-يتطلب تدريب رواد الفضاء لمهمات المريخ جهداً كبيراً ومتعدد الأوجه. وبحسب خطة ماسك سيخضع المرشحون لتدريبات بدنية لتحمل آثار السفر الفضائي الطويل الأمد وسيتدربون في بيئات تشبه المريخ على الأرض لمحاكاة الظروف القاسية للكوكب. ويعد الإعداد النفسي أمراً بالغ الأهمية، إذ يتعين على رواد الفضاء التعامل مع العزلة والحبس لفترات طويلة.
-وفقاً للخطة الموضوعة يجب أن تتغلب أنظمة الاتصالات على التأخير الزمني الكبير بين الأرض والمريخ، ومن المرجح أن تساعد الروبوتات المستقلة في مهمات البناء والصيانة قبل وصول البشر وبعده.
تستحوذ خطة إيلون ماسك الطموحة لاستعمار المريخ على خيال عشاق الفضاء في جميع أنحاء العالم، ويتصور فيها الرئيس التنفيذي لشركة "سبايس إكس" مدينة مكتفية ذاتياً على الكوكب الأحمر، مع إطلاق أولى البعثات غير المأهولة في وقت مبكر من عام 2026.
جوهر هذه الخطة الجريئة هو صاروخ ومركبة "ستارشيب" القابل لإعادة الاستخدام بالكامل، وصممت هذه المركبة الفضائية لنقل البشر والبضائع إلى المريخ لتكون بمثابة حجر الزاوية لجهود استعمار ماسك بين الكواكب. أما الدرع الحراري لـ"ستارشيب" فصمم لتحمّل الدخول المتعدد إلى الغلاف الجوي للمريخ، على رغم توقع بعض التآكل بسبب الظروف القاسية.
ويمثل برنامج استعمار المريخ قفزة كبيرة في استكشاف الفضاء البشري، والهدف البعيد المدى لشركة "سبايس إكس" هو إنشاء مستوطنة واسعة النطاق على المريخ تطالب بتقرير المصير، وغني عن القول إن هذه المبادرة الجريئة تدفع حدود تكنولوجيا الفضاء الحالية وتتحدى فهمنا لما هو ممكن من ناحية السكن البشري خارج الأرض.
رؤية إيلون ماسك للمريخ
يتصور إيلون ماسك إنشاء مدينة مكتفية ذاتياً على المريخ بهدف جعل البشر يغزون الكواكب، وتتضمن خطته تطوير مركبات فضائية متقدمة وبنية أساسية لتمكين الاستيطان البشري على نطاق واسع في الكوكب الأحمر.
وسيستخدم ماسك لبلوغ هدفه صاروخ "ستارشيب" الأضخم والأثقل على الإطلاق، إذ يبلغ إجمالي طوله 122 متراً، ويزن خمسة آلاف طن. فيما تخطط "سبايس إكس" لإطلاق مركبات "ستارشيب" متعددة إلى المريخ تحمل الإمدادات والمعدات الأساسية، وستضع هذه البعثات الأساس للسكن البشري في المستقبل.
ويتمثل هدف ماسك في إرسال مليون شخص إلى المريخ بحلول منتصف خمسينيات القرن الـ21، وتالياً يهدف هذا الجدول الزمني الطموح إلى إنشاء مستعمرة مكتفية ذاتياً في غضون بضعة عقود.
الإمكانات المتاحة
يعتقد ماسك بأن المريخ يوفر فرصاً فريدة لاستيطان البشر، ويمكن استخدام موارد الكوكب لإنتاج الوقود والأوكسجين ومواد البناء. وبنظره، سيواجه المستعمرون الأوائل على المريخ تحديات كبيرة، بما في ذلك التعرض للإشعاع والموارد المحدودة، ومع ذلك يرى ماسك أن هذه العقبات يمكن التغلب عليها من خلال الابتكار التكنولوجي.
وتتضمن الرؤية طويلة المدى تحويل المريخ إلى أرض صالحة للعيش وجعله شبيهاً أكثر بالأرض، وتشمل هذه العملية إطلاق غازات الاحتباس الحراري لتدفئة الكوكب وزيادة سماكة غلافه الجوي.
وتمتد خطة ماسك إلى ما هو أبعد من المريخ، إذ ينظر إليه على أنه حجر الأساس لمزيد من استكشاف الفضاء وتوسع الحضارة البشرية في جميع أنحاء النظام الشمسي. وتشكل المركبة الفضائية "ستارشيب"، وهي مركبة الجيل التالي من "سبايس إكس"، حجر الزاوية في جهود استعمار المريخ وستستخدم لإنشاء البنية الأساسية بما فيها أنظمة الطاقة ومرافق التصنيع.
وتخطط الشركة لإطلاق عدد كبير من مركبات "ستارشيب" الفضائية في تتابع سريع، مما يؤدي إلى إنشاء شبكة نقل بين الأرض والمريخ، ويسعى نظام النقل بين الكواكب هذا إلى جعل استعمار المريخ مجدياً اقتصادياً ومستداماً.
القدرات الفريدة لمركبة "ستارشيب"
تتميز مركبة "ستارشيب" الفضائية المتجهة إلى المريخ بكثير من الميزات المبتكرة، فتصميمها القابل لإعادة الاستخدام بالكامل يقلل بصورة كبيرة من كلف الإطلاق، ويمكن للمركبة أن تحمل ما يصل إلى 100 راكب أو حمولات شحن كبيرة.
