العالم يتغير على إيقاع الأوهام الغربية بقلم:أحمد ضوا

تتزايد التصريحات الغربية ذات البعد الدولي في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العالم، والتي تعتبر بمعظمها تدخلاً سافراً في شؤون الدول الأخرى دون الاكتراث بالتغيرات الدولية وحقيقة تشكل عالم متعدد الأقطاب، وبالمقابل فشل السياسات الغربية العدوانية في تحقيق أهدافها أو توجهاتها كما كان يحصل قبل سنوات.

آخر ما تفتقت به جعبة السياسة الخارجية الأميركية تحديدها ما يجب أن يكون ولا يكون بالنسبة لعودة اللاجئين السوريين طوعياً إلى بلادهم ومسار العلاقات السورية السعودية وعودة العلاقات العربية مع سورية في الإجمال.

ففي تدخل سافر يرفض من يسمى المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ عودة النازحين السوريين قبل توافر الظروف المناسبة والحل السياسي، ويكمل إملاءاته على سورية والسعودية بالقول: لا نتفق مع قرار الرياض بتطبيع العلاقات مع دمشق إذا لم تتطابق مع رؤية بلاده، والتي تريد أن تفرض حلاً سياسياً على الشعب السوري عجزت عن تحقيقه بالحرب الإرهابية على سورية.

تدرك أغلبية دول العالم أن الولايات المتحدة فشلت في تحقيق أهدافها النهائية في سورية والمنطقة، وأنها لجأت إلى توظيف الملف الإنساني، واستغلال مأساة اللاجئين والنازحين السوريين والإجراءات الاقتصادية القسرية على الشعب السوري، لتحقيق هذه الأهداف دون الاهتمام بعواقب سياستها على الشعب السوري أولاً، وعلى الدول التي يوجد فيها اللاجئون ثانياً، ومصير النازحين في المخيمات التي يسيطر عليها الإرهابيون والميليشيات المرتبطة بها رابعاً.

من المعلوم للجميع أن الولايات المتحدة رفضت كل الجهود السورية والدولية لإنهاء وضع مخيمي الركبان في محيط قاعدة التنف جنوب سورية والهول في الجزيرة السورية، لأنها توظفهما في تجنيد الإرهابيين في تنظيم /داعش/ الإرهابي وغيره من التنظيمات الأخرى، ودفعهما لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الجيش السوري والتجمعات المدنية والحافلات العابرة للطرق المؤدية من الجزيرة السورية إلى باقي المناطق السورية، وبالتالي منع ترسيخ الأمن والاستقرار في سورية.

إن رفض واشنطن عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى وطنهم هو بمنزلة مصادرة لقرارهم وحريتهم وتحويلهم إلى أداة لتحقيق مشروعها العدواني في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يخالف أبسط القوانين الإنسانية الدولية وعلى الدول التي تشكو مما تسميه /عبء اللاجئين/ ألا تستجيب للضغوط الأميركية وأن تكف عن الشكوى، وتطالب الحكومة الأميركية بتحمل أعباء سياستها أو تطالبها بنقل هؤلاء اللاجئين إلى الأراضي الأميركية، وتحمّل أعبائهم الاقتصادية والسياسية والإنسانية والقانونية.

تجد الدول الغربية في هذه الأزمات والملفات المفتوحة (الشرق الأوسط، أوكرانيا، إفريقيا، تايوان… إلخ ) فرصة للتذكير بهيمنتها وإيهام العالم بأنها ما زالت تحدد مستقبل العالم، ولا تجد حرجاً في القول للصين ماذا عليها أن تفعل، ولمطالبة روسيا الاتحادية بتلبية شروط الناتو لوقف الحرب في أوكرانيا وتحديد ما يجب على السعودية أن تفعله حيال علاقاتها العربية، والأسطوانة تطول، ولكن على أرض الواقع تفقد الدول الغربية تدريجياً مقومات هيمنتها على العالم التي امتدت لعقود، وأصبحت اليوم أمام واقع جديد ستكون مضطرة فيه إلى مراجعة سياساتها والانكفاء على واقع حجمها السياسي والاقتصادي.

تتابع دول العالم باهتمام وترقب ما يجري على الساحة الدولية بشكل عام والغربية بشكل خاص، فما كانت تستطيع فعله الدول الغربية على الساحة الإفريقية مثلا قبل عشر سنوات هي عاجزة عن فعله اليوم، وما كانت تمليه واشنطن على الدول العربية قبل عشر سنوات غير قادرة على تكراره اليوم، إلا قولاً وليس فعلاً، وهذا الأمر يمتد إلى باقي المناطق الأخرى في العالم، ومنها ما كان يسمى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

سيطول الوقت ربما حتى يتخلى المسؤولون الأميركيون عن تصريحاتهم الفوقية التي اعتادوا على مدى عقود تكرارها وتنفيذها، ولكن يوماً بعد آخر ستتحول إلى مجرد تصريحات صوتية لا أحد ينصت لها إلا إذا كانت تحقق مصالحه ولا تنتهك سيادة بلاده.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

أعلن في شمرا