شعر-عمر-بن-أبي-ربيعة/

لقد بنى الشّاعر عمر بن أبي ربيعة قصائده بأسلوبه الخاصّ كما رتّبها ترتيبًا منطقيًا، فتميّزت القصيدة بالوحدة العضويّة، إذ كانت الأبيات تتناغم في وصفها، حتى أنّه يصعُب على القارئ أن يَفصلها عن بعضها، كما أنّه توسّع في موضوعاته وأساليبة الأدبيّة والشعريّة، فكان يبدأ بالحب والوقوف على أطلال المحبوبة، ثم يندرج للغزل، والوُلوج إلى مواضيع أساسيّة أخرى، وهذا كلّه كان من الخصائص المبتكرة والمتميّزة في شعر عمر بن ربيعة، ومن هذه الخصائص ما يلي:[١]

لم يبتعد عمر بن ربيعة في شعره عن عمود الشعر بل التزم به، ولكنّه كان يلجأ في بعض الأحيان إلى الأسلوب القصصيّ، واستخدام أسلوب الحوار في لغته، كما كانت أبياته سهلة وواضحة، ولغته تنساب بسلاسة إذ هي خالية من التعقيد والغموض، إضافةً إلى أنّ قصائده كانت تلجأ للخيال كثيرًا، فهو يوظّف الخيال بصور إبداعيّة، وكان الإسلام له أثره الواضح في أسلوبه، إذ ابتعد عن الألفاظ الوحشيّة السائدة في العصر الجاهلي، ومن القصائد الموضحة لأسلوبه، هي:[١]


فقلتُ لها بل قادَني الشَّوقُ والهَوى

فقالت وقد لانَت وأفرَخَ رَوعُها

نجح الشاعر في توظيف الصورة الشعريّة بمختلف الألوان، فكان يبتكر هذه الصور بما يتناسب مع المواضيع، فكانت الألوان الأدبيّة والشعريّة في شعره تندرج من الدّلالات النفسيّة إلى الشعر الاجتماعيّ والسياسيّ، وكلّ هذه الألوان كانت تنعكس من خلال حياته التي يعيشها، إضافة إلى أنّ قصائده كانت غنيّة بالصور الفنيّة، كالتشبيه والاستعارة والكناية وغيرها، ومن هذه الصور حين شبّه الأسنان بالمبرد، وبياضها كأنّه أقحوان، بقوله:[٢]


تراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كأنَّهُ

وتَرنوا بعينيها إليَّ كما رَنَا


كما نجح الشاعر في استخدام الألفاظ التي تحمل الدّلالات المُناسبة لحالته الشعوريّة، فمثلًا حين يصف مشاعر سعادته يستخدم الألفاظ التي تُحاول أن تُوصل للقارئ صدق شعوره، ومنها (قرير العين)، إضافةً إلى أنّه نجح في اختيار الألفاظ التي تخلق المشاهد الصّادقة في ذهن القارئ أو السامع، ومثال ذلك حين وصف ترقُّبه لنوم القوم، وحذره أن يروه، ومن ذلك قوله:[٣]


فلَمَّا فَقدتُ الصَّوتَ منهم وأُطفِئت

وغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أرجو غُيوبَهُ

اتّصَل عُمر بن أبي ربيعة بالمرأة اتّصالًا عميقًا، ومن المعروف أنّه من أهمّ شعراء العرب؛ حيث صار شاعر الغزل العاشق من دون مُنازع، وعاش حياته كلّها وهو ينظم الغزل الصريح، وممّا ساعدهُ على ذلك ثراؤه وترفه، فالدُّنيا مُشرقة حوله فمن الطبيعيّ أن يُخلّف ديوانًا ضخمًا يكون مُقتصِرًا على شعر الغزل، كما يُعرف أنّه من طبقة جرير والأخطل والفرزدق، ومن اللاّفت للنظر أنّهُ اتّخذ في علاقاته مع النّساء شخصيّة الشاعر المُغامر العاشق، ومن شعر عمر بن أبي ربيعة في الغزل، قوله:[٤]


