جيل جديد من الدبابات... نقلة نوعية في ساحة المعارك

المصدر : INDEPENDENT | الخميس , 31 تموز | : 129

يجسد مشروع دبابة "كيه 3" تحولاً نحو الابتكار والاستقلال في مجال استهلاك الطاقة ضمن مجال التنقل العسكري، مع تطور بيئات ساحة المعركة نحو اشتباكات عالية السرعة وعالية القدرة على البقاء.

يبدو أننا سنشهد في الأعوام المقبلة ظهور دبابات مقاتلة تحمل ابتكارات من شأنها أن تعيد تعريف المعايير العسكرية الراهنة وتحدث ثورة تكنولوجية حقيقية في ساحات القتال، مستندة إلى مواصفات فنية متقدمة ونظام دفع هيدروجيني.

وتعد شركة "هيونداي روتيم" الكورية الجنوبية أبرز من يطور هذا الجيل الجديد من الدبابات. وقد أطلقت رسمياً قبل بضعة أيام ورشة تطوير دبابة القتال الرئيسة من الجيل التالي المسماة "كيه 3"، بالتنسيق مع وكالة تطوير الدفاع ووكالة الدفاع للتكنولوجيا والجودة الكوريتان.

وتوصف دبابة "كيه 3" بأنها طورت لتتضمن تحسينات كبيرة على دبابة "كيه 2 بلاك بانثر"، ومن المقرر أن يبدأ إنتاجها في عام 2040. ويمثل هذا البرنامج أكثر مبادرات كوريا الجنوبية طموحاً في مجال الدروع، وهو نقلة نوعية في مجال التنقل والبقاء ضمن ساحة المعركة من خلال الانتقال إلى نظام الدفع بخلايا وقود الهيدروجين.

تعكس فلسفة تصميم "هيونداي روتيم" للدبابة "كيه 3" تحولاً في العقيدة التشغيلية للحرب الآلية، ويجري تطوير دبابات المستقبل هذه بنظام دفع هجين للتخلص من محرك الديزل.

ستتميز الإصدارات المبكرة من هذه الدبابة بنظام ثنائي الوضع يعمل بالهيدروجين والديزل قبل الانتقال الكامل إلى خلايا الوقود، والتي من المتوقع أن توفر مزايا تكتيكية كبيرة. وتشمل هذه الميزات انخفاضاً كبيراً في البصمات الصوتية والحرارية، مما يقلل من قابلية الكشف من أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء وأنظمة المراقبة الصوتية، مع تعزيز القدرة على التحمل التشغيلي والتنقل.

وقد صرحت الشركة الكورية الجنوبية سابقاً بأن دبابة القتال الرئيسة من الجيل التالي التي نتحدث عنها تتفوق على جميع قدرات دبابات القتال الرئيسة الحالية، وهذا ما يوفر استخداماً أكثر كفاءة للمهام بأحدث التقنيات لحروب المستقبل. وأضافت الشركة أن التغييرات في ساحة المعركة تتطلب قوة نيران أفضل، وقيادة وتحكماً، وقدرة على البقاء.

يرتكز جوهر قوة نيران دبابة "كيه 3" على مدفع رئيس أملس من عيار 130 ملليمتر مثبت على برج آلي، وطور هذا النظام المدفعي لتحقيق قوة فتك بعيدة المدى، وهو مدعوم بنظام تحكم في النيران محسن بالذكاء الاصطناعي قادر على تتبع الأهداف والاشتباك معها بصورة مستقلة.

وأظهرت الاختبارات الأولية نجاحات مهمة، من بينها فعالية المدفع عيار 130 ملليمتر، ويمثل الاختبار الناجح للمدفع إنجازاً مهماً للبرنامج، إذ يضع كوريا الجنوبية في طليعة مطوري أسلحة دبابات القتال الرئيسة المتقدمة. وبالمقارنة مع المدافع الملساء من عيار 120 ملليمتر الحالية واسعة الاستخدام، من المتوقع أن يوفر مدفع الدبابة أداءً فائقاً في اختراق الدروع، ومدى أطول، وطاقة فوهة أعلى، ويسمح لـ "كيه 3" بمواجهة التهديدات المستقبلية بفعالية.

