لا تخفي شركة "أوبن أي آي" حقيقة أن أي بيانات مدخلة قد لا تكون آمنة، إذ أكد الرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان، أنه لا تتوفر أي حماية قانونية لمحادثات المستخدمين مع روبوت الدردشة، وأضاف أن هذه الوقائع لا تسلط الضوء على المخاوف المتعلقة بالخصوصية فحسب، بل تكشف أيضاً عن حجم المعلومات الشخصية والحساسة التي يشاركها الناس طواعية مع هذه التكنولوجيا الناشئة.
لا يكاد يمر يوم لا يطالعنا فيه فيديو يحذر من أخطار استخدام الذكاء الاصطناعي والاعتماد على نماذجه اللغوية، أو خبر يتحدث عن منع استخدامه في إحدى المدارس أو الجامعات، مع المطالبات المستمرة بضرورة وضع سياسات أكثر وضوح وصرامة.
وبسبب درجة المرونة العالية في أداء المهام المتغايرة التي تتميز بها هذه الروبوتات، يزداد استخدامها بصورة مطردة، إذ تؤكد أحدث الإحصاءات أن أكثر من 100 مليون شخص يستخدمه يومياً في معالجة أكثر من مليار تساؤل، إذ يبدو وكأن الناس بدأوا يبالغون في طريقة تعاملهم مع ربوتات الدردشة وأصبحت بالنسبة إلى البعض مساحة للفضفضة وركناً آمناً يمكن تزويده بأي معلومة حتى لو كانت تفاصيل حسابات شخصية أو مالية، ليجدوا أنفسهم منسحبين تماماً ومتماهين معها إلى درجة باتت غير عادية.
ومن هنا، فمن الضروري فهم أن مشاركة بعض أنواع المعلومات يمكن أن يشكل أخطاراً على الخصوصية والأمان، وهناك أمور عدة لا ينبغي على الإطلاق إخبارها لأي روبوت دردشة عام قائم على السحابة.
لا تخفي شركة "أوبن أي آي" حقيقة أن أي بيانات مدخلة قد لا تكون آمنة، إذ أكد الرئيس التنفيذي للشركة سام ألتمان، أنه لا تتوفر أي حماية قانونية لمحادثات المستخدمين مع روبوت الدردشة، وأضاف أن هذه الوقائع لا تسلط الضوء على المخاوف المتعلقة بالخصوصية فحسب، بل تكشف أيضاً عن حجم المعلومات الشخصية والحساسة التي يشاركها الناس طواعية مع هذه التكنولوجيا الناشئة.
وقال ألتمان في "بودكاست" أذيع في وقت سابق من العام الحالي "يبوح الناس لـ’تشات جي بي تي‘ بأسرار حياتهم وخفاياها الأعمق والأكثر حساسية، خصوصاً الشباب، يستخدمونه كمعالج نفسي أو مدرب حياة، لمناقشة مشكلاتهم العاطفية والعائلية، أما عندما تتحدث إلى معالج نفسي حقيقي أو محام أو طبيب حول هذه المسائل، يمنح القانون هذه المحادثات صفة السرية والحماية القانونية، وهو ما تفتقر إليه المحادثات مع روبوتات الدردشة".
مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي الوكيل القادر على الاتصال بخدمات جهات خارجية واستخدامها، من الممكن أن يطلب بيانات تسجيل الدخول الخاصة بالمستخدم لإتمام المهمة، لكن النصيحة واضحة وصارمة، "لا تمنحه حق الوصول"، فبمجرد إدخال البيانات، لا توجد طريقة لمعرفة مصيرها، ما إن تصل بياناتك إلى روبوت محادثة عام، عليك أن تعلم أنه لم يعد هناك سيطرة على البيانات وإلى أين يمكن أن تذهب وتستخدم، وقد يعرضك إدخال هذه المعلومات شديدة الحساسية للاحتيال وسرقة الهوية والتصيد الاحتيالي وهجمات برامج الفدية، وقد سجلت حالات كشف بيانات شخصية عدة.
