اضطراب نهم الطعام (BED) هو اضطراب يُشخص رسميًا وهو أحد اضطرابات التغذية والأكل، ويؤثر في حياة 2% تقريبًا من الناس حول العالم، وقد يسبب مشكلات صحية إضافية متعلقة بالنظام الغذائي والمستويات العالية من الكوليسترول والداء السكري.

لا تتعلق هذه الاضطرابات بالطعام وحده، فتُعرَّف أيضًا بأنها اضطرابات نفسية يُصاب الناس بها عادةً بوصفها طريقة للتعبير عن قضايا أعمق، أو حالة نفسية أخرى كالقلق أو الاكتئاب.

نعرض في هذا المقال المقال أعراض اضطراب نهم الطعام وأسبابه وأخطاره الصحية وكيفية طلب المساعدة والدعم للتغلب عليه.

غالبًا ما يأكل الناس المصابون الكثير من الطعام في فترة قصيرة من الوقت وإن لم يكونوا جائعين، يؤدي التوتر أو الضيق دورًا بتحفيز فترة النهم تجاه الطعام، ويشعر الشخص بنوع من الراحة في أثناء النهم ولكنه يشعر الخجل أو فقدان السيطرة بعد ذلك أيضًا.

بالنسبة لمقدم الرعاية الصحية، يتحتم وجود ثلاثة أعراض أو أكثر مما يلي لتشخيص اضطراب نهم الطعام:

يشعر المصابون غالبًا بالحزن الشديد أو الضيق بسبب فرط تناول الطعام أو شكل الجسم والوزن.

الأسباب ليست مفهومة حتى الأن ولكن من المرجح أنه بسبب عدد من عوامل الخطر منها:

تحفز نوبة النهم على الطعام بالضغط، والحمية، ومشاعر سلبية متعلقة بالوزن أو شكل الجسم، وإتاحة الطعام والملل.

قد يفرط بعض الناس في الطعام من وقت لآخر (كعيد الشكر أو في حفلةٍ ما)، لكن هذا لا يعني أنهم مصابين بهذا الاضطراب، مع أنهم قد اختبروا فعلًا بعضًا من الأعراض المدرجة أعلاه.

يبدأ اضطراب نهم الطعام عادةً في أواخر سن المراهقة وحتى بداية العشرينيات، ومن الممكن أن يحدث في أي عمر. يحتاج الناس عادةً إلى المساعدة للتغلب على اضطراب نهم الطعام ولبناء علاقة صحية مع الطعام. وقد يستمر عدة أعوام إذا لم يعالج.

لتشخيص اضطراب نهم الطعام، على الشخص أن يكون قد مر بنوبة واحدة إلى ثلاث نوبات من نهم الطعام خلال الأسبوع، وفي أشد الأحوال، قد يصل إلى 14 نوبة أو أكثر في الأسبوع. ومن السمات الهامة أيضًا عدم الرجوع عن النهم، ما يعني أنه بعكس الشره المرضي، المصاب باضطراب النهم لا يستطيع التقيؤ أو أخذ الملينات أو حتى المبالغة في التدريبات الرياضية لمحاولة مواجهة نوبة الشراهة.

يعد اضطراب نهم الطعام الأكثر شيوعًا بين النساء أكثر من الرجال كما في اضطرابات الأكل الأخرى، لكنه الأكثر شيوعًا بين الرجال مقارنةً بالأنواع الأخرى من اضطرابات الأكل.

يرتبط هذا الاضطراب بكثير من المخاطر الصحية الجسدية الهامة والعاطفية والاجتماعية. فأكثر من 50% من المصابين يعانون السمنة، وعمومًا يُعد هذا الاضطراب عامل خطر مستقل لاكتساب الوزن وزيادة السمنة. يعود هذا إلى التناول المتزايد من السعرات الحرارية خلال نوبات النهم.

تزيد السمنة بحد ذاتها من خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتة، والسكري من النمط الثاني والسرطان أيضًا. وقد وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون اضطراب نهم الطعام لديهم خطر أكبر للإصابة بهذه المشكلات الصحية بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعانون من السمنة من نفس الوزن لكن لا يعانون من الاضطراب.

من المخاطر الصحية أيضا مشكلات النوم، وحالات ألم مزمنة، والإصابة بالربو، ومتلازمة القولون المتهيج.

