تشير متلازمة لازاروس إلى عودة جريان الدورة الدموية تلقائيًا بعد توقف نبض القلب وفشل إنعاشه، رغم تطبيق الإنعاش القلبي الرئوي، وتعني باختصار عودتك إلى الحياة بعدما تبين أنك فارقتها. يمثل لازاروس في الكتاب المقدس الشخصية التي بُعثت خارج ضريحها حيةً تُرزق بعد أربعة أيام من موتها، وعُرِفت المتلازمة باسمه، لأن العودة التلقائية لجريان الدورة الدموية جعل الأمر يبدو كأن الشخص قد بُعِث من الموت حيًا. تُعرف المتلازمة بأسماء أخرى مثل ظاهرة لازاروس وقلب لازاروس والإنعاش التلقائي والعودة المتأخرة لجريان الدم التلقائي بعد فشل محاولات الإنعاش القلبي الرئوي.

ستكشف هذه المقالة أنه رغم ما يبدو عليه الأمر بأنك قد عُدت من الموت، في متلازمة لازاروس، فإنك لم تفارق الحياة إطلاقًا.

قلبك هو مضخة تدفع الدم عبر كل الأعضاء والنسج في جسدك، وعندما يتوقف عن النبض، يتوقف جريان الدم أيضًا وتبدأ حالة الأعضاء بالتدهور بسبب عوز تزويدها بالأوكسجين، ولا يمكن عادةً تدبير سبب الفشل القلبي أو عكسه، ورغم تطبيق الإنعاش القلبي الرئوي قد تحدث الوفاة لاحقًا. قد تنجح محاولات الإنعاش في بعض الأحيان ويعاود القلب عمله، خاصةً إذا كان سبب توقفه مشكلةً قابلةً للعكس. ونادرًا ما تطرأ في أثناء الإنعاش مشكلة تمنع قلبك من معاودة العمل، وتظهر المتلازمة عندما تُصحح المشكلة تلقائيًا بعد برهة من توقف محاولة الإنعاش، حين يشرع القلب بالنبض مجددًا. وتُعد متلازمةً نادرةً جدًا، فقد وجد تقرير حول إحدى الحالات عام 2015 أن عدد الحالات التي سجلت بين عامي 1982 و2008 هو 32 حالةً فقط.

وفقًا للكتاب المقدس، مضى على موت لازاروس أربعة أيام قبل أن يبعثه يسوع حيًا من جديد، لكن المتلازمة لا تستغرق كل هذه المدة. وفقًا لبحث سابق تمت مراجعته سنة 2020، يعود جريان الدورة الدموية في أغلب الحالات الموثقة نموذجيًا خلال عشر دقائق من محاولات الإنعاش القلبي الرئوي.

متلازمة لازاروس: حين يعود الميت إلى الحياة! - متلازمة تسبب عودة جريان الدورة الدموية تلقائيًا بعد توقف نبض القلب وفشل إنعاشه

يظن الكثير من الناس أن الوفاة تحدث حين يتوقف القلب عن النبض وينقطع التنفس، لكن الحقيقة هي أن الوفاة عملية ينعدم فيها تدريجيًا كل ما هو ضروري لحياة الأعضاء، ولا يُعد الجسد ميتًا حتى تتوقف كل وظائف أعضائه توقفًا غير قابل للعكس، فالتصريح بمفارقة المرء للحياة مباشرةً بعد إجراء الإنعاش يفسح المجال أمام متلازمة لازاروس كي تحدث، ويستطيع الأطباء تجنب ذلك عبر ما يلي:

الأمر الأهم قبل إعلان الوفاة أن يؤكد الطاقم الطبي الفشل الوظيفي في عدة أعضاء ويتضمن ذلك:

نجهل سبب حدوث المتلازمة، لكن توجد عدة نظريات قد تفسرها:

