المملكة المتحدة

موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني ينشر تقريراً يوثّق التدخلات العسكرية للمملكة المتحدة حول العالم، ويُظهر أنّ المملكة استخدمت جيشها، أو هددت باستخدام القوة العسكرية أكثر بكثير مما يعلنه الإعلام الرسمي.

رفع عنه السرية: بريطانيا شنّت 83 تدخلاً عسكرياً في العالم منذ 1945

نشر موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني تقريراً يوثّق التدخلات العسكرية للمملكة المتحدة حول العالم، حيث يُظهر أنّ المملكة استخدمت جيشها، أو هددت باستخدام القوة العسكرية، أكثر بكثير مما يعلنه الإعلام الرسمي.

وكشف التقرير، بالاستناد الى وثيقة رفع عنها السرية مؤخراً، أنّ "الجيش قام بـ83 تدخلاً عسكري منذ العام 1945 في 47 دولة مختلفة".

وكان أبرز استخدامات البريطانيين للقوة هو الغزو العلني، أو المحاولات المسلحة للإطاحة بالحكومات، مثل غيانا البريطانية (غيانا الآن) في عام 1953، ومصر في الخمسينيات من القرن الماضي، والعراق في عام 2003 وليبيا في عام 2011.

ونشرت بريطانيا قواتها المسلحة للقتال أكثر من 80 مرة في 47 دولة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في حلقات تتراوح من الحروب الاستعمارية الوحشية والعمليات السرية، إلى جهود دعم الحكومات المفضلة أو ردع الاضطرابات المدنية.

واستخدم الجيش البريطاني القوة العسكرية، أو هدد باستخدامها في عالم ما بعد الحرب، أكثر بكثير مما يُذكر أو يُعتقد تقليدياً، وقد وثّق موقع "ديكلاسيفايد" في تقرير لمارك كورتيس، 83 تدخلاً من قبل القوات المسلحة البريطانية منذ عام 1945، في 47 دولة مختلفة.

وتضمنت حروب الاستعمار الوحشية ضدّ الثورات في الخمسينيات والستينيات، في كينيا وملايو وعدن وقبرص، استخدام التعذيب على نطاق واسع، وفي كثير من الأحيان اعتمدت عمليات خبيثة لتهجير أعداد كبيرة من الناس للسيطرة على السكان المحليين.

ففي مالايا بين عامي 1948 و1960، حشدت القوات البريطانية مئات الآلاف من الأشخاص في معسكرات محصنة، وقصفت مناطق ريفية بشدة، ولجأت إلى الدعاية المكثفة لكسب الصراع.

وأدّت الوحشية البريطانية التي تقاتل قوات "ماو ماو" في كينيا، المطالبة بالاستقلال عن المملكة المتحدة، إلى مقتل عشرات وربما مئات الآلاف، غالباً من الجوع في معسكرات الاعتقال.

ولكنّ هذا النمط من التدخل المسلح، الذي كان روتينياً لبريطانيا خلال امبراطورية القرن التاسع عشر، وقع في فترة ما بعد الحرب مباشرة بعد هزيمة قوات الحلفاء لليابان وألمانيا في عام 1945.

وسعت التدخلات البريطانية الأولى في عالم ما بعد الحرب، إلى قمع الحركات الشعبية الناشئة التي تحارب الإمبريالية الأوروبية.

وفي 1945-1946، تدخلت القوات البريطانية في فيتنام وإندونيسيا لاستعادة السيطرة الاستعمارية الفرنسية والهولندية على التوالي، ففي فيتنام، أعاد البريطانيون تسليحهم، وهزموا القوات الإمبريالية اليابانية لمحاربة القوات المؤيدة للاستقلال.

واستمرّ نشر القوة بشكل روتيني على مدى عقود، لا سيما لدعم الأنظمة المفضلة عند لندن، وتمّ إرسال القوات المسلحة إلى عمان (1957)، ونياسالاند (الآن ملاوي، 1959)، وبروناي (1962)، وأنغيلا (1969) والأردن (1970)، لدعم الحكومات الموالية لبريطانيا المهددة بالاستقلال أو الحركات الشعبية.

وفي عام 1964، أخمدت القوات البريطانية تمردات الجيش في ثلاث دول متتالية في شرق أفريقيا، هي كينيا وأوغندا وتنزانيا، لدعم الحكومات الموالية لبريطانيا بعد استقلالها.

وكشف التقرير أنه تمّ التخطيط للعمليات العسكرية السرية من قبل مسؤولي الحكومة في العديد من الحالات، حيث تكون استراتيجيتهم غير شعبية في الداخل أو مثيرة للجدل في الخارج.

وأصبحت الحكومات البريطانية أقلّ شفافية بشأن هذه العمليات السرية بمرور الوقت.

وكانت البدايات بعد الحرب، عندما سعت القوات البريطانية إلى إثارة معارضة للحكم الشيوعي الناشئ في ألبانيا وأوكرانيا ودول البلطيق، في أواخر الأربعينيات، وهي العمليات التي فشلت جميعها في منع هذه البلدان من الخضوع للسيطرة الشيوعية.

