يؤثر السفر إلى الفضاء سلباً على جسم الإنسان، وقد أظهرت دراسات علمية عديدة ذلك بالفعل، وللتغلب على الآثار الصحية السلبية، يحتاج رواد الفضاء إلى مصدر موثوق للفيتامينات ومضادات الأكسدة والألياف.

يتزايد شغف الناس بالفضاء بسرعة مذهلة، بخاصة مع اعتزام وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" إرسال رواد فضاء إلى القمر مرة أخرى، ضمن برنامجها "أرتميس".

لكن التحدي الرئيس لوكالات الفضاء يتمثل بإيجاد حل لإطعام أفراد الطاقم خلال الأسابيع والأشهر، وحتى السنوات التي يقضونها في الفضاء.

تتطلب مهمات الفضاء طويلة الأمد، مثل تلك المتجهة إلى القمر أو المريخ، مصدراً موثوقاً به من الطعام الطازج والمغذي للبقاء على قيد الحياة، وقد لا يكون الاعتماد الحالي على وجبات رواد الفضاء المجهزة مسبقاً الخيار الأمثل لفترات طويلة.

زينيا هي أول زهرة تتفتح في الفضاء (ناسا).jpg

من هنا يهدف مشروع "رز القمر"، وهو مشروع تعاوني تقوده وكالة الفضاء الإيطالية وثلاث جامعات إيطالية، إلى تطوير نوع من الرز القزم المثالي للسكن الفضائي المستدام والبيئات القاسية على الأرض.

يؤثر السفر إلى الفضاء سلباً على جسم الإنسان، وقد أظهرت دراسات علمية عديدة ذلك بالفعل، وللتغلب على الآثار الصحية السلبية، يحتاج رواد الفضاء إلى مصدر موثوق للفيتامينات ومضادات الأكسدة والألياف.

وحالياً يحصل رواد الفضاء على جعبات تحتوي على طعام معد سلفاً، وتحضر هذه الأطعمة من قبل شركات متخصصة، تجففها وتجمدها، فيما يضيف رواد الفضاء الماء لهذه الأطعمة من أجل تسخينها أو تبريدها بغرض أكلها. بيد أن هذه الأطعمة المعبأة، تتطلب إعادة إمداد منتظمة ويمكن أن تتدهور جودتها وتغذيتها، فضلاً عن أن إرسالها مكلف للغاية.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما ذكرناه آنفاً دفع الباحثون لاستكشاف فكرة قيام الطواقم الفضائية بزراعة بعض طعامها أثناء المهمات، من طريق التغلب على بعض مشكلات الزراعة الفضائية.

وقد أثبتت التجارب السابقة التي أُجريت على متن محطة الفضاء الدولية جدوى زراعة المحاصيل في الفضاء. وفي وقت سابق، نجح رواد فضاء صينيون في زراعة شتلات رز على متن محطة "تيانغونغ" الفضائية، مما وفر رؤى ثاقبة حول زراعة الغذاء لمهام فضائية طويلة الأمد.

يهدف المشروع الذي أطلقته وكالة الفضاء الإيطالية بالتعاون مع كبرى الجامعات الإيطالية، إلى تصميم نوع جديد كلياً من الرز الجاهز للفضاء، ويتميز بكونه قصيراً جداً، غنياً بالبروتين، عالي الكفاءة، وقادراً على النمو في ظروف انعدام الجاذبية.

يعد الرز غذاءً أساسياً عالمياً، وقد اكتسب هذه السمعة بفضل مرونته وسهولة نقله وزراعته عبر المعمورة. لكن رز الأرض القياسي طويل جداً ويتطلب الكثير من العناية لإطعام رائد فضاء. لذا، يعمل العلماء الإيطاليون على تعديل جينات نباتات الرز واستجاباتها الهرمونية لإنتاج صنف صغير جداً لا يتجاوز طوله 10 سنتيمترات.