ترتبط المخاطر عند النساء بمشكلات متعلقة في الخصوبة، وتعقيدات الحمل، وتطور متلازمة المبيض متعدد الكيسات (PCOS).

أظهرت الأبحاث أن الأشخاص المصابين يبلغون عن تحديات بالتفاعل الاجتماعي مقارنة بالأشخاص الغير مصابين. إضافة إلى زيادة الحاجة إلى زيارة المشافي والعيادات وقسم الطوارئ مقارنةً بالأشخاص الذين لا يعانون باضطرابات الأكل أو التغذية.

تعتمد خطة المعالجة على أسباب الاضطراب وشدته إضافة إلى الأهداف الشخصية. قد يستهدف العلاج سلوكيات النهم، والوزن الزائد، وصورة الجسم، ومشكلات الصحة العقلية أو مزيجًا منهم.

تتضمن خيارات العلاج، العلاج السلوكي المعرفي، العلاج السلوكي الجدلي، علاج إنقاص الوزن، والأدوية. يمكن تنفيذ ذلك على أساس فردي، أو ضمن مجموعة أو على صيغة المساعدة الذاتية.

قد يتطلب الأمر نوعًا واحدًا من العلاج عند بعض الناس، بينما الآخرون يحتاجون لتجربة مجموعات مختلفة حتى إيجاد العلاج الصحيح. يستطيع مختص الصحة العقلية أو الطبية تقديم النصيحة لاختيار خطة العلاج الفردية.

يركز على تحليل العلاقات بين الأفكار السلبية والمشاعر والسلوكيات المتعلقة بالأكل وشكل الجسم والوزن. وبعد تحديد أسباب المشاعر والأنماط السلبية، بالوسع تطوير استراتيجيات لمساعدة الناس على تغييرها.

تشمل التدخلات المحددة تحديد الأهداف، ومراقبة الذات، وتحقيق أنماط الوجبات المنتظمة، وتغيير الأفكار حول الذات والوزن، وتشجيع العادات الصحية للتحكم في الوزن.

ثبت أن (CBT) بقيادة المعالج هو العلاج الأكثر فعالية، وقد وجدت إحدى الدراسات أنه بعد 20 جلسة من العلاج، توقف 79% من المشاركين عن تناول الطعام بنهم، وما زال 59% منهم ناجحين بهذا الصدد بعد عام واحد.

يعد العلاج السلوكي المعرفي الموجه للمساعدة الذاتية خيارًا آخر، إذ يُعطى المشاركون دليلًا للعمل بمفردهم، إلى جانب فرصة حضور بعض الاجتماعات الإضافية مع معالج للمساعدة في توجيههم وتحديد الأهداف.

يكون العلاج بالمساعدة الذاتية عادة أرخص وأسهل في الوصول، وتوجد مواقع ويب وتطبيقات هاتفية لتقديم الدعم. ثبت أن (CBT) للمساعدة الذاتية بديل فعال عن التقليدي.

يعتمد على فكرة أن الأكل بنهم هو آلية للتعايش مع المشكلات الشخصية التي لم تُحل، كالحزن أو المشكلات في العلاقات أو التغيرات الكبيرة في الحياة أو المشكلات الاجتماعية الأساسية.

الهدف هو تحديد المشكلة الأساسية المتعلقة بسلوك الأكل السلبي، ثم إجراء التغييرات الإيجابية على مدى 3-4 أشهر. قد يكون العلاج إما بطريقة جماعية، أو على أساس فردي مع معالج، وقد دمجه أحيانًا مع (CBT).

توجد أدلة قوية على الأثر الإيجابي لهذا النوع من العلاج على المدى القريب والبعيد فيما يتعلق بتقليل سلوك النهم تجاه الطعام. إنه العلاج الآخر الوحيد ذو النتائج بعيدة المدى مثل (CBT). قد يكون فعالًا خصوصًا مع أصحاب الأعراض الشديدة لاضطراب النهم ومن هم أقل ثقة بالنفس.

يُنظر فيه إلى اضطراب النهم بأنه رد فعل عاطفي للتجارب السلبية التي لا يملك الأشخاص فيها خيارًا آخر للتعامل معها. ويتعلم الأشخاص هنا تنظيم ردودهم العاطفية ليتمكنوا من التعامل مع الحالات السلبية في الحياة اليومية دون نهم.