ويستخدم درع الحرارة لمركبة "ستارشيب" بلاطات سداسية يمكنها تحمل عمليات إعادة دخول متعددة، وهذه المتانة ضرورية لمهمات المريخ المتكررة. وتسمح سعة الحمولة الكبيرة للمركبة الفضائية بنقل المعدات والإمدادات الأساسية ويشمل ذلك المواد اللازمة لبناء البنية التحتية وأنظمة دعم الحياة على المريخ.
ويتضمن تصميم المركبة أيضاً ألواحاً شمسية لتوليد الطاقة أثناء السفر بين الكواكب، وستساعد هذه الألواح في دعم أنظمة دعم الحياة ومعدات الاتصالات بالطاقة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إعداد رواد الفضاء
يتطلب تدريب رواد الفضاء لمهمات المريخ جهداً كبيراً ومتعدد الأوجه، وبحسب خطة ماسك سيخضع المرشحون لتدريبات بدنية لتحمل آثار السفر الفضائي الطويل الأمد وسيتدربون في بيئات تشبه المريخ على الأرض لمحاكاة الظروف القاسية للكوكب. ويُعدّ الإعداد النفسي أمراً بالغ الأهمية، إذ يتعين على رواد الفضاء التعامل مع العزلة والحبس لفترات طويلة.
أما تطوير المعدات، فسيركز على إنشاء معدات خفيفة الوزن وموثوقة، إذ يجب أن تحمي بدلات الفضاء المصممة للمريخ من الإشعاع ودرجات الحرارة القصوى مع السماح بالتنقل في الجاذبية المنخفضة للكوكب.
البنية الأساسية على المريخ
إن إنشاء بنية أساسية للسكن على المريخ يتطلب التغلب على الغلاف الجوي الرقيق للكوكب ودرجات الحرارة القصوى، إذ يتكون الغلاف الجوي للمريخ من 95 في المئة من ثاني أكسيد الكربون ويوفر حماية قليلة من الإشعاع، ويجب أن تكون هذه البنية مضغوطة ومحمية للحفاظ على الهواء القابل للتنفس والحماية من الأشعة الكونية.
وسيعتمد توليد الطاقة بصورة كبيرة ضمن خطة ماسك على المصفوفات الشمسية، مع استكمالها بمصادر الطاقة النووية لتحقيق الموثوقية، فيما يُعدّ استخراج المياه من رواسب الجليد على المريخ أولوية لاستدامة الحياة وإنتاج الوقود المحتمل.
ووفقاً للخطة الموضوعة، يجب أن تتغلب أنظمة الاتصالات على التأخير الزمني الكبير بين الأرض والمريخ، ومن المرجح أن تساعد الروبوتات المستقلة في مهمات البناء والصيانة قبل وصول البشر وبعده.
بعثات الاختبار
تهدف "سبايس إكس" إلى بدء بعثات غير مأهولة إلى المريخ باستخدام صاروخها العملاق "ستارشيب" عام 2026، وستختبر هذه الرحلات الأولية قدرات المركبة الفضائية وتجمع بيانات حاسمة للمهمات المستقبلية، وتعمل الشركة حالياً على تحسين مركبة "ستارشيب"، المصممة لتحمل الدخول المتعدد إلى الغلاف الجوي للمريخ.
وتتضمن الأهداف الرئيسة لهذه البعثات الاختبارية إتقان تقنيات الهبوط على المريخ وتقييم أنظمة دعم الحياة واختبار تقنيات استخدام الموارد في الموقع، ومن المرجح أن تجري "سبايس إكس" رحلات عدة غير مأهولة إلى المريخ خلال فترات الإطلاق المواتية التي تحدث كل 26 شهراً تقريباً.
التواريخ المتوقعة للبعثات المأهولة
وصرح إيلون ماسك بأن الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ في وقت مبكر من عام 2028، أي بعد عامين من البعثات غير المأهولة الأولية، ويخضع هذا الجدول الزمني للتغيير بناءً على نجاح الرحلات التجريبية والتقدم التكنولوجي.
وتشمل العوامل المؤثرة في الجدول الزمني للبعثات المأهولة نتائج الرحلات التجريبية غير المأهولة وتطوير أنظمة دعم الحياة وتقدم الحماية من الإشعاع، إلى جانب تقدم بناء البنية الأساسية في المريخ.
الاعتبارات والأخطار الأخلاقية
وبعد أن سردنا تفاصيل خطة ماسك لاستيطان المريخ، نشير إلى أن العبء الجسدي والنفسي الذي تخلفه رحلات المريخ يثير مخاوف أخلاقية، فالتعرض لفترات طويلة من انعدام الجاذبية والإشعاع أثناء الرحلة قد يسبب مشكلات صحية مثل هشاشة العظام وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
وقد يؤدي العزل والحبس في الموطن المريخي إلى تحديات تتعلق بالصحة العقلية للمستعمرين، وتضيف القدرة المحدودة على العودة للأرض ضغوطاً وإمكان نشوب صراعات بينهم.
وبالنسبة إلى التعدين واستخراج الموارد على المريخ، فقد يخلفان تأثيرات غير متوقعة في الكائنات الحية الدقيقة المريخية المحتملة، ويشكل تحقيق التوازن بين الاستكشاف والحفاظ على القيمة العلمية للمريخ اعتباراً أخلاقياً رئيساً.
من جهة أخرى، تمثل الرعاية الطبية الطارئة تحديات فريدة بسبب الموارد المحدودة واستحالة الإخلاء السريع إلى الأرض، وتصبح صيانة المعدات وإصلاحها أمراً بالغ الأهمية، إذ يستغرق وصول قطع الغيار من الأرض أشهراً.