يمكن تلخيص المشهد السياسي في سوريا حتى اليوم بـ أنه مد وجذر بين شروط ومخاوف تطرح في الخارج والداخل يقابلها تطمينات من هيئة تحرير الشام.
يجب ألا تُحكم سوريا كما كانت تُحكم إدلب يقول مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسون. يضيف عليه وزير خارجية أميركا “أنطوني بلينكن” إن رفع هيئة تحرير الشام عن قوائم الإرهاب مرهون بشروط منها احترام حقوق الأقليات.
يفرغ ترامب دلوه بالملف السوري بدعوة السوريين للدفاع عن أنفسهم وهو مالايعجب إدارة بايدن التي تريد له أن ينخرط في سوريا.
بينما تعول موسكو على التفاهم مع السلطات الجديدة في سوريا من أجل قاعدتيها في حميميم وطرطوس الذين رسختمها بعهد النظام المخلوع.
جيران روسيا الأوروبيين يخشون سيناريوهات مرعبة في سوريا، لكن مدريد لا تريد تكرار سيناريوهات الماضي وتفضل الحوار مع هيئة تحرير الشام بدل القطيعة.
وهو مايقابله “أحمد الشرع” بدعوة الدول الأجنبية لعدم القلق فالخوف كان من نظام الأسد.
أما قطر فهي محط الأنظار والتي تسعى للعودة سريعاً بسفارتها إلى دمشق بينما يلتزم العرب الحذر كثيراً بتصدير المواقف.
لكن الحذر لا يعرفه الاحتلال الإسرائيلي الذي يستغل الفرصة ويدمر حسب قوله 70 إلى 80 بالمئة من قوة مقدرات الجيش السوري العسكرية.
داخلياً تشارك هيئة تحرير الشام الخارج رفض داعش وعودتها إلى سوريا، وتظهر إدارة الشؤون السياسية لأول مرة بالحديث عن الانتقال من عهد التنظيمات إلى عهد الحكمة.
وفي أول تصريح للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا إعراب عن الاستعداد للمشاركة مع هيئة تحرير الشام في الحكومة.
يسعى المبعوث الأممي إلى سوريا “جير بيدرسون” بقوة لإحياء العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في سوريا بعد سقوط النظام السوري.
يقول “بيدرسون” اليوم إن شطب هيئة تحرير الشام التي تسيطر على السلطة في سوريا من قائمة الإرهاب يعتمد على: «التزامها بالانخراط بعملية سياسية تشمل الجميع».
ويضيف “بيدرسون” في تصريحات صحفية اليوم إن شطب الهيئة من القائمة ليس مجاناً ويعتمد على سلوكها ومدى التزامها بحماية المدنيين.
ويتابع “بيدرسون” لا يجب أن تُحكم سوريا كما كانت إدلب، معرباً عن أمله بالتوصل لاتفاق دولي حول السلطات الجديدة في سوريا.
بالمقابل يرى الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” أننا نشهد إعادة تشكيل الشرق الأوسط ونرى بعض بوادر الأمل تأتي من نهاية الدكتاتورية السورية.
ويضيف “غوتيريش” أنه من واجب الأمم المتحدة دعم القادة السوريين المختلفين ليتحدوا ويكونوا قادرين على ماوصفه بـ: «انتقال سلس وشامل».
تحضر قضية حماية حقوق الأقليات في سوريا وتنوع المجتمع السوري في تصريحات الكثير من المسؤولين الغربيين والمحللين والمتابعين.
يؤكد وزير الخارجية الأميركي “أنطوني بلينكن” في بيان صحفي أن عملية الانتقال السياسي في سوريا والحكومة الجديدة يجب أن تلتزما بوضوح باحترام حقوق الأقليات بشكل كامل.
وتتمسك الإدارة الأميركية الحالية بشكل واضح بالقرار 2254 الذي يقول “بلينكن” أن العملية السياسة يجب أن تتفق مع هذا القرار. ويضيف يجب أن تؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي يحقق المعايير الدولية للشفافية والمساءلة.
“بلينكن” عاد وعبر عن موقف إدارة أميركا الحالية في اتصال مع نظيره الأردني بتأكيد أن الدعم الأميركي سيكون لحكومة مسؤولة تمثل الشعب ومختارة من قبله.
