نفى العوضي تهمة الاقتباس أو التشابه، وقال "هذه تهمة جاهزة وغير حقيقية فليس معنى تقديم عمل شعبي أن العمل يتشابه مع عمل آخر فمساحة الشعبي تحتمل آلاف الموضوعات، ومنذ بداية السينما والدراما والمناطق والشخصيات الشعبية تُقدم بصور مختلفة ولم يتهمها أحد بالنقل أو التشابه أو الاقتباس".
في الأسبوع الأول من شهر رمضان وضمن الماراثون الدرامي في مصر عرض كثير من الأعمال التي لفتت نظر الجمهور وأصبحت مثار حديث بين مؤيدين ومنتقدين، وعلى رغم نجاح بعضها في اكتساب شعبية وقاعدة جماهيرية واسعة، طاول كثير منها انتقادات تشير إلى شبح الاستنساخ أو الاقتباس وربما التشابه مع أعمال أخرى سواء سينمائية أو تلفزيونية ناجحة سابقة.
"إش إش" و"لؤلؤ"
من المسلسلات التي حققت نجاحاً كبيراً منذ الحلقات الأولى مسلسل "إش إش" الذي لعبت بطولته مي عمر وانتصار وإدوارد وماجد المصري وهالة صدقي ومحمد الشرنوبي وغيرهم من النجوم، والعمل من تأليف وإخراج محمد سامي.
المسلسل دارت أحداثه حول الفتاة الشابة شروق التي تنتمي لعائلة يعمل معظمها في الرقص الشرقي بالأفراح والملاهي الليلية، فوالدتها إخلاص كابوريا من الراقصات الشهيرات وكذلك خالتها تيسير.
وعلى رغم تطلعات شروق أو "إش إش" في الحياة كفتاة طبيعية تعمل بوظيفة محترمة وتتزوج وتكون عائلة وتشارك رجلاً عادياً حياته يقف القدر ضد أحلامها بسبب نشاط عائلتها وتاريخها المليء بالمفاجآت والمشاحنات والأعداء، وتضطر إش إش لمواجهة ماضي والدتها والثأر من كل من ظلموها، وتقع في حب شاب يستدرجها لزواج غير حقيقي لينال منها فتنتقم منه.
المسلسل حقق مشاهدات جيدة بخاصة أن حبكته قائمة على التشويق وتعتمد على تيمة الانتقام والصعود، وعلى رغم ذلك نالته انتقادات واسعة بخصوص استنساخه من مسلسل "لؤلؤ" الذي لعبت بطولته مي عمر أيضاً وكتبه محمد سامي، إذ دارت الأحداث في إطار متشابه من الصراعات ورحلة الصعود من الفقر لكن لمطربة ناشئة، حتى فكرة الانتقام ووقوعها في قصة حب مع شاب معدوم الضمير تشابهت بين إش إش ولؤلؤ، وكذلك صراعات الانتقام ممن ظلموها وأوقعوها في مكايد لم يكن لها دخل بها.
عفريتة هانم
قدم أكرم حسني مسلسلاً بعنوان "الكابتن" بمشاركة آية سماحة وأحمد عبدالوهاب وسوسن بدر وسامي مغاوري ورحمة أحمد، وتدور الفكرة الأساس حول طيار يتسبب في حادثة طائرة يقع على أثرها كثير من الضحايا، ويموت ركاب الطائرة بينما الكابتن ينجو بأعجوبة ويتعرض لغيبوبة طويلة، وبعد أن يستفيق من غيبوبته يجد أشباح الضحايا تحاوطه وتطالبه بتحقيق أمنيات معينة لهم حتى ينصرفوا عنه ويصعدوا للعالم الآخر، ويحاول الطيار تلبية طلباتهم حتى ينتهي كابوس الأشباح الذي يطارده.
وتقع المواقف الكوميدية بسبب حديثه الدائم مع الأشباح التي هي بالطبع غير مرئية للمحيطين به، ويتولد الضحك من تلك المفارقات.
وجاء المسلسل ببصمة خاصة في كثير من المواقف، لكن حاصرته تهمة الاقتباس من الفيلم السينمائي الشهير "عفريتة إسماعيل ياسين" الذي لعب بطولته إسماعيل ياسين والراقصة كيتي، ودار حول راقصة تُقتل وتستعين بمونولوجست في الملهي الليلي نفسه الذي كانت تعمل به ليقتص لها من القاتل ويسلمه للشرطة.
وتشابه المسلسل أيضاً مع فيلم "عفريتة هانم" بطولة فريد الأطرش وسامية جمال، واعتمد على المواقف الكوميدية نفسها التي تتولد من حديث فريد الأطرش مع عفريتة غير مرئية مما يجعل الجميع يتهمه بالجنون.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى البعض أن مسلسل "الكابتن" يتشابه إلى حد ما مع مسلسل "الوصية"، الذي اعتمد على طلبات أشخاص يحققها البطل ليريح ضميره من ذنب كبير.
