في عالمٍ سريع التغيير، يبقى شيء واحد ثابت في سوريا: “التطبيل”. هذه العادة القديمة التي لا تغيّرها التقلبات السياسية أو الزمن. لو كان التطبيل يبني ملاعب أو يشكّل فرقاً رياضية، لكانت الرياضة السورية الآن في مكان أفضل.
الأندية السورية دخلت في دوامة الزمن، حيث لا يغير التغيير السياسي إلا الكراسي، بينما الثقافة نفسها مستمرة: تمجيد الأفراد والتطبيل لهم حتى قبل أن يبدأوا مهامهم. رئيس جديد للاتحاد الرياضي؟ لا يهم، المهم نشر صور تهنئة (المهم نكسب الرضا).
من “أهلي حلب” إلى “الجلاء” و”الوحدة” و”الجيش” و”تشرين” و”حطين” و”جبلة” و”الطليعة” و”النواعير”، الأندية السورية، بكل شجاعة، قررت أن تتبع نفس المنهج القديم. في عصر كان فيه “التطبيل” مخصصاً لفراس معلا، أصبح “محمد حامض” هو الهدف الجديد للاحتفالات، وكأن الرياضة السورية تحتاج فقط إلى رئيس يتم استقباله بالمديح.
ثقافة المديح ومنشورات التمجيد ثقافة موروثة من عهد النظام المخلوع والذي كان تعيين أي شخص يترافق بوابل من منشورات المديح “لنيله ثقة القيادة”.
وينسحب الأمر على رئيس الاتحاد الرياضي العام الذي لطالما مارس رؤساء الأندية نفس السلوك تجاهه “منشورات مديح وتهليل”. وهم اليوم يكررون الأمر ذاته.
كيف يمكننا أن نقنع هؤلاء بخلع هذا الفكر مع النظام السابق؟. بالتحول من التطبيل والتزمير إلى المساءلة والمحاسبة؟. كيف يمكننا أن نقنعهم بالتفكير بالشراكة بالسؤال عن الخطط والمشاريع التي يحملها معه كل مسؤول جديد. كيف يمكننا إقناعهم بأنه على الأقل باركوا ولكن ضعوا مع المباركات محددات وتصورات وأمنيات واضحة مثلاً من المسؤول الجديد.
كيف نقنعهم ألا نكرر تجارب الماضي ونحتفل بنجاحات لم تتحقق. (متل لما احتفلنا بآسيا النا ورحنا قسنا الطريق ع قطر ورجعنا) أليس من الأفضل الانتظار لرؤية مشاريع حقيقية على الأرض؟ والإنجازات؟ والملاعب الجديدة؟ المدربون المحترفون؟ البطولات؟. كيف يمكننا أن نقنعهم أن تكون منشورات التهليل بعد الإقالة وليس عند التعيين لتكون معبرة وصادقة وحقيقية ولا تشبه الماضي.
لقد تغيرت آلة الزمن وسقط النظام نحن نعيش عصراً جديداً نحتاج أن تزول منه عقلية التمجيد والتهليل للأشخاص وأن تتحول للأفعال والإنجازات مثلاً.
يبدو أنه قبل حاجتنا لتغيير كبير على صعيد الأشخاص نحتاج تغييراً شاملاً على صعيد العقلية وآلية التفكير وخلع موروث الماضي الذي زرعه فينا “الرفاق”.