قد تساعد مكملات الميلاتونين على تقليل خطر الإصابة بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر، الذي يعد أكثر أسباب فقدان البصر شيوعًا لدى من تجاوز عمرهم 50 عامًا.

توصل الباحثون إلى النتيجة السابقة بعد تحليل السجلات الإلكترونية الطبية للمرضى، بين عامي 2008 و2023 في الولايات المتحدة.

درس فريق البحث السجلات الطبية لأكثر من 238,000 شخص تجاوزت أعمارهم 50 عامًا، ولا يملكون تاريخًا مرضيًا للإصابة بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر. أبلغ نحو 121,000 منهم عن تناول مكملات الميلاتونين.

بناءً على البيانات السابقة، قدر العلماء أن الأشخاص الذين كانوا يتناولون الميلاتونين، كان احتمال تشخيصهم بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر أقل بنحو 58% مقارنةً بمن لم يتناولوا مكملات الميلاتونين، خلال فترة الدراسة التي بلغت 15 عامًا.

أبلغ كل شخص من المجموعة السابقة طبيبه المختص هل تناول مكملات الميلاتونين 4 مرات على الأقل خلال فترة إجراء الدراسة؟ على أن توجد فترة فاصلة لا تقل عن 3 أشهر بين التقارير.

يستطيع المواطنون في الولايات المتحدة شراء مكملات الميلاتونين دون وصفة طبية، إذ يعد مكملًا غذائيًا.

تحذر الدراسة من نتائج عديدة، وتكشف عن روابط مثيرة للاهتمام.

قد تختلف مكملات الميلاتونين المتاحة دون وصفة طبية، بدرجة كبيرة من حيث نقائها وتركيز مكوناتها.

أشارت الدراسات إلى أن علب الميلاتونين التي تُباع في الولايات المتحدة تحوي عادة جرعات أكبر بكثير مما هو مدوَّن على العلبة، إضافةً إلى أنها في حالات نادرة قد لا تحوي ميلاتونين أصلًا، ما يعني أن جرعة الميلاتونين التي كان يتناولها الأشخاص في الدراسة غير معروفة على وجه الدقة.

أشارت الدراسة إلى أن الميلاتونين قد يساعد على الوقاية من الإصابة بأحد أشيع أنواع فقدان البصر.

تقدم مكملات الميلاتونين الرخيصة والمتوفرة إمكانيات واضحة في تخفيض خطر الإصابة بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر. يهتم الأطباء في ظل التحذيرات المذكورة هل ستُجرى مزيد من الأبحاث الدقيقة مستقبلًا؟ وذلك لتأكيد نتائج الدراسة وصحة الروابط التي تبينها.

تحوي شبكية عين الإنسان خلايا تتمثل وظيفتها في تحسس الضوء وإرسال سيالات عصبية إلى الدماغ. تمكِّن اللطخة أيضًا، وهي الجزء المركزي من الشبكية، الإنسان من رؤية الأجسام الموجودة أمامه مباشرة.

يؤثر داء التنكس البقعي المرتبط بالعمر في الرؤية بإلحاق الضرر باللطخة تدريجيًا. يعاني مرضى التنكس البقعي المرتبط بالعمر رؤية ضبابية أو مشوهة في مركز الحقل البصري، إلا أن الداء لا يسبب العمى كليًا.

للتنكس البقعي المرتبط بالعمر نوعان أساسيان: النمط الجاف والنمط الرطب. النمط الجاف أخف شدة من الرطب، ويظهر في 80% من حالات التنكس البقعي المرتبط بالعمر، إذ ينتج عن التأذي والانهيار التدريجي للخلايا الحساسة للضوء في اللطخة.

