ماذا بعد انتهاء الهدنة بين إسرائيل وحزب الله؟
٢٤ يناير ٢٠٢٥نقف اليوم على مشارف انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، الذي سينتهي رسمياً الأسبوع المقبل في 26-27 يناير/ كانون الثاني، وذلك بعد صراع عنيف دام لمدة 13 شهراً بين الحزب واسرائيل.
نصّ اتفاق وقف النار الذي عُقدَ في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي على بدء هدنة بين إسرائيل وحزب الله مدتها 60 يوماً، على إسرائيل خلاله الانسحاب الكامل من جنوب لبنان بحلول 26-27 يناير/ كانون الثاني، في حين يجب على حزب الله إنهاء وجوده جنوب نهر الليطاني الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً على موازاة الحدود الإسرائيلية.
بدأت أعمال العنف بين حزب الله وإسرائيل بعد وقت قصير من أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، بمهاجمة حزب الله إسرائيل عسكرياً بشكل يومي تقريباً، وحتى مع عقد اتفاق الهدنة، لم يلتزم بها الطرفان بالكامل، فاستخدمت إسرائيل العنف أثناء البحث عن مخازن أسلحة تابعة لحزب الله في قرى جنوب لبنان، وأفادت تقارير أن بعض وحدات حزب الله ما زالت متواجدة في المنطقة.
ومع ذلك يبدو أن الطرفين بما في ذلك الحكومة اللبنانية لديها مصلحة مبدئياً في الحفاظ على الهدنة وفق مارين عباس، رئيسة مشروع لبنان في مؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت.
استمرار الهدنة من مصلحة حزب الله
يبدو أن المواطنين من كلا الطرفين حريصين على استمرار الهدنة بين حزب الله وإسرائيل، فاليوم يمكن القول إن حزب الله أصبح ضعيفاً وغير قادر على مواصلة القتال. فقالت عباس لـ DW: "حزب الله في وضع لا يسمح له باستئناف القتال مع إسرائيل في الوقت الحالي".
لقد خسر الحزب بالفعل نحو 2500 مقاتل في الأشهر الأخيرة، وأضافت عباس: " حتى أن زعيم حزب الله حسن نصر الله قُتل في هجوم إسرائيلي، واستهدفت إسرائيل بشكل دقيق ترسانة الأسلحة الخاصة بالجماعة".
وعلاوة على ذلك، أسفر سقوط نظام الأسد في سوريا على حرمان حزب الله من مصدر مهم للأسلحة والذخائر والأموال، وقيّدَ حركة المقاتلين بين إيران وسوريا عبر العراق بشكل كبير، ما يُضعف التنظيم حسب عباس.
تلعب الحكومة اللبنانية أيضاً دوراً حاسماً في هذا الاتفاق، فوفق بنوده، على الدولة اللبنانية أن تقوم بتعبئة الجيش اللبناني في المواقع التي يخليها حزب الله لمنع حدوث فراغ في السلطة في جنوب لبنان، ولهذا كان عليها انتخاب رئيس جديد للبلاد بسرعة.
فتم تنصيب جوزيف عون، رئيساً للبنان، ونواف سلام، رئيساً للوزراء، وما زال الضغط كبيراً على لبنان من أجل تشكيل حكومة جديدة تتوافق مع مطالب البرلمان وتلقى قبوله.
وبحسب تقرير نُشرَ في صحيفة "لوريان لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية فإن فرص اعتماد الحكومة اللبنانية الجديدة من قبل البرلمان أو توليها منصبها قبل انتهاء الفترة المحددة في اتفاق الهدنة ضئيلة جداً، ولكن قد يكون التوصل إلى توافق سياسي حول الحكومة حلاً مبدئياً لإنجاز مهمة لبنان في الاتفاق، فتشكيل الحكومة يعد أمراً حاسماً لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل صحيح.
أمن إسرائيل في خطر
في المقابل سيتعيّن على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال بضعة أيام، وهو أمر مشكوك فيه، وبحسب صحيفة "العربي الجديد" فإن الجيش الإسرائيلي انسحب من بلدتين فقط وما زال موجوداً في 60 آخرين.
بالإضافة إلى ذلك، سجلت السلطات اللبنانية حوالي 470 حالة خرق للاتفاق من قبل إسرائيل، قُتل على إثرها 32 شخصاً وأصيبَ 39 آخرين، كما ذكرت تقارير إعلامية إقليمية أن إسرائيل قالت إنها يجب أن تبقى في جنوب لبنان لمدة 30 يوما أخرى، وذلك بسبب التقدم البطيء للجيش اللبناني، الذي من المفترض أن يتولى مواقع حزب الله بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست".
وطالما أن الجيش اللبناني غير موجود في جميع المناطق، يتعين على إسرائيل ضمان عدم وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ، الأمر الذي يهدد أمنها، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أثناء زيارته للبنان مؤخراً، أن قوات الأمم المتحدة اكتشفت أكثر من 100 مخزن للأسلحة التابعين لحزب الله.
وبالرغم من رغبة إسرائيل في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية مع لبنان إلا أنه ترى أنه قد يكون من الصعب الإيفاء بالتزاماتها بالاتفاق، ويدور النقاش حول كيفية الحفاظ على أمنها ومواجهة أي تهديدات أو انتهاكات من حزب الله في حال انسحب جيشها من الأراضي اللبنانية بشكل كامل.
ومع أن إسرائيل قادرة على الرد على الانتهاكات والهجمات بواسطة الطائرات المسيرة، إلا أن الافتقار لقوات برية على الأرض سيجعل الردود محدودة، وستتاح فرصة كبيرة أما حزب الله لإعادة قواته إلى الجنوب اللبناني وفق صحيفة جيروزاليم بوست.
ولضمان عدم وجود قوات حزب الله في جنوب لبنان بشكل دائم، قامت الولايات المتحدة بدعم الجيش اللبناني بمبلغ 170 مليون دولار ليتمكن من نشر قواتها في المنطقة والحدّ من وجود حزب الله فيها، وفقًا لتقرير ورد في تايمز أوف إسرائيل.
إعادة إعمار لبنان دون حزب الله
إمكانية إعادة إعمار لبنان وخاصة جنوبه من قبل الحكومة اللبنانية وليس من قبل حزب الله هو الخيار الأفضل لضمان أمن لبنان وسلامة أهله، فتقول مارين عباس: "من الضروري أولاً أن يتمكن الشيعة الذين تم تهجيرهم من جنوب لبنان من العودة إلى ديارهم، وثانياً، يجب أن تتم إعادة البناء تحت إشراف الدولة اللبنانية وليس حزب الله".
ومع أن حزب كان قد أنشأ نوعاً من البنى التحتية الاجتماعية مثل المستشفيات، ولكن آن لهذا النظام أن ينتهي وفق عباس، وأضافت: "يجب أن يشعر الناس بأن الدولة هي من تهتم بشؤونهم".
ولكن يبقى التحدّي الأكبر هو افتقار الدولة اللبنانية إلى الموارد المالية اللازمة لإعادة البناء، مما يستدعي مشاركة المجتمع الدولي في هذه المهمة وخصوصاً الولايات المتحدة والسعودية.
أعدته للعربية: ميراي الجراح