واشنطن-سانا

مأزق سياسي دخلت الولايات المتحدة فيه بإرادتها وبإصرار مستمر منها في محاولة لبسط الهيمنة في شرق أوروبا تحت ذريعة مواجهة روسيا لكن ومع استمرار واشنطن بإذكاء الحرب وتأجيج حدة الأزمة تحولت أوكرانيا إلى مستنقع يماثل المستنقع الفيتنامي.. ولم تعد مشكلاتها تنحصر في خسائر عسكرية وأخرى مادية يتكبدها نظام كييف الحليف بل تعدتها إلى انقسامات حادة بين الأحزاب السياسية الرئيسية في الولايات المتحدة واستقطاب سياسي غير مسبوق في المجتمع الأمريكي.

آراء الناخبين الأمريكيين وممثليهم في الحزبين الرئيسين بالولايات المتحدة الجمهوري والديمقراطي تتباين بشكل كبير فيما يتعلق بالتورط الأمريكي في المستنقع الأوكراني، ففي حين يفضل الجمهوريون التوصل إلى تسوية مع روسيا يؤيد الديمقراطيون الاستمرار بدعم نظام كييف ومتابعة ضخ الأسلحة والذخائر إليه.

تأثير الأزمة في أوكرانيا بدا واضحا في تفاقم الانقسامات السياسية والاستقطاب السياسي في المجتمع الأمريكي باعتبارها إحدى القضايا التي تفرق الأمريكيين على أسس حزبية، وقد رأت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية في محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على يد مسلح أعرب في وقت سابق عن استعداده للقتال والموت في أوكرانيا تأكيداً على أن الأزمة الأوكرانية اخترقت النسيج الاجتماعي بأكمله في الولايات المتحدة وأن تداعياتها لا تقتصر على السياسة الخارجية لأمريكا.

استطلاعات الرأي تبين أن 66 بالمئة من الجمهوريين يفضلون دفع نظام كييف إلى جهة التفاوض مع موسكو في حين يصر 62 بالمئة من الديمقراطيين على الاستمرار بالنحو ذاته ودعم كييف بالأسلحة والذخائر مهما طال الزمن وحتى لو كان ذلك يعني التضحية بدماء كل الأوكرانيين.

صحيفة “ذا هيل” لفتت إلى أن الانقسام الحزبي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة يمتد أيضاً إلى التصورات حول البلد الذي يمثل الخصم الرئيسي لأمريكا، فالجمهوريون أكثر قلقاً بشأن الصين بينما تمثل روسيا القلق الرئيسي للديمقراطيين، مشيرة إلى أن الدعم الأمريكي العسكري والمادي لنظام كييف والذي يقدر بنحو 175 مليار دولار لم يغير في مجرى الحرب بشيء وأن الأزمة الأوكرانية كشفت أوجه القصور العسكرية الغربية بما في ذلك عجز الصناعة الأمريكية عن إعادة إمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخائر الحيوية.

كما أن احتياج أوكرانيا إلى مجندين جدد لتجديد صفوف قواتها المستنزفة يعتبر وفقاً لصحيفة “ذا هيل” أحد الأسباب الرئيسية لعدم إحراز نظام كييف تقدماً ميدانياً إذ لم تعوض ممارسات التجنيد الإجباري الصارمة النقص المتزايد في قواتها.

ومع مواجهة العملة الأمريكية تحديات جدية ومع تفاقم الأزمة الأوكرانية وغرق الولايات المتحدة أكثر من المستنقع الذي استحدثته بسياساتها الاستفزازية المتعمدة لبسط الهيمنة والحد من نفوذ روسيا، بدأت مكانة الدولار الأمريكي تتراجع.. وقامت البنوك المركزية في العديد من البلدان بشراء الذهب بشكل متزايد كإستراتيجية للتحوط.. وقد أدى ذلك إلى جانب زيادة عدم اليقين الجيوسياسي إلى رفع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي.

باسمة كنون

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

أعلن في شمرا