ولم ينفِ الفنان أكرم حسني تهمة الاقتباس من أعمال سابقة، بل نوه في بداية العمل بلوحة واضحة أكدت أن العمل مستوحى من أعمال كثيرة سابقة.
"فهد البطل"
أما الفنان أحمد العوضي الذي يقدم هذا العام مسلسل "فهد البطل" وينتمي إلى فئة الدراما الشعبية المعتمدة على تيمة الانتقام، إذ تدور الأحداث حول فهد الذي يتعرض والده للقتل في الصعيد ويهرب ليعود وينتقم.
واتهم بعض المتابعين العوضي بتكرار تيمة الانتقام في أعماله، وكذلك سيطرة شخصية البطل الشعبي القوي الذي ينال من أعدائه ويتميز بالشهامة والأخلاق، وسبق تقديمه في أعماله السابقة مثل "حق عرب" الذي قدمه العام الماضي، وقبله مسلسل "اللي ملوش كبير" مع ياسمين عبدالعزيز، وكذلك مسلسل "ضرب نار" الذي قدم فيه أيضاً شخصية شاب صعيدي بالصفات والميزات نفسها.
ونفى العوضي في تصريحات خاصة إلى "اندبندنت عربية" تهمة الاقتباس أو التشابه، وقال "هذه تهمة جاهزة وغير حقيقية، فليس معنى تقديم عمل شعبي أن العمل يتشابه مع عمل آخر، فمساحة الشعبي تحتمل آلاف الموضوعات، ومنذ بداية السينما والدراما والمناطق والشخصيات الشعبية تُقدم بصور مختلفة ولم يتهمها أحد بالنقل أو التشابه أو الاقتباس".
وتابع العوضي "قدمت الشعبي وأحبه وسأقدمه مراراً وتكراراً وأحرص على اختلاف الشخصيات حتى لو في إطار شعبي، فلا يمكن أن ندعي أن شخصية فهد البطل الصعيدي لها أي علاقة بشخصية جابر الكوماندا في مسلسل (ضرب نار) على رغم أن الشخصيتين من الصعيد، لكن لكل شخصية صفات وأبعاد وصراعات وبيئة وقصة غير الأخرى، والأمر نفسه بالنسبة إلى الشخصيات الشعبية التي أقدمها".
واختتم العوضي بأن الوقت مبكر على الحكم بأن العمل يتشابه أو مستنسخ من عمل آخر، والقول إن هناك تشابهاً متسرع وغير حقيقي.
"سيد الناس" و"جعفر"
ومن أكثر الأعمال التي اتهمت بالاقتباس مسلسل "سيد الناس" الذي يلعب بطولته عمرو سعد وأحمد رزق وإلهام شاهين وريم مصطفى وخالد الصاوي ومن إخراج وتأليف محمد سامي.
وتدور أحداث المسلسل في حي السبتية (حي شعبي بالقاهرة) حول الجارحي أبو العباس الذي ينتمي إلى عائلة شعبية ثرية وله إخوة غير أشقاء، ويتميز بحب والده الشديد له وتفضيله على كل إخوته مما يتسبب في ضغائن وأحقاد.
وتتصاعد الأحداث التي تسيطر عليها الصراعات بين الجارحي وإخوته الكارهين له، وبين أعداء والده الذي يلقنهم دروساً ليصحح الأمور، بينما يحاول الثأر للمظلومين وإرجاع الحقوق.
وتحدث الجميع عن تشابه المسلسل بشخصياته وتيمته وأحداثه الأساس مع مسلسل "البرنس" لمحمد رمضان وللمخرج محمد سامي أيضاً، الذي تبلورت حبكته الأساس حول انتقام إخوة من أخيهم المفضل الذي أحبه والدهم أكثر منهم.
بينما ذهبت بعض الانتقادات إلى أن "سيد الناس" هو استنساخ من مسلسل "جعفر العمدة" لمحمد رمضان أيضاً بالشخصية الشعبية القوية نفسها، التي تبحث عن حقوق الناس وتسعى إلى الثأر إضافة إلى القوة المفرطة والملامح الشكلية ونبرة الصوت.
حتى ديكورات العمل وبناء حي كامل شعبي لتدور به الأحداث تتشابه إلى حد كبير مع "جعفر العمدة"، ولم يسلم بوستر المسلسل من شبح الاقتباس أيضاً من الأعمال المذكورة نفسها.
"قلبي ومفتاحه"
انتظر كثير من عشاق الدراما مسلسل "قلبي ومفتاحه" بطولة مي عز الدين وآسر ياسين وأشرف عبدالباقي وعايدة رياض ودياب وإخراج تامر محسن.
