم "في البال أغنية" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

ووجه خليفة "تحية من القلب إلى هذا الشاعر الكبير" الذي توفي في اليوم نفسه قبل 17 عاماً، في التاسع من أغسطس (آب) 2008، وتستند أغنيات عدة لخليفة إلى قصائده، من بينها "ريتا والبندقية" التي كانت أيضاً ضمن برنامج الحفلة الصيداوية، وسبق الجمهور خليفة إلى تردادها ورافقه خلالها.

وعلى أوتار عوده، واكب خليفة نجله رامي خلال عزفه على البيانو بأسلوبه الديناميكي مقطوعة قال الفنان الأب إنها "تحية لفنان كبير" هو زياد الرحباني الذي توفي في 26 يوليو (تموز) الماضي عن 69 سنة.

ثم توالت الأغنيات من "بغيبتك نزل الشتي" و"سجر البن" و"ركوة عرب" للشاعر اللبناني طلال حيدر، وموشح "يا نسيم الريح" لجلال الدين الرومي عن الحب والتصوف.

وعزف نديم روحانا على الأكورديون موسيقى ألفها مارسيل خليفة بعنوان "تانغو تشي غيفارا"، الثوري الكوبي الماركسي الأرجنتيني المولد.

وفي تحية "إلى الشهداء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت" في الرابع من أغسطس 2020، عزف رامي خليفة مقطوعة من تأليفه، بدت أشبه بلوحة متعددة المشاهد والأبعاد في الذكرى الخامسة لهذه الكارثة التي أودت بما يزيد على 220 شخصاً وأدت لإصابة الآلاف، ودمرت أجزاء من العاصمة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإلى "أهل غزة"، وجه خليفة تحية أخرى، من خلال أغنيته الشهيرة "منتصب القامة أمشي" التي أنشدها الجمهور بأكملها قبل أن يفعل الفنان، وكرر "إني اخترتك يا وطني" نزولاً عند طلب الجمهور الذي شاركه غناءها في المرة الأولى.

وبلغت حماسة الحاضرين ذروتها عندما اقتربت مراكب صيادي السمك الصيداويين من المسرح رافعة الأعلام اللبنانية على وقع "يا بحرية هيلا هيلا" التي غناها مارسيل للمرة الأولى في صيدا خلال سبعينيات القرن الـ20.

وتكمن أهمية حفلة خليفة في صيدا أيضاً في ارتباط "عاصمة الجنوب" اللبناني ببداياته الفنية. وقال في هذا الصدد "صيدا هي أرض أغنيتي. أنا أعود إليها اليوم، وأعود مثل البحار العتيق إلى مينائها".

وذكر بأنه غنى في صيدا للمرة الأولى "وعود من العاصفة"، وهي قصيدة لمحمود درويش أيضاً شكلت أيضاً عنواناً لألبوم خليفة الأول عام 1976.