يحدث الفتق الحجابي عندما يدخل القسم العلوي من المعدة إلى جوف الصدر عبر فتحة في الحجاب الحاجز. تتمثل وظيفة الحجاب الحاجز في الفصل بين جوفي البطن والصدر. ينتج الفتق عمومًا من دفع عضو أو نسيج ما لمنطقة ضعيفة من الحاجز النسيجي الذي يحتويه عادة. تعد الفتوق آفات شائعة للغاية، ويعد الفتق الحجابي أكثرها شيوعًا.

تنتج الفتوق الحجابية من اندفاع منطقة ضعيفة بالأصل من الحجاب الحاجز، وهي الفتحة التي يعبر فيها المريء وصولًا إلى المعدة. يطلق الأطباء مصطلح الفرجة المريئية على الفوهة السابقة، ومن ذلك يأتي مصطلح الفتق الحجابي أو فتق الفوهة الحجابية. قد يسبب الإجهاد والضغط زيادة اتساع الفوهة بمرور الوقت، ويتطور هذا المرض ببطء على مدى سنوات.

يوجد نوعان أساسيان للفتق الحجابي، وهما الفتق الانزلاقي والفتق جانب المريئي. يعاني معظم المرضى النمط الأول، وهو الفتق الحجابي الانزلاقي، في حين تندرج الأنماط الثلاثة الأخرى تحت الفتق جانب المريئي:

النمط الأول: يُعد الفتق الانزلاقي أكثر أنواع الفتوق الحجابية شيوعًا، إذ يشكل نحو 95% من الحالات. ينزلق الجزء الذي يربط المريء بالمعدة في هذه الحالة عبر الفوهة المتوسعة إلى الأعلى، ثم يعود إلى مكانه مجددًا.

النمط الثاني: تندرج الأنماط الثاني والثالث والرابع جميعًا تحت فئة الفتوق جانب المريئية. يندفع الجزء العلوي من المعدة عبر الفتق ليتوضع بجانب المريء، مشكلًا بذلك انتفاخًا بجانبه. يسمى هذا النمط أيضًا الفتق الحجابي المتدحرج.

النمط الثالث: يتشكل هذا النوع من اجتماع النمطين السابقين معًا. تنزلق منطقة اتصال المريء بالمعدة عبر فوهة الفتق ويبرز جزء آخر من المعدة في منطقة الوصل أحيانًا.

النمط الرابع: يتصف النوع الرابع بأنه الأندر والأعقد. تكون فوهة الفتق في هذه الحالة واسعة بما يكفي لتتسع لعضوين مختلفين. يشمل ذلك المعدة بجانب عضو بطني آخر مثل أحد عروات المعي، أو البنكرياس، أو الطحال.

الفتوق الحجابية شائعة الحدوث، خاصةً مع التقدم في العمر. تصيب الفتوق نحو 20% من سكان الولايات المتحدة، وتبلغ نسبة الإصابة نحو 50% لدى الأشخاص ممن هم أكبر من 50 عامًا، و60% لدى من هم أكبر من 60 عامًا، و70% لدى من تزيد أعمارهم على 70 عامًا.

قد لا يشعر المريض المصاب بالفتق الحجابي الانزلاقي بوجود الفتق. لا يُرى الانتفاخ أيضًا غالبًا من الداخل، على غرار الأنماط الأخرى من الفتوق.

معظم مرضى الفتوق الحجابية لا يواجهون عادةً أي أعراض. حال حدوث أعراض، ترتبط أكثر الأعراض شيوعًا بداء الارتجاع الحمضي المعدي المريئي. تتضمن الأعراض:

لا يعاني جميع مرضى الفتق الحجابي من الارتجاع الحمضي، إضافةً إلى أن الارتجاع الحمضي ينتج من عدد من الأسباب وليس فقط الفتق الحجابي. تشمل بعض علامات الإنذار الأخرى:

قد يشعر المريض بالفتق الحجابي إذا انضغط خلال إجرائه بعض الأنشطة أو في بعض الوضعيات. مثلًا، قد يزيد الانحناء إلى الأمام أو السعال أو حمل الأثقال من ألم الفتوق الحجابية الكبيرة، وقد يدل الألم على تفاقم الفتق.

ينتج الألم في معظم حالات الفتق الحجابي من الارتجاع الحمضي أكثر من الفتق بحد ذاته. يسبب الحمض تهيج المريء، وينتشر بدوره إلى الصدر والبلعوم. قد يشبّه البعض هذا الألم بألم النوبة القلبية.

تنتج الفتوق عمومًا من تشكل فتحة في منطقة ضعيفة من نسيج ما، الذي يفصل عادة بين الأقسام المختلفة من الجسم. يبرز الفتق الحجابي من جهة أخرى من فوهة موجودة بالأصل، وهي الفرجة المريئية، التي تتوسع قليلًا عن حجمها الطبيعي حتى تشكل تلك الآفة.

