أبيات-شعر-عن-الجهل/

قال الشافعيّ-رحمه الله-:[١]


يُخاطِبُني السَفيهُ بِكُلِّ قُبحٍ

:::فَأَكرَهُ أَن أَكونَ لَهُ مُجيبا

يَزيدُ سَفاهَةً فَأَزيدُ حِلمًا

:::كَعودٍ زادَهُ الإِحراقُ طيبا


وقد قال الشافعيّ أيضًا:[٢]


قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم

:::إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ

وَالصَمتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ

:::وَفيهِ أَيضًا لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ

أَما تَرى الأُسدَ تُخشى وَهِيَ صامِتَةٌ

:::وَالكَلبُ يُخشى لَعَمري وَهوَ نَبّاحُ


قال ابن الرومي:[٣] 


وجاهلٍ أعرضتُ عن جهلهِ

:::حتى شكا كفِّي عنِ الشكوى

قد هام وجْدًا باكْتراثِي له

:::وقد أبتْ نفسيَ ما يهوى

إنَّ مِنَ السلوى لخيلولةً

:::تُوهِمني البلوى به بلوى

أحضرتُ نجوى النفسِ تمثالَهُ

:::مستَحيِيًا من شاهِد النجوى

وقلت للشعر أَلا أَعِدْني

:::على طويلِ الغَيِّ مُسْتَهوَى

فقال من خاصمتَ مستهلَكٌ

:::ليست على أمثالهِ عَدْوى

لو كان لي في مثلهِ موضعٌ

:::غادرتُهُ أُحدوثةً تُروَى

بكل بيتٍ سائرٍ عائرٍ

:::يُسمَعُ والوجهُ لهُ يُزوَى

لكنّ من تُهدي له شتمَهُ

:::تُهدي إليه المَنَّ والسلوى

قوَّمتُهُ بالشتمِ يُهدَى لَهُ

:::فلم أجدْ قيمتَهُ تَسوى



قال أبو العلاء المعري:[٤]


حَسبي مِنَ الجَهلِ عِلمي أَن آخِرَتي

:::هِيَ المَآلُ وَأَنّي لا أُراعيها

وَأَنَّ دُنيايَ دارٌ لا قَرارَ بِها

:::وَما أَزالُ مُعَنًّا في مَساعيها

كَذَلِكَ النَفسُ مازالَت مُعَلَّلَةً

:::بِباطِلِ العَيشِ حَتّى قامَ ناعيها

يا أُمَّةً مِن سَفاهٍ لا حُلومَ لَها

:::ما أَنتِ إِلّا كَضَأنٍ غابَ راعيها

تُدعى لِخَيرٍ فَلا تَصغى لَهُ أُذُنًا

:::فَما يُنادي لِغَيرِ الشَرِّ داعيها


قال محمود سامى البارودى [٥]

أخو العلمِ في الدنيا لذي الجهل محوجٌ

:::وَكلٌّ لهُ عندَ القياسِ معالمُ

فلولاَ وجودُ العلمِ ما عاشَ جاهلٌ

:::ولَوْلاَ وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عالِمُ


قال كعب بن زهير:[٦]


وليسَ لِمَنْ يَرْكَبِ الهَوْلَ بُغْية

:::وليس لرحلٍ حطَّه الله حاملُ

إذا أنتَ لم تُقْصِرْ عن الجَهْلِ والخَنَا

:::أصبتَ حليمًا أو أصابكَ جاهلُ


قال المتنبي[٧]


أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ

:::وَجَرَّكُمُ مِن خِفَّةٍ بِكُمُ النَملُ

وُلَيدَ أُبَيِّ الطَيِّبِ الكَلبِ ما لَكُم

:::فَطِنتُم إِلى الدَعوى وَمالَكُمُ عَقلُ

وَلَو ضَرَبَتكُم مَنجَنِيقي وَأَصلُكُم

:::قَوِيٌّ لَهَدَّتكُم فَكَيفَ وَلا أَصلُ

وَلَو كُنتُمُ مِمَّن يُدَبِّرُ أَمرَهُ

:::لَما كُنتُمُ نَسلَ الَّذي ما لَهُ نَسلُ


قال الإمام علي بن أبي طالب[٨]


فَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ

:::وَإياكَ وَاِيّاهُ

فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى

:::حَليمًا حينَ آخاهُ

يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ

:::إِذا ما هُوَ ما شاهُ

كَحَذو النَعلِ بِالنَعلِ

:::إِذا ما النَعلُ حاذاهُ

وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ

:::دَليلٌ حينَ يَلقاهُ

وَلِلشَيءِ مِن الشَيءِ

:::مَقاييسٌ وَأَشباهُ

وَفي العَينِ غِنىً لِلعَي

:::نِ إِن تَنطِق وَأَفواهُ


قال جرير:[٩]


أَلَم تَرَ أَنَّ الجَهلَ أَقصَرَ باطِلُه

:::وَأَمسى عَماءً قَد تَجَلَّت مَخايِلُه

أَجِنُّ الهَوى أَم طائِرُ البَينِ شَفَّني

:::بِجُمدِ الصَفا تَنعابُهُ وَمَحاجِلُه

لَعَلَّكَ مَحزونٌ لِعِرفانِ مَنزِلٍ

:::مُحيلٍ بِوادي القَريَتَينِ مَنازِلُه

فَإِنّي وَلَو لامَ العَواذِلُ مولَعٌ

:::بِحُبِّ الغَضا مِن حُبِّ مَن لا يُزايِلُه

وَذا مَرَخٍ أَحبَبتُ مِن حُبِّ أَهلِهِ

:::وَحَيثُ اِنتَهَت في الرَوضَتَينِ مَسايِلُه

أَتَنسى لِطولِ العَهدِ أَم أَنتَ ذاكِرٌ

:::خَليلَكَ ذا الوَصلِ الكَريمِ شَمائِلُه

لَحَبَّ بِنارٍ أوقِدَت بَينَ مُحلِبٍ

:::وَفَردَةَ لَو يَدنو مِنَ الحَبلِ واصِلُه


قال أمية بن أبي الصلت:[١٠]


وَقَد يَقتُلُ الجَهلَ السُؤالُ وَيَشتَفي

:::إِذا عايَنَ الأَمرَ المُهِمَّ المُعاينُ

وَفي البَحثِ قِدمًا وَالسُؤالُ لَذي العَمى

:::شِفاءٌ وأَشفى مِنهُما ما تُعاينُ

أَلا إِنَّ قَلبي لِفي الظاعِنينَ حَزينٌ

:::فَمن ذا يُعَزّي حَزينا


وقد قال الإمام علي بن ابي طالب أيضًا :[١١]


وَفي الجَهلِ قَبلَ المَوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ

:::وَأَجسادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ

وَإِنَّ اِمرَءاً لَم يُحيِ بِالعِلمِ مَيِّتٌ

:::وَلَيسَ لَهُ حَتّى النَشورِ نُشورُ


قال أبو المثلم الهذلي[١٢]:


أَلا قولا لِعَبدِ الجَهلِ إِنَّ الصـ

:::ـصحيحَةَ لا تُحالِبُها التَلوثُ

أَنَسلَ بَني شُغارَةَ مِن لِصَخرٍ

:::فَإِنّي عَن تَفَقُّرِكُم مَكيثُ

لَحَقُّ بَني شُغارَةَ أَن يَقولوا

:::لِصَخرِ الغَيِّ ماذا تَستَبيثُ

مَى ما تُنكِروها تَعرِفوها

:::عَلى أَقطارِها عَلَقٌ نَفيثُ

فإِن تَكُ قَد سَمِعتَ دُعاءَ داعٍ

:::فَغَيري ذَلِكَ الداعي الكَريثُ

لَعَلّي إِن دَعَوتُكَ مِن قَريبٍ

:::إِلى خَيرٍ لِتَأتيهِ تَريثُ

وَمَن يَكُ عَقلُهُ ما قالَ صَخرٌ

:::يُصِبهُ مِن عَشيرَتِهِ خَبيثُ


وقد قال محمود سامى البارودى أيضًا:[١٣]


