أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟

لا توفر الأزمة السورية التي مضى عليها 12 عاماً فرصة في إبهارنا. وهذه المرة يأتي الأمر من أطفال سوريين ولدوا وكبروا قليلاً على عادات معينة ومن ثم عادوا لزيارة وطنهم. فأبهرتهم بعض التفاصيل التي يمارسها الأقارب أو يعيشها السوريون.

ابن أخت “آلاء” القادم من الكويت لزيارة بيت جده في حمص بدا مستغرباً من قواعد الأمان والسلامة في قيادة السيارات. تروي خالته كيف كان يتساءل باستمرار عن السماح له بالجلوس بجانبها في السيارة. فالقوانين في الكويت تمنع جلوس الأطفال دون 12 عاماً بالمقعد الأمامي لضرورات السلامة في حال الحادث.

أما ما أبهره أيضاً هو قدرته ليس فقط على الجلوس جانبها. وإنما عدم وضعه وخالته معاً حزام الأمان الذي يُعَد من أهم قواعد السلامة عالمياً.

تقول “آلاء” إنها لو وضعت الحزام فستكون الحالة الشاذة وسط السيارات في شوارع البلاد. فالغريب في مجتمعنا هذه الأيام هو من يلتزم بقواعد السلامة (روحنا فدا الوطن).

أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟

تبدو الاختلافات كبيرة بين سوريا ودول الجوار حتى لا نقول “أوروبا”، فمثلاً ابن أخ “سنا” التي تروي حكايتها معه، يستغرب من طول انتظار باص البلدية. ويسألها ماهي ساعات وصوله للموقف حتى يأتيا في الوقت المناسب ولعدم انتظاره في هذا الحر الشديد. فالباصات حيث يعيش تأتي ضمن تواقيت محددة ويُكتب على الموقف أو عبر تطبيق يمكن تحميله على الجوال بالدقيقة موعد وصوله إلى كل موقف.

يزداد الأمر غرابة عند الطفل عندما يمتلئ الباص عن بكرة أبيه فلا يبقى له مكان يتنفس فيه. وللأمانة ظاهرة الازدحام المروري ليست حكراً على سوريا ربما لا يجدها السوريون في الخليج لكن يلحظها السوريون في أوروبا. حيث يعج ميترو الأنفاق في أهم عواصم العالم بالركاب الذين يتنقلون واقفين مع فارق أنهم يصلون بسرعة لوجهتهم ليس كباص البلدية في بلادنا.

أما ما يثير ضحك “ربا” وشقيقها الصغير القادم من الإمارات أيضاً هو أن السائق طلب من الطفل نزع حزام الأمان:«هلا بينتبه الشرطي اني مو حاطط حزام أمان وبخالفني».

حفيد “لينا” استغرب واقع الكهرباء في وطنه، وقال مخاطباً جدته:«ليش الليل عندكم غامق، عنا الليل متل النهار».

بدورها تحدثت “أماني” عن موضوع الالتزام بالدور، فتطرقت لقصة حدثت معها على الحدود، عند قيام البعض بتجاوزه، ما أثار غضب ابنها الذي حاول أن يوضح لهم أن على الجميع الالتزام به.

بينما صديقة “فرح” القادمة من الخارج لقضاء إجازتها في “حمص” وعند تناولها لكأس من النسكافيه. فإنها بقيت حاملة إياه طوال شارع “الدبلان” لأنها لم تجد سلة مهملات ترميه فيها!.

تُظهر هذه الحوادث اختلاف البيئات التي يعيش فيها السوريون بين الداخل والخارج، وربما تؤثر سلباً على علاقة الطفل السوري بوطنه الذي يرتبط به بعادات وقواعد تختلف عما نشأ عليه.

الأخصائية النفسية “ريم يحيى” تدعو للصراحة مع الأطفال في هكذا حوادث وعدم المراوغة في الإجابة لكي لا يقعوا ضحية فجوة فكرية بين الصواب والخطأ.

ربما من المفيد أن نتأثر بالعادات السليمة لأطفالنا العائدين من الغربة وليس أن نجعلهم يتأثرون بعادتنا فبالتأكيد نحن نحتاج للعودة إلى قواعد ربما تسببت الحرب في نسيان بعضها.

حفيد لينا استغرب واقع الكهرباء في وطنه، وقال مخاطباً جدته:«ليش الليل عندكم غامق، عنا الليل متل النهار».

تشير “يحيى” إلى وجوب التأكيد على الأطفال أن القانون في سوريا يَفرُض وضع حزام الأمان حفاظاً على السلامة. والتوضيح لهم أن الأمر يعود للناس الذين يستهترون بالالتزام به. وأن هذا تصرف فردي ولايجب أن يكون حالة عامة.

كما تنصح “يحيى” المُحيطين بالطفل الالتزام بما اعتاد عليه فهو الحل الأفضل في مثل هذه الحالة. وتضيف نفضل عدم إثارة انتباهه في حال لم يلحظ ما يخالف سلوكياته.

أسباب هذه الفروقات والاختلافات عائد للتربية أساساً واختلاف التعامل مع مفهومي الصح والخطأ بحسب “يحيى”. وتضيف «طبيعتنا نعتمد على تعليم الطفل واجباته من خلال سياسة الثواب والعقاب، ليلجأ الطفل لممارسة الصح خوفاً من العقاب وليس لأنه يعلم أضرار ممارسة الأمر الخاطئ».

قد تبدو هذه القصص للبعض رفاهية في ظل الظروف الحالية لكنها ربما تعكس حاجتنا لإعادة التفكير بواقعنا. والقواعد التي نسير عليها في مجتمعاتنا وحتى التي نُربّي أطفالنا عليها حتى لا يكون أبناؤنا مغتربون في وطنهم ولا تعاني أجيالنا الناشئة في البلاد من فوارق حضارية مع دول الجوار تجعلنا متأخرين عنهم كثيراً.

أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أطفال عائدون من الغربة إلى حضن الوطن.. ماذا أبهرهم؟
أعلن في شمرا