هي التفسير الأكثر شيوعًا، ويُرجح حدوثها إذا كان الشخص يعاني مرض الانسداد الرئوي المزمن، فعندما يندفع الهواء عبر الرئتين بسرعة كبيرة خلال عملية الإنعاش، أي فرط التهوية، ولا يتسنى لك الوقت لزفره خارجًا، يؤدي ذلك إلى تراكمه بالداخل، ما يُعرف باحتباس الهواء. وكلما تراكم الهواء، ازداد الضغط داخل الصدر، ويرتفع أخيرًا بشدة لدرجة تعيق حركة الدم عبر أوردة الصدر تجاه القلب، وتعيق ضخ الدم إلى سائر الجسد، ما يؤدي إلى:

وعندما ينتهي الإنعاش ويشرع الهواء بمغادرة الرئتين، يقل الضغط داخل الصدر، وأخيرًا يُتاح للدم أن يسري باتجاه القلب ليُضخ إلى سائر الجسد. لذا فإن عودة الدورة الدموية أمر ممكن الحدوث، ويبدو ذلك كأن القلب أنعش نفسه بنفسه.

حتى يعمل القلب، يحتاج إلى أن تصل إليه الأدوية المعطاة خلال الإنعاش القلبي الرئوي، وعندما تتوقف عودة الدم إلى القلب -بسبب احتباس الهواء- فإن الدم -وما يحويه من أدوية مسربة بالحقن الوريدي للذراع أو الساق- لن يصل إلى القلب. لكن بعد تدبير احتباس الهواء وانخفاض الضغط داخل الصدر بدرجة كافية، سيتدفق الدم بما يحويه من أدوية باتجاه القلب، وإذا كانت تلك الأدوية فعالة، سيعود جريان الدورة الدموية تلقائيًا.

قد يُستعمل خلال الإنعاش مزيل رجفان لإيصال صدمة كهربائية إلى القلب بهدف إنعاشه، أو لإعادة ضبط نبضة قلبية غير منتظمة، تُعرف باللانظميات، وقد يحصل أحيانًا تأخير بين الصدمة ونتائجها، فإذا كانت المدة الفاصلة طويلة كفاية، يبدو كأن الدورة الدموية قد عادت تلقائيًا وليس نتيجةً للصدمة.

قد يتوقف خفقان القلب تحت تأثير بعض الظروف، منها ارتفاع تراكيز البوتاسيوم أو تراكيز الأحماض في الدم، تعالج هذه الظروف عادةً خلال الإنعاش، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، وعندما لا تتحسن تلك التراكيز إلا بعد الانتهاء من الإنعاش، سيبدو الأمر كأن الدورة الدموية قد استأنفت جريانها تلقائيًا.

وُثِّقت عن المتلازمة في الصحف الطبية نحو 63 حالةً فقط، ووصلت بعض هذه الحالات إلى العناوين الرئيسية للأخبار مثل:

قد يبدو الأمر وكأن بعض الأشخاص يُبعثون من الموت أحياء، رغم ذلك، يختبر المصابون بالمتلازمة عودة جريان دورتهم الدموية تلقائيًا بعد أن يتوقف قلبهم عن النبض، وتُعد المتلازمة نادرةً جدًا ويقتصر حدوثها على الدقائق التالية لمحاولات الإنعاش القلبي الرئوي، ويظن الكثير من الأطباء أن السبب الأكثر احتمالًا لحدوثها هو فرط التهوية الحاصل في أثناء الإنعاش وما يسببه من احتباس للهواء. قد يتجنب الأطباء إعلان وفاة أحدهم بمراقبته مدة عشر دقائق على الأقل بعد انتهاء عملية الإنعاش القلبي الرئوي.

اقرأ أيضًا:

ما هي متلازمة ستندال؟ وهل تعد حالة نفسية حقيقية؟

هل تشعر بأنك مزيف؟ ما متلازمة المحتال وكيف تتعامل معها؟

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق: لبنى حمزة

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر

Avatar
أعلن في شمرا