يغادر ترامب البيت الأبيض تاركاً خلفه إرثاً يرى البعض أنه حافل بالنجاحات، فيما يرى آخرون أنه إرث من الإخفاقات، حيث مئات الآلاف من ضحايا كورونا واقتصاد مأزوم ومحتمع منقسم بشكل لم يحدث منذ الحرب الأهلية الأمريكية.

Washington scheidender Präsident Donald Trump

عندما ألقى الرئيس دونالد ترامب خطاب التنصيب في 20 يناير/ كانون الثاني عام 2017 أكد أنه الوحيد القادر على إصلاح أمة معطلة تواجه واقعا كئيبا. ومع اختتام رئاسته بعد أربع سنوات، يخلف ترامب وراءه بلدا أكثر انقساما يموت فيه الآلاف يوميا بوباء كوفيد-19 فضلا عن اقتصاد تضرر بشدة وعنف سياسي متصاعد. ومع مغادرة ترامب البيت الأبيض، فإن جزءا رئيسيا من إرثه سيكون على الأرجح شعبا أكثر تباعدا عن بعضه البعض سياسيا وثقافيا، عما كان عليه الأمر عندما تولى السلطة.

ورغم أنه تمنى أخيرا حظا موفقا لإدارة بايدن في رسالة فيديو، فان الملياردير المتقلب لم يهنىء أبدا الرئيس المنتخب وهو أمر غير مسبوق منذ 150 عاما وقرر عدم حضور حفل تنصيبه في واشنطن. وسيدخل هذا اليوم كتب التاريخ في الولايات المتحدة خصوصا بسبب وصول امرأة إلى منصب نائب الرئيس للمرة الأولى في تاريخ أكبر قوة في العالم. وستصبح كامالا هاريس (56 عاما) أول امرأة من أصول هندية تتولى هذا المنصب.

في ختام ولاية شهدت سيلا من الفضائح ومرتين من إجراءات "العزل"، يغادر ترامب السلطة ولتأييد الشعبي له في أدنى مستوياته، ومقطوعا عن قسم من معسكره الذي روعه مشهد اقتحام الكونغرس من قبل أنصاره.

مجتمع منقسم

وعندما سار آلاف من أنصار ترامب الغاضبين، وهم في غالبيتهم العظمى من البيض، صوب مبنى الكونغرس (الكابيتول) في السادس من يناير/كانون الثاني كانوا مدفوعين بمزاعم كاذبة رددها ترامب عن سرقة الانتخابات، ما نتج عنه أحداث شغب تسسبت في مقتل ضابط شرطة وأربعة أشخاص آخرين وإصابة العشرات، وأحدثت هزة عنيفة في وجدان الشعب الأمريكي.

أنصار ترامب قبل لحظات من اقتحامهم لمبنى الكونغرس

هزت أحداث الكابيتول المجتمع الأمريكي بعنف

ويقول خصوم ترامب إن العرق يمثل المحور الرئيسي لهذا الانقسام. ففي أوائل فترته الرئاسية قاوم في بادئ الأمر التنديد بالقوميين البيض بعد تجمع للبيض أعقبته اشتباكات دامية في تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا عام 2017، مما أذكى تكهنات بأنه يتعاطف مع قضيتهم.

 وغالبا ما كان خطابه الشعبوي المفعم بالعبارات الرنانة يؤدي إلى تفاقم الأزمات العرقية التي نجمت عن مقتل مواطنين سود على أيدي الشرطة. ونفى ترامب مرارا أي نوازع عنصرية. ويجادل أنصاره بأنه جاء ليصحح ما فعلته الإدارات السابقة من الحزبين والتي أهملت الفقراء والطبقة العاملة والمناطق الريفية التي عانت كثيرا طوال العقود الماضية. وقاعدة التأييد هذه ما زالت واسعة، وهو إرث آخر على الأرجح من حقبة ترامب.

ولا شك أن إبقاء البلاد في حالة تأهب، وما يستتبعه ذلك من عمليات إغلاق أمنية في واشنطن وعواصم الولايات الأمريكية، يثير القلق من أن يشجع حصار الغوغاء من أنصار ترامب للكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني المتطرفين اليمينيين على ارتكاب المزيد من أعمال العنف. ويقول آرون ديفيد ميلر وهو مستشار سابق بوزارة الخارجية خدم مع إدارات ديمقراطية وجمهورية ويعمل الآن مع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن "لم يشهد التاريخ الحديث رئاسة (كهذه) تجلى فيها اختلال أمريكا بهذا الشكل".

أعلن في شمرا

الأكثر قراءة