لكن بلينكن عاد وعبر قبل قليل عن عدم ثقته من أن زعيم هيئة تحرير الشام “أبو محمد الجولاني” (أحمد الشرع) سيحمي الأقليات في سوريا.
بالوقت عينه أشاد “بلينكن” بتصريحات “الشرع” وقاله عنه إنه يقول الشيء الصحيح لكن:«ما يجب أن نركز عليه هو ما إذا كان سيفعل الشيء الصحيح».
ومن الكواليس الأميركية نقلت “رويترز” أن إدارة بايدن تتواصل مع هيئة تحرير الشام. وقالت “رويترز” أن إدارة بايدن عبر رسائل أوصلتها للهيئة حثتها على عدم تولي قيادة المرحلة الانتقالية بل تشكيل حكومة انتقالية.
بينما نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركين رؤيتهم أن الهيئة أظهرت بعض البراغماتية في الآونة الأخيرة. بالمقابل نقلت رويترز عن مسؤولين آخرين أن الإدارة الأميركية لن تدعم سيطرة هيئة تحرير الشام دون عملية شاملة لاختيار من وصفتهم بالقادة الجدد.
فاينتشال تايمز نقلت عن مسؤولين أميركيين شروط أميركا لإزالة تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية ومنها:«ضمان الحقوق السياسية، وتدفق المساعدات، ومكافحة الإرهاب».
بينما نقلت وول ستريت جورنال تهديدات قائد القيادة الوسطى الأميركية بالمحاسبة إذا انضمت التنظيمات في سوريا إلى “داعش”.
إدارة بايدن التي بقي في عمرها قرابة 40 يوماً تتواصل مع إدارة الرئيس الأميركي القادم “دونالد ترامب” لإطلاعها على الاتصالات مع هيئة تحرير الشام. ويرى مسؤولون أميركيون بحديثهم لنيويورك تايمز أنه سيكون على الإدارة الأميركية القادمة أن تحتفظ بدور مراقب بظل تشكيل ملامح سوريا الجديدة.
لكن “ترامب” لا يرى سوريا أولوية له حسب ما نقلت عنه مجلة باري ماتش الفرنسية الذي قال إنه يجب على السوريين الدفاع عن أنفسهم. واصفاً أميركا بأنها ليست منخرطة في سوريا.
وعن أولويات إدارته قال إنها «حل مشكلة أوكرانيا مع روسيا لأن هناك خسائر بشرية لا تصدق».
الشرق الأوسط بالنسبة لـ ترامب مهم لكن إدارته أقل صعوبة من إدارة أوكرانيا وروسيا.
الخارجية الروسية أعلنت تعويلها التفاهم مع من وصفتهم بالسلطات الجديدة في سوريا. وحددت التفاهم بأنه حول الوجود العسكري الروسي في قاعدتي “حميميم” و”طرطوس”.
في الوقت عينه اعتبرت روسيا أن اهتمام أميركا بسوريا “مبالغ فيه” . وأقرت وزارة الخارجية الروسية أن هناك قنوات بينها وبين أميركا لتبادل الإشارات من أجل خفض التصعيد في سوريا.
هنأت وزيرة خارجية إستونيا “كايا كالاس” الشعب السوري على تحرره.
وحذرت السوريين خلال جلسة استماع أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل من تكرار سيناريوهات وصفتها بالمرعبة. وضربت مثلاً ما حدث في ليبيا والعراق وأفغانستان بعد سقوط الأنظمة.
التحديات أمام العملية الانتقالية في سوريا هائلة حسب وصف “كالاس” التي عبرت عن مخاوف بشأن حدوث أعمال عنف بين الجماعات الدينية وعودة التطرف والفراغ السياسي.
قال وزير خارجية إسبانيا “خوسيه مانويل ألباريس” أنه على من وصفهم بالقادة الجدد في سوريا التحول إلى حركة سياسية. مشدداً عليهم احترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات.
“ألباريس” تحدث أيضاً عن خطوط حمراء يجب وضعها على الطاولة في أي محادثات مع القيادة السورية الجديدة والتحرك سريعاً لضمان مستقبل سلمي للبلاد.
