يساعد الصيام المتقطع على التحكم في نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النمط الثاني

المصدر : انا أصدق العلم | السبت , 30 تشرين الثاني | : 63

يعاني نحو 1,2 مليون أسترالي من الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني ويمثل 85 إلى 90% من جميع حالات السكري. ويتميز هذا المرض المزمن بارتفاع مستوى السكر في الدم، مما ينطوي على مخاطر صحية. تشمل المضاعفات أمراض القلب والقصور الكلوي ومشاكل الرؤية.

وتعد الحمية الغذائية أو النظام الغذائي علاجا مهما للأشخاص الذين يعانون من السكري من النمط الثاني لضبط جلوكوز الدم، بالتزامن مع ممارسة الرياضة وتناول الدواء. ولكن في حين أننا نعلم أن النصائح الغذائية الفردية والمهنية تحسن الجلوكوز في الدم، فإنها قد تكون معقدة وغير متاحة دائمًا.

وقد تناول بحث الدراسة الجديدة، تأثير الصيام المتقطع على مستويات الجلوكوز في الدم، بالتركيز على وقت تناول الطعام، لا كميته أو نوعيته.

وُجد على إثرها أنها تحمل نتائج مشابهة لما ينصح به اختصاصي تغذية معتمد. ولكنه اشتمل على فوائد إضافية، لأنها كانت بسيطة وقابلة للتنفيذ وسهلة كي يُلتزَم بها وتسببت بتحفيز الناس على الإقدام على تغييرات إيجابية أخرى.

أصبح الصيام المتقطع، المعروف أيضًا باسم الحمية الغذائية 16:8، شائعًا لفقدان الوزن عام 2015. وقد أظهرت الدراسات منذ ذلك الحين أنه وسيلة فعالة لضبط جلوكوز الدم عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النمط الثاني.

يقوم الصيام المتقطع على تحديد وقت تناول الطعام كل يوم، بدلاً من التركيز على نوعية الغذاء المستهلك. وفي سبيل تنفيذ ذلك، ينبغي تقييد تناول الطعام في أثناء مدة زمينة معينة من النهار، على سبيل المثال بين الساعة 11 صباحًا و 7 مساءً، ثم الصيام في أثناء الساعات المتبقية. وهذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى استهلاك كميات أقل من الكميات المعتادة.

تمنح هذه الطريقة الجسم قسطًا من الراحة من هضم الطعام المستمر، ما يساعد على توافق الأكل مع إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي. وهذا قد يساعد في تنظيم الاستقلاب وتحسين الصحة العامة.

قد تكون هناك فوائد خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النمط الثاني. لأنه غالبًا ما يكون لديهم أعلى نسبة جلوكوز في الدم في الصباح. تأخير وجبة الإفطار إلى منتصف الصباح يعني أن هنالك وقتًا كي يحدث النشاط البدني، ما يساعد في تقليل مستويات الجلوكوز وإعداد الجسم للوجبة الأولى.

أُجريت دراسة مبدئية في عام 2018 للتوصل إلى معرفة هل من الممكن تحقيق اتباع الصيام المتقطع عند الأشخاص الذين يعانون من السكري من النمط الثاني أم لا، وتبين أن المشاركين قد التزموا بسهولة بهذا النمط من الصيام على مدى أربعة أسابيع، بمتوسط خمسة أيام في الأسبوع.

وأهم من ذلك، شهد وجود تحسن في مستوى السكر في الدم، إذ يدوم ارتفاع مستوى السكر لديهم لوقت أقل. وتشير الأبحاث السابقة أيضًا إلى أن تقليل الوقت بين الوجبات قد يلعب دورًا في كيفية قدرة هرمون الأنسولين على تقليل تركيزات الجلوكوز.

وقد جاءت دراسات أخرى مؤكدة على هذه النتائج، والتي أظهرت أيضا تحسينات ملحوظة في الخضاب السكري-HbA1c. والخضاب السكري هو العلامة التي تمثل التركيز الوسطي للجلوكوز في الدم على مدى ثلاثة أشهر. وهو الأداة السريرية الأساسية المستخدمة لعلاج مرض السكري.

لقد قدمت هذه الدراسات دعماً مكثفاً للمشاركين عن طريق اجتماعات أسبوعية أو نصف شهرية مع الباحثين.