لذا من الأفضل تجنب أي نوع من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي يتضمن منحه حق الوصول إلى أسماء المستخدمين والحسابات، والحقيقة أنه يقع على عاتق كل فرد الحفاظ على السرية التامة لبياناته، لحماية المعلومات الحساسة التي يتحمل وحده مسؤوليتها، وعديد من هذه المسؤوليات تلقائية، مثل السرية بين المهنيين مثل الأطباء والمحامين والمحاسبين وعملائهم، وكذلك عديد من الموظفين يتحملون واجب الحفاظ على السرية تجاه أصحاب عملهم.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قد تشكل مشاركة مستندات العمل، مثل المذكرات ومحاضر الاجتماعات أو سجلات المعاملات، مشاركة للأسرار التجارية وخرقاً للسرية، كما في حال موظفي "سامسونغ" عام 2023، إذ اتهمت النيابة العامة الكورية الجنوبية أكثر من 10 أفراد، بمن فيهم موظفون سابقون وحاليون في "سامسونغ" ومتعاقدون، بالتآمر لنقل أسرار تكنولوجيا تصنيع أشباه الموصلات ذات الدقة النانوية (7 نانومترات وما دون) إلى شركات منافسة، وبخاصة في الصين.
ولأسباب مماثلة، قد لا يكون من المستحسن إدخال بيانات مثل الحسابات المصرفية أو أرقام بطاقات الائتمان في روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، فهذه البيانات يمكن إدخالها فقط في أنظمة آمنة تستخدم في التجارة الإلكترونية أو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، التي تحوي إجراءات حماية مدمجة مثل التشفير والحذف التلقائي للبيانات بعد معالجتها، إلا أن روبوتات الدردشة لا تتمتع بأي من هذه الضمانات.
ربما تجد نفسك في موقف محرج في حال تطرق سؤالك أو طلبك إلى أنشطة غير قانونية، إذ تتمتع معظم روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بضمانات أو إجراءات وقائية مصممة لمنع استخدامها لأغراض غير أخلاقية، وتوضح عديد من سياسات الاستخدام أن الطلبات غير القانونية أو السعي لاستخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بأنشطة غير قانونية قد يؤدي إلى إبلاغ السلطات عن المستخدمين، وتختلف هذه القوانين اختلافاً كبيراً حسب مكان وجودك.
تختلف قوانين الذكاء الاصطناعي بصورة جذرية من منطقة لأخرى، ويعكس المشهد العالمي المتناقض الفجوات في القيم والأولويات السياسية والاقتصادية، فبينما يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجاً وقائياً صارماً قائماً على فكرة "الخطر"، نجد الصين تركز على توظيف التقنية لتعزيز سيادة الدولة والأمن الوطني، في حين تفضل الولايات المتحدة نهج السوق الحرة الذي يحفز الابتكار ويتدخل فقط عند الضرورة.
وتبرز تطبيقات التعرف على الوجوه في الأماكن العامة هذا الاختلاف بوضوح، ففي أوروبا يخضع استخدامها لقيود صارمة وتمنع في معظم حالات المراقبة الجماعية استناداً إلى قانون الخصوصية وقانون الذكاء الاصطناعي، في المقابل يتم نشر هذه التقنية على نطاق واسع في الصين ضمن أنظمة المراقبة الجماعية والتقييم الاجتماعي، أما في الولايات المتحدة فالأمر يخضع لتشريعات محلية مختلفة تبعاً للمنطقة.
لذا تقديم طلبات للحصول على مواد أو معلومات غير قانونية يمكن أن تضر بالآخرين، قد يؤدي إلى عواقب قانونية وخيمة وإضرار بالسمعة، إضافة لكونه خطأً أخلاقياً.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي أداة قوية يمكن أن تحسن حياتنا بصورة كبيرة، لكن التعامل معها يتطلب وعياً ومسؤولية، واستخداماً حكيماً للمعلومات الشخصية، ومن خلال فهم ما لا يجب مشاركته، يمكننا الاستفادة من مزايا الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على سلامتنا وخصوصيتنا.
وفي النهاية، كما هي الحال مع أي شيء ننشره على الإنترنت، ينصح بالافتراض أنه لا يوجد ضمان لبقاء خصوصيته إلى الأبد، لذا، يفضل عدم الإفصاح عن أي شيء لا ترغب في أن يعرفه الآخرون، وإذا كنت تشك في أن معلومة ما قد تكون حساسة، فمن الأفضل عدم مشاركتها على الإطلاق.