وأضاف في مقابلة في مؤتمر “رويترز نيكست” أن بلاده تريد عودة سفارتها بأقرب وقت إلى دمشق وأنه يجب الانخراط بسرعة ووضوح بالشأن السوري.
العملية السياسية الواسعة والشاملة ضرورة من وجهة نظر الجار القريب لسوريا “العراق”. يقول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: «يجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية تضم جميع الأطراف وتحفظ حقوق المكونات في سوريا».
“السوداني” تحدث عن دور يؤديه العراق حالياً في التواصل مع الأشقاء والأصدقاء بشان الأوضاع في سوريا.
على الصعيد العربي تتجه الأنظار إلى قطر التي لديها تواصل مع السلطات الجديدة في “سوريا”. وقد ناقش وزيرا خارجية قطر واسبانيا اليوم الوضع في سوريا عبر اتصال هاتفي.
كما أعلنت “قطر” أنها ستعيد افتتاح سفارتها في دمشق قريباً. وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية “ماجد الأنصاري” أن افتتاج السفارة يعكس دعم قطر للشعب السوري الذي يتطلع لبناء دولته على أساس العدالة والسلام والاستقرار.
دمرت 350 طائرة تابعة للاحتلال الإسرائيلي المقدرات العسكرية للجيش السوري على مدى 4 أيام. وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال اليوم الانتهاء من الجزء الأساسي من عملياته في سوريا.
وقالت إنها دمرت بين 70 إلى 80% من القدرات العسكرية لسوريا.
كما قتل الاحتلال اليوم شاباً سورياً في ريف دمشق الغربي بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. حيث أطلق عليه النار أثناء عبوره الطريق الواصل بين بيت جن وجباتا الخشب.
بدورها دعت الخارجية الفرنسية إسرائيل للانسحاب من منطقة الجولان واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها.
بالأثناء نقلت أكسيوس عن مصدر مطلع أن قائد القيادة الوسطى الأمريكية وصل إلى إسرائيل لبحث التحضيرات الأمنية على الحدود مع سوريا.
بينما كانت الدول تعبر عن قلقها من التطرف وعودة داعش خرج المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية لدى هيئة تحرير الشام “عبيدة أرناؤوط” بتصريح إن:«داعش صفحة سوداء في تاريخ سوريا».
وأعلن “أرناؤوط” أن مرحلة التنظيمات ستنتهي وستنتقل إلى مرحلة الحوكمة. وذلك في تصريحات على قناة الجزيرة.
وقال “أرناؤوط” إن هيئة تحرير الشام مرحلة من المراحل في سوريا وأنها تدعم ما يختاره الشعب السوري.
معلناً أنهم سيشكلون لجنة خبراء للنظر بالدستور الحالي وإجراء تعديلات.
وأضاف:«بعد فتح دمشق أعتقد أن الدول ستراجع العقوبات على سوريا». وأن هناك اتصالات مع شتى الدول لتوضيح صورة سوريا الجديدة.
من جانبه “أحمد الشرع” المسؤول عن إدارة العمليات العسكرية قال إنهم لن يعفو عن المتورطين في تعذيب المعتقلين وسيلاحقونهم ويطالبون الدول بهم.
كما دعا الحكومات الأجنبية للاطمئنان بشأن الوضع في سوريا وقال إن الخوف كان من وجود نظام الأسد وقد سقط الآن لذلك البلاد تتجه نحو التنمية وإعادة الإعمار والاستقرار.
بدورها أعربت “إلهام أحمد” مسؤولة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا) عن استعدادها لمشاركة هيئة تحرير الشام في الحكومة. وقالت إنهم لن يعترفوا بحكومة الهيئة دون المشاركة فيها.
وقالت إن أبواب الحوار لا تزال مفتوحة مع “تحرير الشام” إلا أن الهيئة لم تبلغهم بأي شيء حول تشكيل الحكومة.
وأضافت إن تشكيل الحكومة تم دون حوار مع بقية الطوائف العرقية والدينية في المجتمع السوري، مثل العرب والأكراد والآشوريين والدروز والمسيحيين وغيرهم. بحسب موقع “24 ae”.