نعمة الأوطان.. بقلم: ديب حسن

لا يعرف الشوق إلا من يكابده، ولا الصبابة إلا من يعانيها، ليست مقولة شعرية عابرة، بل هي بشكل آخر يجب أن تكون: لا يعرف قيمة الأوطان إلا من يفقد وطنه بشكل أو بآخر، من يتعرض وطنه بشكل أو بآخر للمحن، والمحن قد تكون داخلية أو خارجية، وما من وطن إلا وتعرض للكثير من المحن والمصائب التي تكشف معادن الشعوب وقدرتها على الصبر، فكيف إذا كانت في مهب الأطماع والعدوان وفي دائرة المخططات الاستعمارية ودوائر حياكة العدوان؟

لن نمل من التذكير بما تتعرض له سورية منذ أن كانت من عدوان يختفي حيناً ويظهر أحياناً بأشكال مختلفة ولبوس لا تخطر على بال أحد، مستهدفة بالدور والرسالة والقدرة على الفعل، واليوم هي في مهب هذا التآمر العدواني الذي يطور أدواته ووسائله، وما نراه على الأرض ليس عادياً، ولا يمكن أن يكون عابراً، واشنطن وجوقتها التي تمضي بها قدماً في حياكة التآمر على كل من يقف بوجه مخططاتها وربيبها الكيان الصهيوني – تعلن واشنطن بكلّ وقاحة وصراحة أن سورية تمثل خطراً عليها، ولا ندري كيف؟

هل تمثل الخطر بتهديد السلاح مثلاً؟ هل سورية الحضارة والرسالة والدور هي التي تحتل أرضاً أميركية، وتسرق مواردها، وتدمر منشآتها الحيوية وبنيتها التحتية، وتحاصرها وتدفع بأساليب مختلفة وملتوية من يعرف، أو من لا يعرف عن قصد أو دونه – تدفعه إلى ممارسة دور لا يصب إلا بإضعاف وتدمير مقدرات وطنه، وإطالة المعاناة؟

ثم من يخدم هذا الجنون؟ هل يخدم بيتك وأسرتك، ومحافظتك ووطنك بشكل عام؟ ولماذا نكون مطية لتدخل الآخر وصب الزيت على نار نعرف أنها ليست من أجل كلمة حق، إنما هي اصطياد بالماء العكر؟

ليس من عادة ولا قيم السوريين ولا ثقافاتهم تدمير المقدرات والتخريب، هم بناة الحضارة والفعل أينما كانوا، أينما حلوا فكيف إذا كانت الأرض أرضهم ووطنهم؟

مررنا بمحن كثيرة ولسنا بصدد تفسيرها فالكل يعرف الكثير من أسبابها ونتائجها، وقد عبرناها، وسوف نعبر ما نعيشه من محن، هذه أرضنا وكل ذرة تراب فيها ومنها مقدسة ومعطرة بالفداء والعمل، يداً بيد نعبر ما لنا وما علينا، نتجاوز حصارنا الخارجي والذاتي، هي نعمة الأوطان التي افتداها الآباء والأجداد بكل غال، من صالح العلي، إلى سلطان باشا الأطرش، وحسن الخراط ومريود، والقاوقجي وهنانو، وكل من قاوم وانتصر، سنعبر المحن معاً، معا ننتصر ببعضنا وليس على بعضنا، فلتكن نعمة الأوطان هويتنا.

أعلن في شمرا