1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مسيحيو سوريا: خوف من القادم و"حرج" من مواقف الكنائس من الأسد

٢٣ مارس ٢٠٢٥

بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في سوريا انتاب معظم أبناء الأقليات حالة من الشك والتوجس. بيد أنَّ المسيحيين يطالبون قادة كنائسهم بمراجعة مواقفهم السابقة الداعمة لنظام بشار الأسد المخلوع.

https://p.dw.com/p/4s4et
Syrien I Christen halten ersten Sonntagsgottesdienst seit Assads Sturz ab, Maaloula
مسيحيون يقيمون أول قداس في يوم الأحد في بلدة معلولا منذ سقوط نظام الأسدصورة من: Ugur Yildirim/DIA Images/ABACAPRESS/picture alliance

تثير الانتهاكات بحق االمدنيين العلويين في منطقة الساحل السوري قلق أقليات دينية أخرى في سوريا. بدأت الأحداث عندما أقدم هناك في 6 آذار/مارس أفراد من فلول نظام الأسد على مهاجمة قوات الأمن التابعة للنظام الجديد. ونتيجة لذلك وقعت هجمات على العلويين، قتل فيها الكثير من المدنيين أيضًا. وعلى الرغم من عدم استهداف المسيحيين بشكل خاص، إلا أنَّ الأخبار الكاذبة والتقارير الزائفة بالإضافة إلى فشل الحكومة الجديدة في معالجة القضية قد أججت مخاوف الأقلية المسيحية.

لقد كان المسيحيون في سوريا يشكلون قبل بدء النزاع في عام 2011 نحو عشرة في المائة من السكان. أما عدد المسيحيين الذين ما يزالوا يعيشون في سوريا اليوم فهو غير معروف. والمسيحيون في سوريا ينقسمون إلى إحدى عشر طائفة مختلفة، أكبرها عدداً الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وكنيسة الروم الملكيين الكاثوليكية، وهي مرتبطة بالفاتيكان في روما. ولكن توجد أيضاً كنيسة بروتستانتية صغيرة، كان عدد أعضائها قبل عام 2011 نحو 300 ألف شخص.

Syrien Christen in Region Idlib
صورة من عام 2013 لكنيسة في محافظة إدلب، تم تدميرها لاحقًا في الحربصورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance

ومنذ إسقاط الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر على يد هيئة تحرير الشام الإسلامية، تتملك الكثير من المسيحيين "خوف من الأسلمة"، كما يقول عالم اللاهوت الأرثوذكسي السرياني أسعد إلياس قطان، المنحدر من لبنان والذي يُدرِّس في جامعة مونستر الألمانية. ويضيف أنَّ القيادة الجديدة بقيادة أحمد الشرع قد أرسلت إشارات إيجابية إلى جميع الطوائف الدينية في سوريا وقالت إنَّها تريد احترام التنوع، ولكن هناك "بعض الغموض في البرنامج السياسي" الخاص بالحكام الجدد.

قادة الكنائس في صف النظام السابق

ويتابع أسعد إلياس قطان: "لدينا مرحلة انتقالية فوضوية. والوضع الأمني ​​خارج دمشق غير مستقر، وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن الشرطة والجيش من ضمان النظام العام من جديد".

وقد وقعت اعتداءات فردية ضد المسيحية. وأظهرت مقاطع فيديو قيام مسلح بإحراق شجرة عيد الميلاد في حلب. كما قامت في وقت لاحق مجموعة مسلحة بمهاجمة مطرانية الروم الأرثوذكس في حماة، وتكسير رموز دينية وإطلاق النار على المبنى. ومن جانبها أدانت حينها هيئة تحرير الشام هذه الأفعال وأكدت أنَّ المسؤولين عن ذلك "مجهولون" وستحاسبهم لأنَّهم يضرون بتعهداتها في قبول والتسامح مع الأقليات.

ولكن في خضم هذا الوضع الهش، يتساءل المسيحيون السوريون في سوريا وخارجها أيضًا حول موقف قادة كنائسهم خلال حكم الأسد. وعندما بدأت الاحتجاجات ضد بشار الأسد في ربيع عام 2011، تظاهر مسيحيون أيضًا مع أبناء بلدهم المسلمين من أجل الحقوق المدنية. ومات مسيحيون في أقبية تعذيب النظام ومعتقلاته.

