التطورات العسكرية في ليبيا وتهديدات أنقرة باستهداف قوات حفتر في حال تعرضه لمصالحها هناك، تشير إلى إمكانية حدوث صراع روسي تركي مباشر على الأرض لن تكون له انعكاسات في ليبيا فقط بل قد يمتد إلى سوريا أيضاً، بحسب خبراء.

صورة رمزية للحرب في ليبيا

ًإمكانية حدوث صراع روسي تركي مباشر على الأرض لن تكون لها انعكاسات في ليبيا فقط بل قد تمتد إلى سوريا أيضا

التقدم الذي تحرزه حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج والمدعومة من تركيا واقترابها صوب مدينة ترهونة والتي تمثل أهم معاقل قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، قرب طرابلس، وما تلاه من انتزاع السيطرة على بلدة الأصابعة ومزدة جنوب العاصمة الليبية، دفعت الحكومة التركية إلى تحذير خليفة حفتر من شن أية هجمات انتقامية على مصالحها في ليبيا بعدما هددت هذه القوات بالرد على الانتكاسات العسكرية التي منيت بها بضرب مواقع تركية في البلاد. وتقدّم أنقرة الدعم لفصائل إسلامية ومعارضة موالية لها في سوريا، وكذلك لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في ليبيا، المعترف بها من الأمم المتحدة.

يشير هذا التهديد إلى مخاطر متزايدة من تصعيد أوسع نطاقا في ليبيا حيث تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في الصراع ضد قوات الجيش الوطني الليبي المدعوم من روسيا والإمارات ومصر. وهو ما يعزز لدى البعض من إمكانية حدوث صراع روسي تركي مباشر على الأرض لن تكون لها انعكاسات في ليبيا فقط بل قد تمتد إلى سوريا أيضا. وفي حال توسيع روسيا لدعمها العسكري لحفتر وقيام الأخير باستهداف المصالح التركية هناك كما هدد، يتوقع أن تلجأ تركيا إلى توسيع تدخلها العسكري بشكل مباشر، حيث جرت مناورات جوية وبحرية تركية قبل أسابيع في شرق المتوسط يتوقع أنها كانت بهدف الاستعداد لأي سيناريو يتعلق بالحاجة لتدخل أوسع في ليبيا جواً وبحراً.

استنزاف تركيا عبر سوريا وليبيا

يرى محللون أن ما يجري على الأرض هي محاولة روسية من أجل توريط تركيا في فتح جبهتين حربيتين في نفس الوقت في كل من ليبيا وسوريا وذلك من أجل استنزافها عسكرياً. ويرجّح الباحث في جامعة أوكسفورد صامويل راماني في تصريح للوكالة الفرنسية للأنباء أن تكون روسيا خلف التقارب بين حكومة دمشق وحفتر اللذين يتضامنان بمواجهة "عدو مشترك" هو تركيا.

ويقول إن هدف روسيا هو "تحذير أنقرة من أنها قادرة على ممارسة عمليات انتقامية غير متكافئة رداً على الأعمال العسكرية التركية في سوريا، عبر تصعيد متبادل في ليبيا". ومن شأن ذلك، وفق راماني، أن "يخلق جبهتين لتركيا ويؤدي إلى استنزاف قدراتها"، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تقليص نفوذها في سوريا، وهوما تطمح له موسكو حليفة الأسد.

ميلشيات مدعومة من تركيا يتدرب عناصرها في سوريا

يعكس التقارب بين سلطة حفتر ودمشق التداخل المتصاعد بين هذين النزاعين رغم تباعدهما جغرافياً

أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماربورغ رشيد أوعيسى أكد في حوار مع DW عربية أن "الصراع الدائر بين القوات الليبية المدعومة من تركيا والأخرى المدعومة من روسيا ومصر والامارات مرشح للتفاقم وذلك من أجل محاولة فرض واقع جديد يمكن للأخر فرض شروطه"، بيد أن الباحث أوعيسى شكك في حصول صدام مباشر على الأرض الليبية بين تركيا وروسيا إذ أن كلا من أنقرة وموسكو غير راغبتين حالياً في فتح جبهة جديدة للصراع، كما هو حاصل في سوريا، بحسب الباحث. كما أن الاهتمام الروسي بحفتر "ليس استراتيجيا كما هو الحال في سوريا من أجل تدخل عسكري مباشر، لذلك فإن التصرف الروسي سينصب في دعم حفتر بشكل غير مباشر"، كما يقول.

ولا يتوافق أستاذ العلوم السياسية من أن ارسال روسيا لجنودها إلى ليبيا سينهك من قدرة تركيا على المواجهة ويقول: "إذا أرسلت روسيا جنودها إلى الساحة الليبية فستنهك قواتها أيضا، فهي ستكون أيضا على جبهتين" وذلك في إشارة لتواجد القوات الروسية في سوريا.

وبالرغم من أن روسيا حاولت مرارا النأي عن نفسها بأنها تدعم حفتر بشكل مباشر، كما أنها دعت مؤخرا إلى "أهمية وقف فوري للأعمال العسكرية واستئناف عملية سلام تحت رعاية الأمم المتحدة". وذلك في أعقاب مباحثات هاتفية جرت أمس الخميس بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو يوم (الخميس 21 أيار/ مايو 2020) لدعم وقف فوري لإطلاق النار واستئناف العملية السياسية، إلا أن شواهد كثيرة تشير إلى دعم بوتين لحفتر في ليبيا. ويعكس التقارب بين سلطة حفتر ودمشق التداخل المتصاعد بين هذين النزاعين. إذ أعادت الحكومة الموازية في الثالث من آذار/مارس فتح سفارة بلادها في العاصمة السورية بعد إقفال استمر منذ العام 2012. وتربط بين دمشق وبنغازي، معقل حفتر على بعد ألف كيلومتر من طرابلس، رحلات جويّة تسيّرها شركة الطيران السورية الخاصة "أجنحة الشام"، بالإضافة إلى الأسلحة الروسية الموجودة لدى قوات الجيش الوطني الليبي.  

أعلن في شمرا