تضمنت دراسة 44 امرأة خضعن لهذا العلاج، وأظهرت أن 89% منهم توقفوا عن نهم الطعام بنهاية العلاج، مع أن هذا الرقم انخفض إلى 56% عند المتابعة بعد ستة أشهر.

المفاتيح الأربعة للعلاج في (DBT) هي: الوعي، وتحمل المحن، وتنظيم العاطفة وفعالية التعامل مع الآخرين.

والمعلومات محدودة عمومًا حول فعالية (DBT) البعيدة المدى وكيفية مقارنتها مع (CBT) و(IBT). ومع إن هذا العلاج يُعد واعدًا، فتوجد حاجة إلى المزيد من الدراسات لإقرار إمكانية تطبيقه على جميع الأشخاص المصابين باضطراب نهم الطعام.

يهدف علاج خسارة الوزن السلوكي إلى مساعدة الناس على خسارة الوزن، الذي قد يقلل من سلوك نهم الطعام بزيادة الثقة بالنفس وبشكل الجسم.

الهدف من ذلك إجراء تغييرات في نمط الحياة الصحي بالتدريج فيما يتعلق بالحمية والتدريب، وأيضًا مراقبة تناول الطعام والأفكار حول الطعام خلال اليوم. من المتوقع خسارة نصف كيلوغرام من الوزن أسبوعيًا.

بينما يحسّن العلاج شكل الجسم ويقلل الوزن والمخاطر الصحية المتعلقة بالسمنة، لم تؤكد فعاليته بمقدار (CBT) أو (IBT) في إيقاف نهم الطعام. وقد ثبت أن العلاج السلوكي لفقدان الوزن يساعد على تحقيق فقدان الوزن على المدى القريب والمتوسط فقط، كما هو الحال مع العلاج العادي لفقدان الوزن في السمنة. لكنه يُعد خيارًا جيدًا للأشخاص الذين لم يفلحوا في العلاجات الأخرى أو المهتمين في فقدان الوزن بالدرجة الأولى.

عثر على العديد من الأدوية لعلاج اضطراب نهم الطعام، وعادةً ما تكون أقل كلفة وأسرع من العلاج التقليدي. ولكن لا توجد أدوية بنفس فعالية العلاجات السلوكية لعلاج هذا الاضطراب حاليًا.

العلاجات المتاحة هي مضادات الاكتئاب، والأدوية المضادة للصرع مثل توبيراميت، والأدوية المستخدمة تقليديًا لاضطرابات فرط النشاط مثل ليسديكسامفيتامين.

وجدت الأبحاث أن الأدوية لها ميزة على العلاج الوهمي لتقليل النهم على المدى القريب، وثبت أن الأدوية فعالة بنسبة 48.7% بينما الوهمية بنسبة 28.5%.

قد تقلل الأدوية من الشهية والوسواس والإكراه وأعراض الاكتئاب، ومع أن هذه التأثيرات تبدو مبشرة، فمعظم الدراسات كانت على فترات قصيرة، لذلك نحتاج إلى معلومات عن التأثيرات بعيدة المدى.

نظرًا لأن الكثير من المصابين يعانون من حالات صحية عقلية أخرى كالقلق والاكتئاب، فقد يأخذون أدوية إضافية لمعالجتها.

قد تشمل الآثار الجانبية الصداع ومشكلات في المعدة واضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم والقلق.

الخطوة الأولى في التغلب على النهم هي التحدث إلى مختص طبي يستطيع المساعدة في التشخيص وتحديد شدة اضطراب نهم الطعام واقتراح العلاج الأنسب.

العلاج الأكثر فعالية عمومًا هو (CBT)، لكن يوجد الكثير من العلاجات الأخرى أيضًا، وبالاعتماد على الظروف الفردية، من الأفضل أن يعمل علاج واحد فقط أو مزيج منها.

مهما كانت الاستراتيجية المستخدمة في العلاج، الأهم أيضًا اتخاذ خيارات صحية في نمط الحياة والنظام الغذائي عندما يكون ذلك ممكنًا، ومنها:

اقرأ أيضًا:

نهم الطعام، حين يجوع الشخص ويأكل دون توقّف

تناول الطعام في وقت متأخر يؤثر في كيفية حرق السعرات الحرارية وتخزين الدهون

ترجمة: سنا أحمد

تدقيق: هزار التركاوي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر

اضطراب نهم الطعام: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
أعلن في شمرا