طَرِبْتُ وَلَوْلا الْحِلْمُ أَدْرَكَنِي الْجَهْلُ

:::وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرّتِي قَبْلُ

فَرُحْتُ كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَةٌ

:::مِنَ الرَّاحِ مَنْ يَعْلَقْ بِهَا الدَّهْرَ لا يَسْلُو

سَلِيلَةُ كَرْمٍ شَابَ فِي الْمَهْدِ رَأْسُهَا

:::وَدَبَّ لَهَا نَسْلٌ وَمَا مَسَّهَا بَعْلُ

إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ رَأَيْتَهَا

:::وَرَاءَ بَنَاتِ الصَّدْرِ تَسْفُلُ أَوْ تَعْلُو

كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقَلِ كَامِناً

:::فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ

تُعَبِّرُ عَنْ سِرِّ الضَّمِيرِ بِأَلْسُنٍ

:::مِنَ السُّكْرِ مَقْرُونٍ بِصِحَّتِهَا النَّقْلُ

مُحَبَّبَةٌ لِلْنَّفْسِ وَهْيَ بَلاؤُها

:::كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُّجْلُ

يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ

:::إِذَا مَا تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ

تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً كَأَنَّهَا

:::خَلايَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ

سَوَاكِنُ آطَامٍ زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى

:::يَدَا عَاسِلٍ يَشْتَارُ أَوْ خَابِطٍ يَفْلُو


قال المكزون السنجاري:[١٤]


نِهايَةُ الجَهلِ اِجتِهادُ الفَتى

:::في كَسبِ ما يُنفِقُهُ غَيرُه

وَشَرُّ حالِ المَرءِ في نَفسِهِ

:::أَن يَتَعَدّى نَفسَهُ خَيرُه


قال ابن المعتز:[١٥]


نَهى الجَهلَ شَيبُ الرَأسِ بَعدَ نِزاعِ

:::وَما كُلُّ ناهٍ ناصِحٍ بِمُطاعِ

رَأَت أُقحُوانَ الشَيبِ لاحَ وَآذَنَت

:::مَلاحاتُ أَيّامِ الصِبا بِوَداعِ

فَقالَت مَحاكَ الدَهرُ في صَبغَةِ الصِبا

:::وَكُنتَ مِنَ الفِتيانِ خَيرَ مِتاعِ

شُرَيرَ فَإِنَّ الدَهرَ هَدَّمَ قوَّتي

:::وَلَم يُغنِ عَنّي حيلَتي وَدِفاعي

وَشَيَّبَني في كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ

:::تَنَظُّرُ داعي الحَتفِ أَوَّلَ داعِ

وَإِنَّ الجَديدَينِ الَّذينِ تَضَمَّنا

:::قِيادي بِأَحداثٍ إِلَيَّ سِراعِ

هُما أَنصَفاني قَبلُ إِذ أَنا ناشِئٌ

:::وَقَد صارَعاني بَعدُ أَيَّ صِراعِ

كَناقِضَةٍ أَمرارَها حينَ أَحكَمَت

:::قُوى حَبلِ خَرقاءِ اليَدَينِ صَناعِ

وَغَيظاً عَلى الأَعداءِ لا يَجرَعونَهُ

:::وَكَيلًا لَهُم مِنهُ بِأَوفَرِ صاعِ



قال  عباس بن فرناس:[١٦]


الجهلُ ليلٌ ليس فيه نورُ

:::والعلمُ جرٌ نورُهُ مشهورُ

يا ابن الخلائف كم تسترَ قاعدٌ

:::عني ويصدئ سمعك المكسورُ

وقد استبنت فساد ذاك وفي دعا

:::مولاك من إصلاحه تيسيرُ

وأمور مُلككَ كلها موزونةٌ

:::قد حاطها الإحكام والتجبيرُ

فأصخ لأصلٍ إن هززت فروعَهُ

:::يسقط عليك اللؤلؤ المنثورُ


قال  ابن مسعود القرطبي:[١٧]


