معركة اليسار الفرنسي تنبع من مشروع زعيم الأغلبية اليسارية الحالية ميلونشون في إطار شعاره "الإتحاد الشعبي" الجامع لليسار الفرنسي، وهدفه الراهن إنتزاع أغلبية برلمانية في البرلمان المقبل.
حلّ مرشح فرنسا غير الخاضعة اليساري، جان لوك ميلونشون، في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية (21.95٪) بفارق 400 ألف صوت عن مارين لوبان، وبات الرجل الثالث في فرنسا أقوى مما كان عليه عام 2017 مع قوة انتخابية فاعلة ومؤثرة كبيضة قبان في جميع الإستحقاقات الدستورية المقبلة في فرنسا، وأهمها الإنتخابات التشريعة في حزيران/يونيو المقبل.
أياً يكن الرئيس المقبل لفرنسا في 24 نيسان/أبريل المقبل، فإن معركة اليسار تنبع من مشروع زعيم الأغلبية اليسارية الحالية ميلونشون في إطار شعاره "الإتحاد الشعبي" الجامع لليسار الفرنسي، وهدفه الراهن إنتزاع أغلبية برلمانية في البرلمان المقبل.
ميلونشون واضح وحاسم في المعركة، رئاسة الحكومة هي حلقة التوازن التي لا بد منها مع العهد القادم سواء اليميني المتطرف أو الليبرالي المتوحش.
لذلك ناشد ميلونشون ناخبي الكتلة اليسارية، الذين يعتقد أن العديد منهم يشاركون أفكار الاتحاد الشعبي، وحركة فرنسا غير الخاضعة للإتحاد وقول كلمتهم في الانتخابات التشريعية.
وقال في حديث لتلفزيون "ب أف أم": "أطلب من الفرنسيين أن ينتخبوا رئيساً للوزراء، من خلال دعم المرشحين الحاليين في الانتخابات التشريعية بحيث تظهر أغلبية يسارية في الجمعية الوطنية".
ميلونشون اعتبر أنّه "ليس هناك جولة ثانية فقط، هناك جولة ثالثة"، قبل أن يتابع: "كل الرضا الذي يمكن أن أتوقعه من الخروج الهدائ من الانتخابات سيتم التضحية به من أجل هذا الهدف، أي أن تكون 11 مليون، سنكون 12 مليون، 13 مليون بالإتحاد مع الاتحاد الشعبي ”.
أبعد من ذلك بقليل، شرح جان لوك ميلينشون: "أنا لا أريد للسيدة لوبان أن تتولى البلاد ولا أريد أن يحتفظ السيد ماكرون بالسلطة ويجب أن أحل هذا التناقض وأنا أحله بطريقة واحدة فقط وأقول أن هناك جولة ثالثة ".
ثم خاطب الناخبين: "ابدأوا بتحديد ما يبدو لكم الأكثر إلحاحاً والأكثر خطورة وفي الجولة التالية ننتقل إلى الجولة ما بعدها، لذلك سأكون رئيس الوزراء بالرضا أو بالنعمة".
فتح معركة الانتخابات التشريعية قبل معرفة هوية الرئيس الجديد لفرنسا ينبع من قناعة ميلونشون أنه مهما كانتصورة العهد الجديد فإن على اليسار مسؤولية تاريخية تتمثل في تكوين جدار الصد تجاه تفرد كل من لوبن أو ماكرون بتحديد مصير فرنسا والفرنسيين.
فالبرلمان برأيه ضمانة الفرنسيين وأداة القوى الحية في الدفاع عن مصالح الشعب ومستقبله، لذلك فإن ميلونشون موقن بأن وحدة ناخبي اليسار هي الأساس في الانتخابات التشريعية، وهو إذا كان مطمئناً نسبياً إلى أصوات الشيوعيين فإنه يراهن على تحول في وسط ناخبي الحزب الإشتراكي وحزب البيئة بعد هزيمتهما القاسية في انتخابات الرئاسة.
ولدى سؤاله عما فاته للوصول إلى الدور الثاني والأربعمائة ألف صوت التي فصلته عن المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان قدر ميلينشون أنّ هناك "ثلاث كتل" في فرنسا إحداها عن اليمين وليبرالية يجسدها إيمانويل ماكرون والأخرى في أقصى اليمين تحملها مارين لوبان والرابعة تجسدها حركته في الاتحاد الشعبي والتي أضيف إليها كتلة ممتنعة عن التصويت، معترفاً بأن الأصوات التي فاتته هي أصوات الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم".
وفي رسالة غير مباشرة للشيوعيين قال ميلونشون: "من الواضح أن وجهة نظري مختلفة تماماً عندما يتعلق الأمر بالشيوعيين، لأننا قدمنا ترشيحين مشتركين (في 2012 و 2017 ، دعم الحزب الشيوعي الفرنسي ترشيح السيد ميلينشون)".
وقال: "من الواضح أننا لو كنا سوياً حتى لو لم يصوت جزء من 2٪ من السيد روسيل لترشيح مشترك، فقد كان سيحدث ذلك الفارق وسنكون في الجولة الثانية. لا أريد أن أكون منافقاً وأقول لك إنني لا أهتم، أعتقد أن الخطأ الاستراتيجي الأساسي كان رفض المنطق الذي دفع القادة الشيوعيين في البداية إلى الاعتقاد بأنه من الأفضل تكوين الجبهة اليسارية بدلاً من الاستمرار في التواجد في المياه المنخفضة حيث كانوا".
بهذه المواقف يحول ميلونشون الإستحقاق التشريعي إلى معركة مصيرية أخرى لليسار، فرصة الفوز برئاسة الجمهورية كانت قريبة وأفشلها تمزق اليسار وحسابت قادته الحزبية.
فهل يصحو اليسار الفرنسي من الفوضى ويتوحد ليقود يساريا كجان لوك ميلونشون إلى رئاسة الحكومة؟