يُرافق النمط الرطب من التنكس البقعي النمو غير المنتظم للأوعية الدموية خلف الشبكية، التي قد يبدأ الدم بعد فترة بالتسرب منها، مؤذيًا بذلك الخلايا الحساسة للضوء، ما يسبب فقدان البصر. تتطور حالة نحو 10% إلى 15% من مرضى التنكس البقعي الجاف ليصابوا بالنمط الرطب منه.

هدف فريق البحث إلى معرفة هل تناول مكملات الميلاتونين يساعد على منع تطور التنكس البقعي من النمط الجاف إلى النوع الرطب؟ إضافةً إلى دراسة حالة الأشخاص الذين لم يكونوا مصابين بالمرض ثم أصيبوا به لاحقًا.

في التحليل الثاني للدراسة، دقق فريق البحث السجلات الطبية لنحو 128,000 مريض شُخِّصت إصابتهم حديثًا بالتنكس البقعي الجاف، فكان 66,000 منهم يتناولون مكملات الميلاتونين، ونحو 62,000 لا يتناولونها.
.
اكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يتناولون مكملات الميلاتونين كانوا أقل عرضة للإصابة بالتنكس البقعي الرطب بنسبة 56%، خلال 15 سنة التالية، مقارنةً بمن لم يتناولوا المكملات.

لاحظ فريق الدراسة في التحليلين السابقين أن النتائج ذاتها انطبقت على المرضى في العقد السادس والسابع والثامن من العمر.

لا يستطيع الباحثون إثبات الدور المباشر للميلاتونين في معاكسة التغيرات البيولوجية التي تطرأ في حالة التنكس البقعي، إذ إن الدراسة نظرت فقط في الارتباط بين مكملات الميلاتونين ومرض التنكس البقعي. أوضح الفريق أن نمط حياة الإنسان وعاداته الصحية ربما أثرت في خطر إصابته بالتنكس البقعي المرتبط بالعمر، إلا أنهم لم يضعوا تلك العوامل في الحسبان ضمن الدراسة.

أكدت نتائج البحث ما توصل إليه الباحثون في دراسات سابقة، والتي أجريت على الجرذان والبشر، إذ أشارت إلى دور مكملات الميلاتونين، التي توصف لعلاج اضطرابات النوم مثل الأرق، في استهداف بعض العمليات البيولوجية الأساسية الكامنة وراء التنكس البقعي المرتبط بالعمر.

تتضمن العوامل السابقة الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وتراكم الجذور الحرة التي تضر الخلايا وتؤذيها. تكمن أهمية النتائج في عدم وجود علاج شافٍ لمرض التنكس البقعي حتى الآن، إضافة إلى اقتصار الإجراءات الوقائية على تغيير بعض العادات اليومية ونمط الحياة، مثل الالتزام بنظام غذائي صحي والإقلاع عن التدخين.

تعد الفوائد المحتملة لتطوير أساليب علاجية جديدة للوقاية من الإصابة بالتنكس البقعي أمرًا مهمًا للغاية في مجال الصحة العامة.

ينبغي إجراء مزيد من التجارب السريرية التي تستوفي جميع المعايير لتأكيد هل مكملات الميلاتونين تفيد في الوقاية من تطور مرض التنكس البقعي بالفعل؟ تجب مقارنة الأبحاث بين الأشخاص الذين يتناولون الميلاتونين وغيرهم ممن لا يتناولونها، إضافةً إلى ضرورة مراقبة جرعات المكملات وجودتها بدقة والتحكم فيها.

من الضروري إجراء تلك التجارب قبل أن يبدأ الأطباء بوصف مكملات الميلاتونين للمرضى، لتحسين صحة العين لديهم وعلاج أمراضها.

اقرأ أيضًا:

هل إعطاء الميلاتونين للأطفال ضار؟

ما الآثار الجانبية لمكملات الميلاتونين المساعدة على النوم؟

ترجمة: رهف وقاف

تدقيق: نور حمود

المصدر

دراسة تشير إلى أن الميلاتونين قد يمنع فقدان البصر المرتبط بالعمر
أعلن في شمرا