واستمرت الحروب السرية في إندونيسيا في الخمسينيات من القرن الماضي، في محاولة للترويج للتمرّد ضد الرئيس القومي سوكارنو، وفي الستينيات في اليمن، في حرب لتعطيل قوات الزعيم المصري جمال عبد الناصر، والتي شارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص.

وفي الثمانينيات، نفّذت حكومة مارغريت تاتشر أكبر عملية سرية لبريطانيا بعد الحرب حتى الآن، وذلك لدعم المجاهدين المحاربين لمواجهة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان.

ولم تقتصر الاستراتيجية على توفير الأسلحة والتدريب للقتال داخل أفغانستان فحسب، بل شملت أيضاً تخريب خطوط إمداد موسكو داخل جمهوريتي طاجيكستان وأوزبكستان السوفياتية آنذاك.

وانتشرت العمليات السرية البريطانية مؤخراً مرة أخرى، في ضوء الحروب غير الشعبية في العراق وأفغانستان.

وفي عامي 2011 و 2013، شنّ مخططو "وايت هول" سراً أربع حروب سرية على الأقل، شاركت فيها قوات خاصة على الأرض في ليبيا وسوريا والصومال ومالي.

وكانت بعض التدخلات الأكثر وحشية للمملكة المتحدة مع الولايات المتحدة، ولا سيما قصف أفغانستان واحتلالها بعد عام 2001، ودور المملكة المتحدة الداعم في تدمير واشنطن لفيتنام منذ الستينيات، والتهجير القسري لجزر شاغوس من 1968-1973، لإفساح المجال لقاعدة عسكرية أميركية في المحيط الهندي.

وبعد غزو العراق للكويت في عام 1990، قامت المملكة المتحدة بدور الشريك الأصغر للولايات المتحدة في قصف شرس للعراق في العام التالي، ودمّر الكثير من البنية التحتية المدنية للبلاد.

واستمر القصف الأنجلو-أميركي للعراق لعقد من الزمن، بعد حرب الخليج حتى غزو عام 2003.

وفي عدة مناسبات، تمّ استخدام الجيش البريطاني لمواجهة التهديدات الموجهة إلى الحلفاء المفضلين من الدول المجاورة، مثل الانتشار في الكويت عام 1994 لردع تهديد صدام حسين العراقي، وإرسال القوات إلى العقبة في الأردن في عام 1949.

وتدخلت المملكة المتحدة أربع مرات على الأقل في هندوراس البريطانية (التي نالت استقلالها باسم بليز في عام 1981)، في عام 1948 و1957 و1962 و1977، لردع غواتيمالا عن مطالباتها بالمنطقة.

وكانت حرب الفوكلاند عام 1982، بعد غزو الأرجنتين للجزر، بعيدة كل البعد عن أن تكون المرة الأولى التي تطالب فيها دولة من أميركا اللاتينية بأراضٍ تعتبرها من بقايا الفترة الاستعمارية.

وقامت بريطانيا عندما كانت قوة استعمارية رسمية، بإرسال القوات لقمع أعمال الشغب والاحتجاجات التي حدثت في بلدان متنوعة مثل سنغافورة (1950)، وبرمودا (1968)، ونيو هبريدس (الآن فانواتو، 1980)، وهونغ كونغ (1967)، موريشيوس (1965 و1967) وجزر المالديف (1959)، وكسر الإضرابات كما حدث في جزر الباهاماس (1958) وسوازيلاند (1963).

وكان أطول انتشار عسكري لبريطانيا، والذي استمرّ ما يقرب من ثلاثة عقود من عام 1969، في أيرلندا الشمالية، حيث تضمنت مواجهة القوات المسلحة وأجهزة المخابرات للجيش الجمهوري الأيرلندي أيضاً دعماً طائفياً للقوات شبه العسكرية الموالية، والتواطؤ معها، والتي ساهمت في وقوع مئات الضحايا.

وأكّد التقرير أنّ معظم عمليات الانتشار العسكرية للمملكة المتحدة كانت للحفاظ على السيطرة الاستعمارية أو ما بعد الاستعمار على الدول ومصالح الموارد الرئيسية، ودعم مكانة بريطانيا أو مكانتها كقوة عظمى، وإثبات للولايات المتحدة، حليف "وايتهول" الرئيسي، أنّ لندن، مع واشنطن، لا تزال مستعدة للاستمرار في حكم العالم بالقوة.

وتعدّ قائمة التدخلات هذه أبعد ما تكون عن الشمولية، إذ من غير المحتمل أن تشمل عمليات المرتزقة التي يقوم بها أفراد بريطانيون، غالباً بدعم من "وايت هول"، أو عمليات استخباراتية بحتة للإطاحة بالحكومات.

كما أنه يستبعد المشاركات العسكرية تحت ستار بعثات حفظ السلام الدولية، وأنشطة الإغاثة وإجراءات إجلاء مواطني المملكة المتحدة من البلدان، ولا تشمل كذلك التدريب والعمليات العسكرية الاستشارية التي غالباً ما تكون مرتبطة بصادرات الأسلحة البريطانية، وهي طريقة رئيسية أخرى يحاول مسؤولو الحكومة البريطانية عبرها الحفاظ على نفوذهم العالمي.

أعلن في شمرا