قد ينتج الضعف في الحجاب الحاجز الذي يشكل الفتق أحيانًا من إصابة معينة أو جراحة أو عيب خلقي، إلا أنه غالبًا ما يحدث بعد سنوات من الإجهاد والضرر المتراكم. أي مرض يزيد من الضغط في جوف البطن قد يسبب تأذي الحجاب الحاجز بمرور الوقت، من العوامل المسببة للحالة:

تتمثل أكثر المشكلات التي يسببها الفتق الحجابي شيوعًا في الارتجاع الحمضي المزمن. تشمل المضاعفات المحتملة التهاب المريء، والتضيق المريئي، ومريء باريت. في حالات نادرة، قد يسبب الفتق الحجابي أيضًا مضاعفات إذا حُشِر عضو داخل الفتق أو ضغط الفتق على نفسه، إذ قد تشمل المضاعفات الانسداد المعدي المعوي، والتهاب المعدة، ونقص تروية الفتق وإفقاره.

تظهر الفتوق الحجابية في فحوصات تصوير المريء والمعدة، إذ قد يكتشفها الأطباء بالصدفة في أثناء بحثهم عن شيء آخر. يبدأ الأطباء الفحوصات التشخيصية باختبار درجة الحموضة المريئية، للتحقق من وجود حمض في المريء.

حال وجوده بالفعل، يتابع المختصون إجراء فحوصات التصوير بحثًا عن السبب.

تشمل الاختبارات المستخدمة لتشخيص الفتق الحجابي:

صورة أشعة سينية للصدر: تستعين صور الأشعة بالإشعاع لأخذ صور ثابتة باللونين الأبيض والأسود لمحتويات جوف الصدر حيث يتوضع المريء.

صورة المريء: تتمثل صورة المريء بفيديو يسجل حركة المريء باستخدام الأشعة السينية، إذ يُسجَّل فيديو بالزمن الفعلي لداخل المريء في أثناء البلع.

تنظير داخلي علوي: يحوي أنبوب جهاز التنظير في نهايته كاميرا تنقل صور مباشرة لداخل المريء والمعدة إلى الشاشة.

قياس الضغط المريئي: يستعين هذا الاختبار بمسبار يدخل إلى المريء لقياس ضغوط عضلاته، ويحول تلك البيانات إلى خريطة ضغوط طوبوغرافية.

لا تتراجع الفتوق عادة، بل قد تزداد سوءًا مع مرور الوقت. لا يعني ذلك أن الفتوق ستسبب مشكلات ومضاعفات أخرى للمريض. قد لا تستدعي الحالة اتخاذ إجراءات علاجية للفتق إذا لم يسبب أي أعراض، إلا أن المرء قد يواجه ازدياد الأعراض شدة وسوءًا بمرور الوقت إذا كان بالأصل يعاني منها. يستطيع المريض غالبًا التحكم في الارتجاع الحمضي بالاستعانة بالأدوية، مع ذلك، وفي الحالات الأشد، قد يحتاج إلى الجراحة.

يبدأ الطبيب التقييم الكامل لطبيعة الفتق والارتجاع الحمضي والأعراض التي يعانيها المريض، لتحديد أفضل أسلوب علاجي طويل الأمد، تتضمن الخيارات العلاجية:

الانتظار والمراقبة: قد لا يحتاج المريض إلى علاج الفتق إن لم يسبب له أي أعراض أو إزعاج، ولكن قد يحتاج الطبيب إلى مراقبة الفتق والتحقق من حالته باستمرار، إذ يزداد اتساعه غالبًا بمرور الوقت.

الأدوية: لا تستطيع الأدوية إيقاف الارتجاع الحمضي، إلا أنها تفيد في تخفيف حموضة المعدة، ما يساعد على تقليل أذية الارتجاع للمريء وتخفيف الآلام المرافقة. تشمل الأدوية مضادات الحموضة التي لا تتطلب وصفة طبية مثل مثبطات مضخة البروتون.

الجراحة: يساعد إجراء جراحي بسيط، يُسمى (طي القاع)، على إصلاح الفتق الحجابي وعلاجه. تشكل الجراحة خيارًا علاجيًا لجميع المرضى، مع عدم حاجة بعضهم إليها. قد يحتاج البعض إلى الخضوع لعملية جراحية في وقت مبكر اضطراريًا أكثر من غيرهم، إذا سبب الفتق أعراضًا ومضاعفات لا تستطيع الأدوية علاجها، أو حال كان للأدوية أعراض جانبية تؤثر في حياة المريض، أو إذا كان الفتق كبيرًا إلى الحد الذي قد يعرض حياة المريض لخطر مضاعفات كبرى.

اقرأ أيضًا:

الفتق المختنق: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الفتق الإربي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: رهف وقاف

تدقيق: نور حمود

المصدر

الفتق الحجابي: الأسباب والعلاج
أعلن في شمرا