تتطلب البعثات التي تستغرق أشهراً عدة أو أعواماً أساليب متطورة بصورة متزايدة للحفاظ على صحة رواد الفضاء أثناء استكشافهم خارج المدى الأرضي وهو ما أفاد في تطور التطبيب من بعد.
لا يختلف اثنان على أن الفضول الإنساني نحو الفضاء أفاد الحياة على الأرض في مجالات حيوية عدة، أهمها الاتصالات والطقس والطب وغيرها، ورصدت مجلات علمية متخصصة أخيراً أبرز المجالات الحديثة التي كشف عنها هذا الفضول الإنساني للفضاء المجهول والتي من الصعب وصفها بكونها حدثت بالصدفة.
ومع تعمق بعض الدراسات في توضيح أثر هذه المجالات في تحسين جودة الحياة على الأرض، فقد أحصت مجلة علمية ما سمته ثمانية طرق غير بها استكشاف الفضاء الحياة على الكوكب وذلك في مقالة نشر منها أجزاء على منصة (أم أس أن) وهي بوابة "مايكروسوفت نيوز".
الطرق الثمانية
كان استكشاف الفضاء نقطة سحر وإلهام، إذ أسر خيال العلماء والمستكشفين وعامة الناس على حد سواء، وبعيداً من جاذبية المجهول كان لاستكشاف الفضاء تأثير عميق في الحياة على الأرض، فدفع الابتكار التكنولوجي إلى الأمام، وعزز فهمنا الكون وأدى إلى تحسين نوعية الحياة اليومية.
وتعمقت المقالة في بعض الطرق المهمة التي حول بها استكشاف الفضاء عالمنا إلى الأفضل، محاولة توضيح كيف يستمر الفضول الكوني في إفادة البشرية، بحسب مجلة "ديسكفر ويلد ساينس".
الاتصالات
أكدت المجلة العلمية أن تطوير تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية هي واحدة من أكثر الفوائد المباشرة لاستكشاف الفضاء، إذ أحدثت هذه الأجهزة المدارية ثورة في الاتصالات العالمية، مما سهل كل شيء، بدءاً من المكالمات الهاتفية الدولية إلى البث المباشر للأحداث في جميع أنحاء العالم.
وأوضحت أنه من دون التقدم التكنولوجي الذي نتج من ضرورة الحفاظ على الاتصال بين المركبات الفضائية والأرض، لا تكون شبكات الاتصالات العالمية التي يجري الاعتماد عليها اليوم موجودة، وأدى ذلك إلى تحول كبير في حياة البشر اليومية امتد أثره إلى الصناعات والاقتصاد وحتى إلى العلاقات الشخصية، مما أدى إلى تقريب العالم بعضه من بعض.
التنبؤ بالطقس
بدورها، حسنت الأقمار الاصطناعية المخصصة للتنبؤ بالطقس، وهي فرع من تكنولوجيا استكشاف الفضاء دقة وموثوقية التنبؤ بالطقس إلى حد كبير، إذ تراقب هذه الأقمار الاصطناعية مناخ الأرض وتتتبع أنماط الطقس، والأهم من ذلك كله أنها تتنبأ بالكوارث الطبيعية مثل العواصف والأعاصير.
واعتبرت المجلة ومصادر علمية عديدة أن فضول الإنسان نحو الفضاء أسهم بصورة غير مباشرة في إنقاذ آلاف الأرواح من خلال السماح بعمليات الإجلاء في الوقت المناسب، كما قللت هذه التكنولوجيا من الخسائر الاقتصادية التي تنجم عن الاضطرابات المرتبطة بالطقس.
برنامج استكشاف الفضاء الدولي
أصدر فريق التنسيق في برنامج استكشاف الفضاء الدولي قبل أعوام عدة كتيباً صغيراً حول الفوائد الناجمة عن استكشاف الفضاء، واحتوى الفصل الثاني من الكتيب على عناوين عريضة عدة تبين الفوائد الأساس لاستكشاف الفضاء وكيف أسهم هذا الفضول البشري نحو الفضاء في تطوير مفهوم الإبداع لدى الإنسان المعاصر.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وركز الكتيب الذي نسبته مواقع على الإنترنت إلى وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على دور علوم الفضاء في التقدم خصوصاً في العلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى التنمية العالمية للقوى العاملة الفنية في المجال الاقتصادي الموسع، هذا عدا عن نشر ثقافة الإلهام واختراع وسائل جديدة لمواجهة التحديات العالمية.
ملخص تنفيذي
قدم الكتيب ملخصاً تنفيذياً حول هذه الفكرة مؤكداً أن أكثر من 50 عاماً من النشاط البشري في الفضاء أنتج فوائد مجتمعية حسنت نوعية الحياة على الأرض، فتحديات الفضاء وفضول الإنسان في الاستكشاف أثارا معرفة علمية وتكنولوجية جديدة ذات قيمة متأصلة في الجنس البشري، مما أدى إلى فهم أفضل لكوننا والنظام الشمسي الذي نعيش فيه.
ووفرت هذه المعرفة للناس في جميع أنحاء العالم المنتجات والخدمات المفيدة وحلولاً أدت إلى زيادة البراعة في العمل، لذلك توقف الملخص التنفيذي للكتيب مع الأقمار الاصطناعية الأولى المصممة لدراسة البيئة الفضائية واختبار القدرات الأولية في مدى الأرض، التي أسهمت كثيراً في المعرفة والقدرات المهمة لتطوير الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية وتحديد المواقع العالمية والتقدم في مجال التنبؤ بالطقس.
التطبيب من بعد
على رغم كونه مهماً للغاية لنجاح استكشاف الفضاء، قاد ما فعلته وكالات الفضاء للحفاظ على حياة روادها إلى كثير من الابتكارات في هذا المجال منذ بدايته، كان من هذه الابتكارات التي استخدمها رواد الفضاء واقتحمت لاحقاً المجال الطبي على سطح الأرض ما بات يعرف بتقنية التطبيب من بعد.
تتطلب البعثات التي تستغرق أشهراً عدة أو أعواماً أساليب متطورة بصورة متزايدة للحفاظ على صحة رواد الفضاء أثناء استكشافهم خارج المدى الأرضي، ويوفر التطبيب من بعد الرعاية الطبية للمرضى الذين قد يكونون بعيدين من الطب.
ويستخدم الجمهور اليوم قدرات التطبيب من بعد أكثر فأكثر لإرسال الصور التشخيصية إلى الأطباء في مدن أخرى، مما أدى إلى السماح للمرضى في المناطق الريفية بالبقاء في المنزل بينما تراقب ممرضات المستشفيات المعايير الحيوية لهم، مثل معدل ضربات القلب أو ضغط الدم، وإجراء فحوصات طبية تفاعلية وإجراءات التشخيص.
وفي الوقت الحالي يوفر التطبيب من بعد الراحة والكفاءة التي يوفرها الطب المباشر، وأصبح لهذا النوع من الطب فوائد ملموسة للمجتمع حسنت نوعية الحياة للناس في جميع أنحاء العالم.