ويدور العمل حول ميار التي طلقت ثلاث مرات من زوجها أسعد والد طفلها الوحيد، ويسعى أسعد للرجوع لميار بشتى الطرق ويهددها بحرمانها من ابنها الوحيد في حال عدم القدرة على العودة كزوجين.
ويجبرها الطليق على البحث عن زوج لاستخدامه كمحلل حتى يصح الزواج مرة أخرى، وتضطر ميار إلى الزواج عرفياً من شاب يعمل سائقاً على أحد التطبيقات، ولا تكشف عن أسرارها له حتى تتزوج ليوم واحد ثم تختفي من حياته.
وتركزت معظم الانتقادات الموجهة إلى المسلسل حول استنساخه من فيلم "زوج تحت الطلب" الذي دار حول الموضوع نفسه، ولعب بطولته الفنان فؤاد المهندس وعادل إمام.
"حكيم باشا"
ومن الأعمال التي اتهمت كذلك بالاستنساخ أو التشابه مع أعمال أخرى مسلسل "حكيم باشا" بطولة مصطفى شعبان وسهر الصايغ.
ويدور حول رجل صعيدي متزوج من نساء عدة ويجمع بينهن في منزل واحد، ويتعاملن معه بخضوع.
وشبه البعض العمل بمسلسل "الحاج متولي"، حين دارت بعض أحداثه في إطار مشابه بخاصة من جهة الجمع بين الزوجات، وقالت بعض الانتقادات إن الإطار الصعيدي للعمل والصراعات تتشابه بصورة كبيرة مع مسلسل "يونس ولد فضة"، الذي لعب بطولته عمرو سعد منذ أعوام عدة.
و"تقابل حبيب"
ومن الأعمال التي نالتها اتهامات التشابه مسلسل "وتقابل حبيب" لياسمين عبدالعزيز وكريم فهمي ونيكول سابا وخالد سليم وأنوشكا.
ويدور العمل حول "ليل" السيدة المتزوجة من يوسف ابن العائلة الثرية، وتكتشف خيانته وتتعرض للإيذاء على يد عائلته، فيساندها شقيق الزوج وتقع في حبه ويقوم بدوره كريم فهمي.
وتتصاعد الأحداث بسبب قصة الحب التي تجمع بين "ليل" و"فارس" شقيق الزوج الذي ينقلب على عائلته بسببها، بعدما يطلقها شقيقه ويحاول البطش بها وانتزاع ابنتيها.
وسبق وقدمت ياسمين عبدالعزيز قصة حب مع كريم فهمي في مسلسل "ونحب تاني ليه"، الذي جسدت به دور مطلقة تقع في حب شاب من عائلة ثرية وتتعرض لمضايقات من طليقها السابق ووالد ابنتها حتى تترك حبيبها الجديد، وكذلك يتعرض الحبيب لمعارضة كبيرة من عائلته الثرية بسبب حبه امرأة مطلقة.
إفلاس أم صدفة؟
وكان التساؤل هل هذا التشابه في الموضوعات بالأعمال الرمضانية مجرد صدفة أم إفلاس؟ وأجاب الناقد أحمد سعد بقوله "للأسف في رمضان هذا العام لم نجد أعمالاً بموضوعات جديدة ومفاجئة إلا نادراً، وسيطر التشابه على معظم الأعمال سواء في الأفكار أو الشخصيات أو حتى الإفيهات، وهذا طبعاً ينم عن إفلاس وتسرع في العمل، فصناع الدراما أحياناً يستسهلون في الأفكار ويصنعون أعمالاً تشابه موضوعات حققت نجاحاً كبيراً من قبل من أجل ضمان وجود قاعدة جماهيرية، إضافة إلى تبنيهم فكرة أن ذوق الجمهور يتمحور حول هذه النوعيات أو (الجمهور عايز كده)، وهذا خطأ كبير للأسف ظهر بوضوح هذا العام".
تحامل وتسرع
الناقد محمد عبدالمنعم قال "ليس من العدل اتهام الأعمال بالاقتباس أو الاستنساخ، ويبدو أن هناك كثيراً من التحامل والتسرع، فطبيعي جداً أن تكون هناك شخصيات أو موضوعات قدمت من قبل، والحكم ليس على الشخصيات لكن على التناول واختلافه، فلن تستحدث الدراما شخصيات من العدم، أو موضوعات لم تتناول من قبل ولا مرة في السينما أو الدراما أو المسرح، والتناول جديد في الأعمال التي اتهمت بالتشابه مع الاعتراف بأن الشخصيات قد تكون استخدمت من قبل في أعمال أخرى وهذا طبيعي".
واختتم عبدالمنعم "لا ننكر أن الموضوعات والشخصيات الجديدة تماماً غير المستهلكة أكثر جاذبية للجمهور، بخاصة أن الناس أصبحت أكثر تركيزاً في المتابعة ويشعرون بالملل عندما يشاهدون شخصية شاهدوا مثلها من قبل، لكن هذا أمر وارد ومنطقي".