وفي حين أننا نعلم أن هذا المستوى من الدعم يزيد من مدى التزام الناس بالخطة العلاجية ويساهم في تحسين النتائج، لكنه ليس في متناول يومي للأستراليين الذين يعيشون بمرض السكري من النمط الثاني.

أُجري في الدرساة الجديدة مقارنة في الصيام المتقطع بعد الأخذ بنصيحة مختص تغذية معتمد، لاختبار ما إذا كانت النتائج متشابهة على مدى ستة أشهر أم لا، شارك في الدراسة 52 شخصاً مصاباً بداء السكري من النمط الثاني يتبعون علاج السكري بتناول بما يصل إلى دوائين عن طريق الفم. إذ تتضمن المجموعة 22 امرأة و30 رجلًا تتراوح أعمارهم بين 35 و65 عامًا.

قُسم المشاركون عشوائيًا إلى مجموعتين: مجموعة الحمية الغذائية ومجموعة الصيام المتقطع. تلقى المشاركون على إثرها أربع استشارات على مدى الأشهر الأربعة الأولى. وفي الشهرين التاليين نظموا حمية غذائية بمفردهم دون استشارة مختص واستمر قياس الأثر على الغلوكوز في الدم.

ركزت الاستشارات في مجموعة الحمية الغذائية على تغيير نظامهم الغذائي للتحكم في مستوى السكر في الدم، بما في ذلك تحسين نوعية النظام الغذائي (على سبيل المثال، تناول المزيد من الخضروات والحد من شرب الكحول).

ركزت النصائح في مجموعة الصيام المتقطع على كيفية تحديد وقت تناول الطعام في مدى تسع ساعات بين 10 صباحًا و 7 مساءً.

قيست مستويات الجلوكوز في الدم على مدى ستة أشهر لكل مشارك، كل شهرين باستخدام اختبار HbA1c. أيضاً سُئل المشاركين كل أسبوعين عن تجربتهم في إجراء تغييرات غذائية (بخصوص نوعية مأكولاتهم وكميتها).

تكمن الحواجز الرئيسية التي تحول دون الالتزام بالصيام المتقطع، المناسبات الاجتماعية، والاهتمام بمواعيد الآخرين ومواعيد العمل. قد تمنع هذه العوامل الناس من تناول الطعام ضمن الإطار الزمني المحدد.

مع ذلك، هناك العديد من الفوائد. فالرسالة بسيطة، أن تركز على متى يجب تناول الطعام بصفته تغيير رئيسي في النظام الغذائي. وهذا ما قد يجعل الصيام المتقطع أكثر قابلية للتبني من قبل أشخاص من خلفيات اجتماعية و ثقافية، إذ أن أنواع الأطعمة التي يتناولونها لا تحتاج إلى تغيير، ما يحتاج إلى تغيير هو فقط توقيت تناولهم للأطعمة.

لا يحصل الكثير من الناس على دعم فردي من قبل مختص التغذية، أو يتلقون نصائح غذائية من الطبيب العام. وهذا يجعل الصيام المتقطع إستراتيجية بديلة وذات فعالية مكافئة للأشخاص الذين يعانون من السكري من النمط الثاني.

ولا يزال ينبغي للناس أن يحاولوا الالتزام بالأدلة الإرشادية المتعلقة بالحمية الغذائية، وأن يولوا الأولوية للخضروات والفواكه والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون والدهون الصحية.

لكن أظهرت دراستنا أن الصيام المتقطع قد يكون نقطة انطلاق للأشخاص المصابين بالسكري من النمط الثاني للسيطرة على صحتهم، إذ أصبح الناس أكثر اهتماماً بإجراء حمية غذائية وتغييرات ايجابية أخرى.

قد لا يكون الصيام المتقطع مناسبًا للجميع، خاصةً الأشخاص الذين يتناولون الأدوية التي لا تتطلب الصيام. وقبل أن تجريب هذا التغيير الغذائي، من الأفضل استشارة مختص في الرعاية الصحية للمساعدة على تدبر الداء السكري وضبطه.

اقرأ أيضًا:

هل توقيت تناول الطعام مهم؟ وهل يحسن الصيام المتقطع الصحة؟

هل الصيام المتقطع مضر لصحة القلب؟

ترجمة: روميو غسان حموي

تدقيق: صايفي وسام

مراجعة: باسل حميدي

المصدر