إن تصغير حجم نبتة الرز ليس سوى جزء من الخطة، إذ يعمل فريق البحث على تعديل البنية الجينية للمحصول لجعله أكثر إنتاجية وكفاءة في النمو.

كما يطور العلماء استراتيجيات لزراعة نباتات الرز في ظل الجاذبية الصغرى، وذلك من خلال جعل النباتات تعتاد على عدم تأثرها بجاذبية الأرض، ويحققون ذلك من خلال تدوير النبتة باستمرار لمحاكاة قوة الجاذبية، كما هي الحال في المركبات الفضائية وقصص الخيال العلمي التي تحاكي الجاذبية أحياناً من خلال أجزاء دوارة من سفينة أكبر. وبالتالي يهدف هذا المشروع إلى خداع النبتة وإيهامها بأنها لا تزال على الأرض.

تتعاون ثلاث جامعات إيطالية رائدة لإنجاح هذا المشروع، وتقدم كل جامعة خبراتها المتخصصة، إذ تركز جامعة "ميلانو" على علم وراثة الرز، وجامعة "روما سابينزا" على التلاعب بفيزيولوجيا المحاصيل، وجامعة "نابولي فيديريكو الثاني" على إنتاج المحاصيل الفضائية.

بعد تسعة أشهر فحسب من بدء هذا المشروع، تبشر النتائج الأولية بالخير. فقد نجح باحثو "ميلانو" في عزل أصناف رز لا يتجاوز طولها 10 سنتيمترات، مما يوفر نقطة انطلاق ممتازة لمحاصيل صديقة للفضاء.

وفي الوقت نفسه، حدد فريق "روما" الجينات التي يمكنها تحسين بنية النبات لتحقيق أقصى إنتاج، ولمعالجة مشكلة عدم كفاءة إنتاج اللحوم في الفضاء، يعمل الفريق أيضاً على إثراء محتوى البروتين في الرز من طريق زيادة نسبة الجنين النباتي إلى النشا.

وينصب تركيز العلماء على كيفية تأقلم نباتات الرز مع انعدام الجاذبية، وبذلك يحاكون انعدام الجاذبية على الأرض من خلال تدوير النبات باستمرار بحيث تسحبه الجاذبية بالتساوي في جميع الاتجاهات. وهذا أفضل ما يمكنهم فعله على الأرض، لأن إجراء التجارب في ظروف انعدام الجاذبية الحقيقية، أي في الفضاء، أمر معقد ومكلف جداً.

تجدر الإشارة بأن استكشاف الفضاء مهمة شاقة للغاية، تتطلب من رواد الفضاء أن يكونوا في أفضل حالاتهم البدنية والنفسية. وإذا استطاع العلماء تهيئة بيئة تغذي رواد الفضاء جسدياً ونفسياً، فسيقلل ذلك من التوتر ومن احتمالية ارتكاب الأخطاء.

ولدى العلماء الإيطاليون خطة مدتها أربع سنوات، نأمل في أن تثمر عن رز صالح للزراعة ليس في الفضاء فحسب، حيثما تجوب البشرية بين النجوم، بل هنا على الأرض لإطعام الناس في الصحاري، أو البؤر الاستيطانية في القطب الشمالي، أو المناطق الحضرية المكتظة.

وقد أعلن العلماء عن ذلك صراحة حين أشاروا إلى أن مشروع "رز القمر" لا يقتصر على مستكشفي الفضاء فحسب، إنما ستكون له تطبيقات مفيدة لزراعة النباتات في بيئات متحكم بها على الأرض أيضاً.

وهكذا إذا استطعنا تطوير محصول قوي للفضاء، فيمكن استخدامه في القطبين الشمالي والجنوبي، أو في الصحاري، أو في الأماكن ذات المساحة الداخلية المحدودة.

زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
زراعة الرز على القمر باتت ممكنة؟
أعلن في شمرا