وما عَجبي إلا لذي الجهل أنه

:::يُؤَمِّل في الأعداء رَأيَ الأَصادِقِ


قالدعبل الخزاعي[١٨]

الجَهلُ بَعدَ الأَربَعينَ قَبيحُ

:::فَزَعِ الفُؤادَ وَإِن ثَناهُ جُموحُ

وَبِعِ السَفاهَةَ بِالوَقارِ وَبِالنُهى

:::ثَمَنٌ لَعَمرُكَ إِن فَعَلتَ رَبيحُ

فَلَقَد حَدا بِكَ حادِيانِ إِلى البِلى

:::وَدَعاكَ داعٍ لِلرَحيلِ فَصيحُ


قال مصطفى صادق الرافعي:[١٩]


مشى الجهَّلُ في طينٍ ولكنْ

:::أكفهمُ على حجرٍ صلودِ

كما يمشي الجبانُ وعن يديهِ

:::صفوفُ الحارسينَ من الجنودِ

وكم من العالمينَ أخا ذكاء

:::يجرُّ بهِ الذكاءُ إلى الجحودِ

أرى للعقلِ حدًا في التسامي

:::كمرمى الباصراتِ إلى حدودِ

وإنَّ السيفَ إن لم يلف غمدًا

:::كساهُ من الصدا شبهُ الغمودِ

وكلُّ تطرفِ العلماءِ جهلٌ

:::وبعضُ الجهلِ بالعلماءِ يودي

إذا انحرفَ القطارُ براكبيهِ

:::فقد وجدوا المحطةَ في اللحودِ

وسيانَ البصيرُ وكلُّ أعمى

:::إذا نظرَا إلى شيءٍ بعيدِ


قال الشريف الرضي:[٢٠]

لَمّا رَأَيتَ جُنودَ الجَهلِ غالِبَةً

:::وَالناسَ في مِثلِ شَدقِ الضَيغَمِ الضاري

نَهَضتَ تَكتُمُ في بُردَيكَ سابِغَةً

:::لِفَيلَقٍ كَنُجومِ اللَيلِ جَرّارِ

وَالحُرُّ تُنهِضُهُ إِمّا شَجاعَتُهُ

:::إِلى المُلِمِّ وَإِمّا خَشيَةُ العارِ

قال ابن الزقاق:[٢١]


يفوقهمُ لأنَّ الجهلَ فيهم

:::وجهلُ المرء يكفيه الملاما

فربَّ لئامِ قومٍ قد تسامَوْا

:::بلؤمٍ عند ألأمهم كراما

ومن يكُ للسوابقِ في رهانٍ

:::وراءَ يكنْ لِسِكِّيتٍ أَماما


وقد قال ابن الرومي[٢٢]


وكم جاهلٍ قد أبدأ الجهلَ مرةً

:::فقلت أعدْهُ إنني عائدُ الحلمِ

ألم تر أنَّ الظلم يُخْسِرُ ظالمًا

:::ويُخْسِرُ مظلوماً لدى كل ذي علمِ

إذا ما تلاقى الحلم والجهل مرةً

:::فيالك من أجرٍ ويالك من إثمِ


كيف عرَّف الكتّاب معنى الجهل، كلٌّ من زاويته؟

الجهل لا يكون آفةً على صاحبه فقط بل هو آفة على المجتمع بأكمله، فكم من جاهلٍ استطاع أن يُكرِّس جهله بين أولاده ويُدمِّر الخلية الأولى في المجتمع

وهي الأسرة، حتَّى أنَّه قد يُؤدي إلى موت مجتمعات كاملةٍ وهلاكها بسبب عدم فهمهم لأبسط الأشياء التي تكون متعلقةً بهم وبأفراد عائلتهم، و نقيض الجهل هو العلم الذي يأنس به الأشخاص فيكون قناديلهم الذي يستنير به من غمة الحياة كُلِّها، وبعد أن تمَّ ذكر أبيات شعرٍ عن الجهل لا بدَّ من ذكر بعض العبارات التي كُرِّست في ذمة، وفيما يأتي ذكرٌ أهمّ العبارات عن الجهل والجهلاء:[٢٣]

أعلن في شمرا