تُظهر بعض الدراسات أن الإصابة بالسكري تضاعف خطر تطور الاكتئاب، وقد يتزايد خطر الإصابة أكثر في حال ظهور المشكلات الصحية المرتبطة بالسكري، لكن ما يزال سبب كل ذلك مبهمًا.

يقترح بعض الباحثين احتمال حدوث ذلك بسبب التأثيرات الاستقلابية للسكري على وظيفة الدماغ، إضافةً إلى المصاعب المرافقة للتحكم بهذا المرض على نحوٍ يومي.

قد يكون المصابون بالاكتئاب أكثر عرضةً للإصابة بالسكري لذلك السبب بالتحديد يُنصَح بتقصّي الإصابة بالسكري، عند وجود قصة للإصابة بالاكتئاب.

من الواضح وجود ارتباط بين الاكتئاب والسكري، على الرغم من الحاجة إلى المزيد من الدراسات، والأبحاث لفهم العلاقة بينهما على نحو تام.

يُعتقد أن التبدلات الكيميائية المتعلقة بالسكري في الدماغ قد تتعلق بتطور الاكتئاب. على سبيل المثال قد يسهم الضرر الناتج عن اعتلال الأعصاب السكري، أو انسداد الأوعية الدموية في الدماغ في تطور الاكتئاب لدى المصابين بالسكري.

من جهة أخرى، قد تزيد التغيرات الدماغية الناتجة عن الاكتئاب خطر حدوث المضاعفات، إذ أظهرت الدراسات أن خطر الإصابة بمضاعفات السكري يزداد لدى المصابين بالاكتئاب، لكن لم يُحدد بعد إن كان الاكتئاب يزيد خطر حدوث المضاعفات أو العكس.

من الممكن أن تزيد أعراض الاكتئاب من صعوبة النجاح في السيطرة على السكري، والوقاية من المضاعفات المتعلقة به.

وجدت دراسة عام 2011 أن المصابين بالداء السكري من النمط الثاني، الذين لديهم أعراض اكتئابية غالبًا ما يملكون مستويات أعلى من السكر في الدم.

إضافةً إلى ذلك فقد اقترحت نتائج دراسة مختلفة عام 2011 أن المصابين بالمرضين معًا في خطر أعلى للإصابة بنوبة قلبية بنسبة%82.

قد يكون التأقلم والتحكم بمرض مزمن مثل السكري متعبًا للبعض، وتُحتمل الإصابة بالاكتئاب في حال الشعور بالكآبة وعدم زوال حالة الحزن بعد أسابيع قليلة.

تشمل الأعراض الشائعة:

قد يحفز التحكم السيئ بالداء السكري ظهور أعراض مشابهة لأعراض الاكتئاب. على سبيل المثال قد يسبب الارتفاع أو الانخفاض الشديد لمستوى السكر في الدم مشاعر متزايدة من القلق، أو التململ، أو انخفاض الطاقة، إضافةً إلى ما تسببه مستويات السكر المنخفضة في الدم من أعراض مشابهة لأعراض القلق مثل التعرق، والارتعاش.

تجب استشارة الطبيب عند ظهور أعراض الاكتئاب، فقد يساعد في تحديد الحالة في حال كان الاكتئاب سبب هذه الأعراض، وفي وضع التشخيص عند الحاجة. إذ يتعاون الأطباء مع مرضاهم في وضع خطة العلاج التي تناسب احتياجاتهم كذلك.

من الممكن أن تؤدي متطلبات السيطرة على مرض مزمن مثل الداء السكري من النمط الثاني إلى الإصابة بالاكتئاب، وهذا قد يسبب في النهاية صعوبةً في التحكم بالمرض.

إضافةً إلى ما سبق، يبدو من المحتمل أن ينتج المرضان، ويتأثرا بعوامل الخطورة ذاتها، وتشمل هذه العوامل:

على أية حال، قد يزيد الاكتئاب من صعوبة التحكم بالداء السكري جسديًا وعقليًا وعاطفيًا كذلك، إذ قد يؤثر على كل مستويات العناية بالذات، وقد تتأثر خيارات الحياة والتغذية والنشاط البدني سلبًا عند الإصابة بالمرض، ويؤدي ذلك بدوره إلى سوء في ضبط مستوى السكر في الدم.