فدلَّ عليها القلبُ ريَّا عرفتُها


صرف جُلّ جُهده في تصوير عواطف وخلجات المرأة، كما أنّه اتّخذ من ناحيةٍ أُخرى صورة الشاعر المُتعفّف بشعره، الذي يهتمّ بنظم الشعر العفيف، ومن أهمّ ما تميّز به شعر عمر بن أبي ربيعة أنّه قام بتجديد الأوزان؛ حيث أعطى للقصيدة الغزليّة خصائص فنيّة عديدة كالقصّ والحوار، بالإضافة إلى ترقيق الأوزان التي تصلح للغناء.[٥]


أمّا عن قصة عمر بن أبي ربيعة مع المرأة في الحج، فهي ممّا يُروى أنّه كان يستغلُّ موسم الحج للتحرُّشِ بالنّساء الجميلات وينظم فيهنّ شعر الغزل، فكان يتمنّى لو أنّ موسم الحجّ يبقى مستمرًّا طيلة أيّام السنة، ومن أبياته الشعريّة في ذلك:[٥]


ليتَ ذا الدَّهر كانَ حتمًا علينا


من القصص المذكورة قصّة عمر بن أبي ربيعة مع هند، إذ يُقال إنّها هي وجماعة من النّسوة اتّفقن مع أعرابيّ، كي يجلب ابن ربيعة بأسوأ حال، فذهب الأعرابيّ وقال له: ما رأيكَ أنت تذهب إلى النساء وتأتيهنّ مُتنكّرًا، فتنظر لجمالهنّ وتسمع حديثهنّ، وافقه على ذلك فذهب وتحدث معهنّ، وأنشد لهنّ حتى سُررن به، فقالت إحداهن: ما أشبهه بابن ربيعة، فمدّت هند يدها حتى أزاحت عمامته، وقالت له: أتُراك خدعتنا بل نحن خدعناك واحتلنا عليك، ثم أنشد ابن ربيعة أبياته الآتية:[٦]


أراكِ يا هِندُ في مُباعَدَتي

هِندُ أطاعت بي الوِشاةَ فقد

إنّ الواقع الحجازيّ الذي عاشه أدّى إلى انتشار المرح والدّعابة والظرف، ممّا انعكس على شعره، فكانت هذه سمة من سمات الغزل الصّريح، ممّا جعل شعر عمر بن أبي ربيعة الفاحش يُصبح جزءًا من حسّ الدّعابة والظرف، كما اشتُهر بهذا النوع من الشعر، وتدلّ شواهده الشعريّة على ذلك، ومنها قوله:[٧]


أيُّا المُنكِحُ الثُّريَّا سُهيلًا

هيَ شاميَّةٌ إذا ما استقلت

اشتُهر الشاعر عمر بن أبي ربيعة بالكثير من القصائد الشعريّة، منها:

أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ

لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها

تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ

وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت

قالَتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها

ذا حَبيبٌ لَم يَعَرِّج دونَنا

فَأَتانا حينَ أَلقى بَركَهُ

وَرُضابُ المِسكِ مِن أَثوابِهِ

فَقَعَدتُ مُرتَقِبًا أُلِمُّ بِبَيتِها

حَتّى دَخَلتُ عَلى الفَتاةِ وَإِنَّها

وَإِذا أَبوها نائِمٌ وَعَبيدُهُ

فَوَضَعتُ كَفّي عِندَ مَقطَعِ خَصرِها

سَلامٌ عَلَيها ما أَحَبَّت سَلامَنا

أَحِنُّ إِذا رَأَيتُ جَمالَ سُعدى

وَقَد أَفِدَ الرَحيلُ فَقُل لِسُعدى

أَلا يا لَيلُ إِنَّ شِفاءَ نَفسي

قِف بالطوافِ تَرى الغَزال المُحرما

عِند الطَّواف رأيتها مُتلثّمة

أقسمت بالبيت العَتيق لتخبري

الاسم سلمى والمنازل مكة

لَيتَ هِندًا أَنجَزَتنا ما تَعِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني

ولقد دخلتُ الحيّ يخشى أهله،

فَوَجَدْتُ فيه حُرَّةً قَدْ زُيِّنَتْ

لما دخلتُ منحتُ طرفي غيرها

كيما يقول محدثٌ لجليسهِ:

قَالَتْ لأَتْرَابٍ نَواعِمَ حَوْلَها

بِکللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ، حَدِّثْنَني

الداخلِ البيتَ الشديدَ حجابهُ،

فَأَجَبْتُها إنَّ المُحِبَّ مُعوَّدٌ

فَنَعِمْتُ بالاً إذْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ

بَيْضاءُ مِثْلُ الشَّمْسِ حِينَ طُلُوعِها

قُلْ للَّذِي يَهْوَى تَفَرُّقَ بَيْنِنا

فويلُ أمها أمنيةً، لو تفهمتْ

أَغَيْظي تَمَنَّتْ أَمْ أَرَادَتْ فِرَاقَها

أُؤمِّنُ، فَادْعُ اللَّهَ يَجْمَعُ بَيْنَنا

وَدِدْنَا وَنُعْطى ما يَجُودُ، لَوَ أنَّهُ

فَلَسْتُ بِناسٍ، ما حَييتُ، مَقَالها

لَقَدْ غَنِيَتْ نَفْسي، وأَنْتَ بِهَمِّها،

أَراكَ تُسَوّيني بِمَنْ لَسْتُ مِثْلَهُ

وَلَوْ كُنْتَ صَبًَّا بي كَما أَنَا صَبَّة

فقلتُ لها قولَ امرىءٍ متحفظٍ،

أَبيني لَنَا، إنْ كَانَ هَذا تَجَنُّبًا

وإنْ كَانَ إنْكَارًا لأَمْرِ كَرِهْتِهِ

وقد علمتْ، إذ باعدتني تجنبًا،

هنيئًا لقلبٍ، كنتُ أحسبُ أنهُ،

فمتْ كمدًا، يا قلبُ، أو عشْ، فإنما

أتوصلُ زينبُ، أمْ تهجرُ،

أدلتْ، ولجَّ بها أنها

وتعلمُ أنّ لها عندنا

ووداً، ولو نطقَ الكاشحو

ولستُ بناسٍ مقالَ الفتاةِ،

أَلَسْتَ مُلِمًّا بِنَا يَا فَتًى فما

فقلت: بلى، أقعدي ناصحًا،

وآية ُ ذلكَ أن تسمعي نداءَ

فأقبلتُ، والناسُ قد هجعوا،

إذا كاعِبَانِ وَرَخْصُ کلْبَنَانِ

فَسَلَّمْتُ خَفْياً فَحَيَّيْنَني

وقالتْ: طربتَ، وطاوعتَ بي

فقلتُ مقال أخي فطنةٍ،

أَلِلْصَّرْمِ تَطَّلِبينَ الذُّنُوبَ

فإنْ كنتِ حاولتِ صرمَ الحبا

فَإنْ كُنْتِ أَدْلَلْتِ كَيْ تَعْتِبي

فقالتْ لها حرةٌ عندها،

دعي عنكِ عذلَ الفتى واسعفي،

فبتُّ أحكمُ فيما أردتُ،

تَميلُ عَلَيَّ إذا سُقْتُها

يفوحُ القرنفلُ من جيبها،

فَبِتُّ وَلَيْلَي كَلا أَوْ بَلَى

وكيفَ اجتنابكَ دار الحبيب،

ذَكَّرَتْني الدِّيارُ شَوْقًا قَدِيمًا

بالشليلِ الذي أتى عن يميني،

وقليبًا مسحجًا أوطن العر

وَعِرَاصًا تُذْري الرِّياحُ عَلَيْهاب

وَدُعَاءَ الحَمَامِ تَدْعُو هَدِيلًا،

غردًا، فاستمعتُ للصوتِ، فانهل

عُجْتُ فيهِ، وَقُلْتُ للرَّكْبِ: عوجوا،

فثنوا هزةَ المطيِّ، وقالوا:

وَمَقَامًا قُمْنَا بِهِ، نَتَّقي العَيْـ

مِنْ لَدُنْ فَحْمَةِ العِشاءِ إلَى أَنْ

وقميرٌ بدا ابنَ خمسٍ وعش

ثمّ قالتْ، ودمعها يغسلُ الكح

لا يكوننّ آخرَ العهدِ هذا،

ثمّ قالت لتربها: إنّ قلبي

ألا قلْ لهندٍ: احرجي وتأثمي

وحلي حبالَ السحرِ عن قلبِ عاشقٍ

فَأَنْتِ، وَبَيْتِ اللَّهِ، هَمِّي وَمُنْيتي

فواللهِ، ما أحببتُ حبكِ أيمًا،

فصدتْ وقالت: كاذبٌ! وتجهمتْ،

فقالت، وصدت: ما تزالُ متيمًا،

ولما التقينا بالثنية، أومضتْ،

أشارتْ بطرف العينِ خشيةَ أهلها،

فأيقنتُ أنّ الطرفَ قد قال: مرحبًا،

فأبرزتُ طرفي نحوها بتحيةٍ،

وإني لأذري، كلما هاجَ ذكركم،

وَأَنْقَادُ طَوْعًا لِلَّذي أَنْتِ أَهْلُهُ

أُلامُ عَلَى حُبِّي، كَأَنِّي سَنَنْتُهُ،

وَقَالَتْ: أَطَعْتَ الكَاشِحِينَ، وَمَنْ يُطِعْ

لَقَدْ مَاتَ سِرّي وَاسْتَقَامَتْ مَوَدَّتي،

فَإن تَقْتُلي في غَيْرِ ذَنْبٍ، أَقُلْ لَكُمْ

هنيئًا لكم قتلي، وصفوُ مودتي

قلْ للمنازلِ بالكديد: تكلمي

لَعِبَتْ بِجِدَّتِها الرِّياحُ وَتَارَةً

دارَ التي صادتْ فؤادكَ، إذْ بدتْ

قَالَتْ لآنِسَةٍ رَدَاحٍ عِنْدَهَا

هذا الذي منحَ الحسانَ فؤادهُ،

قالت: نعمْ، فتنكبي بي، إنه

فَبَعَثْتُ جَارِيَتي، فَقُلْتُ لَهَا: اذْهَبي

قولي: يقول: تحوبي في عاشقٍ،

فكي رهينتهُ، فإن لم تفعلي

ويقول إنكِ قد علمتِ بأنكمْ

فتبسمتْ عجبًا، وقالت: حقهُ

علمي به، والله يغفرُ ذنبه،

طرفٌ ينازعه إلى الأدنى الهوى

وَتَغَاطَسَتْ عَمّا بِنَا، وَلَقَدْ تَرَى

قالت لها: ماذا أردُّ على فتًى،

قَالَتْ أَقُولُ لَهُ بِأَنَّكَ مَازِحٌ

قالت لها: بل قد أردتِ بعادهُ،

قفْ بالديارِ عفا من أهلها الأثرُ

بالعرصتينِ فمجرى السيلِ بينهما

تَبْدُو لِعَيْنَيْكَ مِنْهَا كُلَّما نَظَرْتْ

وركدٌ حولَ كابٍ قد عكفنَ به

منازلُ الحيِّ أقوتْ بعد ساكنها

تَبَدَّلوا بَعْدَهَا دارًا وَغَيَّرَها

وَقَفْتُ فيها طَويلًا كَيْ أُسَائِلَها

دارُ التي قادني حينٌ لرؤيتها،

خودٌ تضيءُ ظلاَ البيتِ صورتها

مَجْدُولَةُ الخَلْقِ لَمْ تُوضَعْ مَنَاكِبُها

ممكورةُ الساقِ، مقصومٌ خلاخلها

هَيْفاءُ لَفّاءُ مَصْقولٌ عَوَارِضُها

تفترُّ عن واضحِ الأنيابِ، متسقٍ،

كالمسكِ شيبَ بذوبِ النحلِ يخلطه

تِلْكَ الَّتي سَلَبَتْني العَقْلَ وکمْتَنَعَتْ

قَدْ كُنْتُ في مَعْزِلٍ عَنْهَا فَقَيَّضَني