وتدمج الدبابة كذلك تقنيات متطورة، مثل رؤية واقع افتراضي بزاوية 360 درجة تتيح رؤية محيطية كاملة، ونظام توجيه نيران مدعوم بالذكاء الاصطناعي، فتعكس بذلك مستوى عال من الابتكار التكنولوجي.

ووفقاً لمسؤولي الشركة، سيمكن النظام من تنفيذ ضربات استباقية واستهداف عالي السرعة في بيئات قتالية متصلة بالشبكة، كذلك سيضم البرج الآلي أيضاً صواريخ موجهة مضادة للدبابات متعددة الأغراض، مما يوفر مدى اشتباك يصل إلى ثمانية كيلومترات.

هذا ليس كل شيء، إذ ستتولى منصة أسلحة من عيارات تراوح بين 12.7 إلى 30 ملليمتر أنظمة الدفاع عن قرب. فيما يجري تحسين بقاء الطاقم من خلال تصميم هيكل منخفض الارتفاع وكبسولة داخلية مدرعة تتسع لطاقم مكون من ثلاثة أفراد أي السائق والمدفعي والقائد، وجعلهم معزولين عن مخزن الذخيرة.

يعكس هذا التقسيم مفاهيم السلامة المتبعة في التصاميم الغربية الحديثة، ولا سيما دبابة "ميركافا" الإسرائيلية ودبابة "بانثر كيه أف51" الألمانية.

إلى ذلك ستستخدم دبابة "كيه 3" تقنيات متطورة لحماية نفسها، فستُزود بأنظمة مضادة للأشعة تحت الحمراء الاتجاهية لصد الصواريخ الحرارية، ونظام حماية نشط (أي بي أس) لاعتراض المقذوفات المقبلة.

كما ستتضمن مجموعة تشويش على الطائرات من دون طيار للدفاع ضد أسلحة المراقبة والتسكع، وأجهزة تشويش للقتل الناعم، وأنظمة كشف التهديدات القائمة على الذكاء الاصطناعي، وهذا ما سيعزز سلامة الدبابة في المواجهات البرية العنيفة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتهدف شركة "هيونداي روتيم" أيضاً إلى تزويد الدبابة بهندسة التخفي ومواد مخفضة للبصمة، تضاهي نموذج الدبابة البولندية الخفيفة "بي أل-01". وسيوفر الدرع المعياري المتطور، المكون من طبقات من السيراميك والفولاذ، حماية قابلة للتطوير ومصممة خصيصاً لتلبية متطلبات المهمة. وستتميز الدبابة بأنماط قيادة ذاتية وطائرات من دون طيار تابعة قابلة للنشر للاستطلاع وكشف التهديدات.

تتوافق هذه القدرات التي ذكرناها آنفاً مع رؤية الجيش الكوري الجنوبي لقوات برية آلية معززة بالذكاء الاصطناعي، تعمل في إطار حروب مستقبلية متعددة المجالات.

ويجسد مشروع دبابة "كيه 3" تحولاً وطنياً نحو الابتكار والاستقلال في مجال استهلاك الطاقة ضمن مجال التنقل العسكري، مع تطور بيئات ساحة المعركة نحو اشتباكات عالية السرعة وعالية القدرة على البقاء.

وفي حال نجاح كل الاختبارات التي ستتواصل لسنوات طويلة، فستمثل "كيه 3" في المستقبل أول دبابة قتال رئيسة تعمل بالهيدروجين في العالم، مما يضع كوريا الجنوبية في طليعة الدول التي تعتمد الجيل الجديد من حروب المدرعات.