تجب استشارة الطبيب عند وجود أعراض الاكتئاب، فهو قادر على تحديد ما إذا كانت الأعراض ناتجةً عن سوء السيطرة على الداء السكري، أو الاكتئاب، أو حالة طبية أخرى.

في عملية وضع التشخيص يقيّم الطبيب أولًا الملف الطبي للمريض، ويسأل عن وجود أية قصة عائلية سابقة للإصابة بالاكتئاب، ثم يجري تقييمًا نفسيًا لمعرفة المزيد حول الأعراض والأفكار والسلوكيات، إضافةً إلى أية عوامل أخرى. وقد يجري فحصًا جسديًا، ويطلب في بعض الحالات تحليلًا دمويًا أيضًا، لنفي أية حالة طبية مستبطنة أخرى مثل اضطرابات الغدة الدرقية.

يُعالج الاكتئاب نموذجيًا عبر مزيج من العلاج الدوائي والعلاج النفسي، وقد تساعد بعض التغييرات في نمط الحياة أيضًا في التخفيف من الأعراض، وتحسين الصحة والعافية عمومًا.

يوجد أنواع عدة من مضادات الاكتئاب، لكن أكثر أنواع الأدوية شيوعًا في الوصفات الطبية هي مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، ومثبطات استرداد السيروتونين والنورإيبنفرين (SNRIs). تستطيع هذه الأدوية التخفيف من أعراض الاكتئاب والقلق.

قد يوصي الطبيب بنوع آخر من مضادات الاكتئاب، أو بخطة علاجية مختلطة في حال عدم تحسن الأعراض أو ازديادها سوءًا.

من المهم معرفة أن بعض الأدوية الموصوفة لعلاج الاكتئاب قد تسبب زيادةً في الوزن وتغيرات استقلابية، وقد تسبب بعض الأدوية تأثيرات جانبية أشد كذلك. لذا يجب التأكد من مناقشة التأثيرات الجانبية المحتملة لأي دواء يوصي به الطبيب.

يُعرف أيضًا باسم العلاج بالتحدث، وقد يكون فعالًا في التحكم بأعراض الاكتئاب أو تخفيفها. هناك عدة أنواع متوفرة من العلاج النفسي، تشمل العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج بين الأشخاص، وقد يتعاون الطبيب مع مريضه لتحديد الخيار الأفضل الذي يناسب احتياجاته.

يهدف العلاج النفسي عمومًا إلى:

قد يوصي الطبيب في حال كان الاكتئاب شديدًا، بالمشاركة في برنامج علاجي للمرضى الخارجيين (وهو برنامج يوفر العلاج في إحدى المراكز الطبية المتخصصة، من دون الحاجة للإقامة ضمن المركز) إلى حين تحسن الأعراض.

قد تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام في التخفيف من الأعراض، بزيادتها للمواد الكيميائية المسؤولة عن الشعور بحال جيدة في الدماغ، ومن ضمنها السيروتونين والإندروفينات. ويحفز هذا النشاط الجسدي نمو خلايا دماغية جديدة، مثلما تفعل الأدوية المضادة للاكتئاب بالطريقة ذاتها.

يساعد النشاط الجسدي كذلك في التحكم بالسكري من خلال زيادة الاستقلاب والسيطرة على مستويات السكر في الدم، وزيادة الطاقة والتحمل.

من التغييرات الأخرى في نمط الحياة:

عمومًا، يبقى التعرف على خطورة الإصابة بالاكتئاب الخطوة الأولى لتلقي العلاج، وفي البداية تُجرى مناقشة الحالة والأعراض مع الطبيب.

يساعد الطبيب في وضع التشخيص عند الضرورة، والعمل على خطة علاجية تناسب المريض، وعادةً ما تتضمن المعالجة إحدى أنواع الأدوية المضادة للاكتئاب، إضافةً إلى العلاج النفسي.

اقرأ أيضًا:

ما العلاقة بين الوحدة وداء السكري؟

أعراض وعلامات الاكتئاب الخفيف والمعتدل والشديد

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: منال توفيق الضللي

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر

ما العلاقة بين الاكتئاب وداء السكري؟
أعلن في شمرا