إني، ومنْ أعملَ الحجاجُ خيفته

لا أَصْرِفُ الدَّهْرَ وُدّي عَنْكِ أَمْنَحُهُ

أَنْتِ کالمُنَى وَحَديثُ النَّفْسِ خَالِيَةً

يا ليتَ من لامنا في الحبِّ مرُ به،

حتى يذوقَ كما ذقنا، فيمنعهُ

دَسَّتْ إلَيَّ رَسُولًا لا تَكُنْ فَرِقًا

إنِّي سَمِعْتُ رِجالًا مِنْ ذَوِي رَحِمِي

أن يقتلوكَ، وقاكَ القتلَ قادرهُ،

السرُّ يكتمهُ الإثنانِ بينهما

والمرءُ، إن هو لم يرقبْ بصبوتهِ

نُعْمُ الفُؤَادِ مَزارُها مَحْظُورُ

لجّ البعادُ بها وشطّ بركبها

حَذِرٌ قَلِيلُ النَّوْمِ ذو قاذورَةٍ

لَمْ يُنْسِني ما قَدْ لَقِيتُ وَنأْيُها

ممشى وليدتها إليّ، وقد دنا

وَمَفِيضَ عَبْرَتَها وَمَوْمَى كَفِّها

أن أرجِ رحلتك الغداة َ إلى غدٍ،

لَمّا رآني صَاحِبايَ كأَنَّني

وتبينا أنّ الثواءَ لبانةٌ

قالا: أنقعدُ أن نروحُ؟ وما تشأ

إن كنتَ ترجو أن تلاقي حاجةً،

فَأَتَيْتُها وکاللَّيْلُ أَدْهَمُ مُرْسَلٌ

رحبتُ حين لقيتها، فتبسمتْ

وَتَضَوَّعَ المِسْكُ الذَّكِيُّ وَعَنْبَرٌ

كنا كمثلِ الخمرِ، كان مزاجها

فَلَئِنْ تَغَيَّرَ مَا عَهِدْتَ وأَصْبَحَتْ

لَبِما تُسَاعِفُ بِاللِّقاءِ وَلُبُّها

إذْ لا تغيرها الوشاةُ، فودها

لا تأمننّ الدهرَ أنثى بعدها،

بَعْدَ الَّتي أَعْطَتْكَ مِنْ أَيمانِها

فإذا وَذَلِكَ كَانَ ظِلَّ سَحَابَةٍ

آذَنَتْ هِنْدٌ بِبَيْنٍ مُبْتَكِر

أَرْسَلَتْ هِنْدٌ إلَيْنَا نَاصِحًا

فاعلمنْ أنّ محبًا زائرٌ،

قُلْتُ: أَهْلًا بِكُمُ مِنْ زَائِرٍ

فتأهبتُ لها، في خفيةٍ،

بينما أنظرها في مجلسٍ،

لَمْ يَرُعْني بَعْدَ أَخْذي هَجْعَة

قُلْتُ: مَنْ هذا؟ فَقَالَتْ: هكذا

ما أَنَا والحُبُّ قَدْ أَبْلَغَني

لَيْتَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ عُلِّقْتُكُمْ

كلما توعدني، تخلفني،

سَخِنَتْ عَيْني لَئِنْ عُدْتَ لَهَا

عَمْرَكَ کللَّهُ أَما تَرْحَمُني

قلتُ، لما فرغتْ من قولها

أنتِ، يا قرةَ عيني، فاعلمي،

فاتركي عنكِ ملامي، واعذري،

فَأَذَاقَتْني لَذيذًا خِلْتُهُ

وَمُدَامِ عُتِّقَتْ في بابِلٍ

فتقضتْ ليلتي في نعمةً،

وأُفَرّي مِرْطَها عَنْ مُخْطَفٍ

فَلَهَوْنَا لَيْلَنا حَتَّى إذا

حَرَّكَتْني ثُمَّ قَالَتْ جَزَعًا

قمْ صفيَّ النفس، لا تفضحني،

فَتَوَلَّتْ في ثَلاثٍ خُرَّدٍ

لستُ أنسى قولها، ما هدهدتْ

حينَ صَمَّمْتُ عَلَى ما كَرِهَتْ

أعلن في شمرا