Syrien Damaskus Demonstration Religionsfreiheit Minderheiten
مواطنات ومواطنون سوريون يتظاهرون من أجل التنوع الديني، دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2024صورة من: Omar Sanadik/AP Photo/picture alliance

وفي المقابل وقفت قيادات الكنيسة غالبًا إلى جانب النظام المخلوع. وكان رؤساء جميع الكنائس المسيحية يدعمون سردية نظام الأسد، الذي كان يصوّر نفسه على أنَّه حامي الأقلية المسيحية. وقد نشروا هذه الدعاية أيضًا في الدول الغربية. ولم ينتقد بطاركة الكنائس البراميل المتفجرة على حلب وغيرها من المدن والقرى، وهجمات الغاز السام، وتجويع مناطق بأكملها، واعتقال عشرات الآلاف في أقبية التعذيب، على الإطلاق.

وعلى سبيل المثال، قال البطريرك غريغوريوس لحام، الذي كان حتى تقاعده في عام 2017 أكبر زعماء الكنيسة في سوريا بصفته بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه في عام 2015 إنَّ "الأسد ضحية تشهير ممنهج".

احتفال مسيحيي سوريا بأول عيد ميلاد بعد سقوط نظام الأسد

غضب وخيبة أمل

"يبدو موقف البطاركة وقادة الكنائس اليوم مُحرجاً للغاية. متى سوف يعتذرون من الشعب السوري عن موقفهم؟"، يتساءل عالم اللاهوت أسعد إلياس قطان في مقال بجريدة "المدن" اللبنانية الإلكترونية، مضيفاً أنَّ: "مهمتهم الآن هي معالجة هذه الفترة بشكلٍ نقدي. يجب عليهم أن يعترفوا علناً ويقولوا: 'نعم لقد ارتكبنا أخطاء‘". ويقول أسعد إلياس قطان إنَّه لم يكن أي شخص ينتظر أن يعارض الأساقفة النظام السابق، ولكن الناس كانوا يتوقعون منهم الابتعاد أكثر عن هذا النظام القمعي.

وولذلك يشعر الكثير من المسيحيين السوريين في سوريا وخارجها بخيبة أمل وبغضب عميقين نظراً لموقف قادة كنائسهم، كما يقول نجيب جورج عواد، وهو عالم لاهوت بروتستانتي من سوريا يُدرِّس اليوم في جامعة بون الألمانية: "لقد سمح رعاة الكنيسة بأن يتم استخدامهم كأداة علاقات عامة لصالح نظام الأسد وساعدوه في تكوين صورة إيجابية له أمام الرأي العام العالمي"، كما يقول نجيب جورج عواد، الذي كان يقف منذ البداية إلى جانب حركة الاحتجاج.

Syrien Maaloula 2016 | Halb verbranntes Christusbild in griechisch-orthodoxer Kirche
إيقونة للمسيح نصف محترقة في الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في بلدة معلولا السورية سنة 2016صورة من: Pavel Golovkin/AP Photo/picture alliance

وصحيح أنَّ المسيحيين كانوا في الواقع يتمتعون بحريتهم الدينية داخل أسوار الكنيسة، ولكنهم كانوا يتعرضون بمجرد حديثهم ضد الدكتاتور للملاحقة والاضطهاد من قبل النظام مثل جميع السوريين الآخرين. وبحسب تقديرات المعارضين فقد اكتظت السجون بعد عام 2011 بآلاف من المسيحيين، الذين كان معظمهم من الشباب الذين اعتقلوا بسبب تظاهرهم أو توزيعهم منشورات معارضة للنظام. وهم يتهمون قيادة الكنيسة بأنَّها تخلت عنهم وخذلتهم.

ومع ذلك "كان هناك قساوسة وكهنة ينشطون في المعارضة"، كما تقول هند قبوات، وهي العضو المسيحي الوحيد في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري. وتضيف: "لكن كان يوجد أيضًا قساوسة وكهنة آخرون، كانوا يبلغون المخابرات عن الناشطين المسيحيين، وكانوا مسؤولين عن موت الكثيرين". وتضيف: "يجب محاسبتهم، مثل جميع السوريين الآخرين المتهمين بارتكاب جرائم خلال حكم الأسد الدكتاتوري".

أعده للعربية: رائد الباش

DW Autorin  Claudia Mende
كلاوديا منده كاتبة شغوفة بالتحولات داخل المجتمعات الإسلامية